تصعيد التهديد النووي بين الغرب وروسيا

حسناء بو حرفوش

هل انتقل الغزو الروسي لأوكرانيا إلى مرحلة جديدة؟ حسب قراءة على موقع “أكسيوس” (axios) الإلكتروني الأميركي، اتخذ الغزو حتى نهاية الأسبوع، شكلا تقليديا للغاية ولا يحمل الكثير من المفاجآت مع طوابير الدبابات وأسرى الحرب وقصف المباني. لكن المواجهة لم تعد على حالها بعد تلويح كل من روسيا والغرب باللجوء إلى خياراتهما النووية حتى ولو لم يعنِ ذلك استخدام النووي في الواقع.

لماذا يهم ذلك؟ قد تكون المخاطر أكبر بكثير الآن. فالأمر لم يعد يتعلق بأوكرانيا فقط. بل تحولت المعركة إلى مواجهة شاملة بين القوى النووية. وفي حال استمر الصراع في التصعيد بالوتيرة عينها كما في الأيام الأخيرة، فقد يتحول ما لا يمكن تصوره إلى حقيقة واقعة. وعلى الرغم من أن الغرب لم يتكلم عن سلاح نووي إلا أنه استخدم ما اسماه بـ”الخيار النووي”. فأي خيار هذا؟ يشير هذا الخيار إلى عزل روسيا عن النظام المالي الدولي في الأيام الأخيرة وهذا ما قامت به بعض الدول بالفعل، لا بل وأكثر من ذلك، ستتسبب الإجراءات الغربية بالتالي:

– لقد فقدت أكبر البنوك الروسية حاليا بالفعل قدرتها على العمل ضمن النظام المالي القائم على الدولار، في أعقاب الإجراءات التي اتخذتها وزارة الخزانة الخميس.

– ستعاني البنوك الروسية بشدة من عدم القدرة على التعامل بسهولة بالدولار واليورو عندما يتم استبعادها من نظام “سويفت” (SWIFT)، وهو نظام الرسائل المالية الدولي الذي يدعم جميع التحويلات المالية الدولية تقريبا.

– لن يتمكن البنك المركزي الروسي من دعم الروبل في حال جمّدت حساباته بالدولار واليورو.

ومع ذلك، هناك مواطن ضعف في الإجراءات الغربية. فالغرب لا يعاقب موسكو في ما يتعلق بتصدير الطاقة الروسية. ومع ذلك، نقل عن إدوارد فيشمان، الذي شغل منصب رفيع المستوى في وزارة الخارجية الأميركية خلال إدارة الرئيس الأميركي السابق، باراك أوباما، قوله أنه “في حال توقفت روسيا عن بيع نفطها وغازها، فسيشهد العالم نهاية روسيا كما نعرفها. كما أنه سيظل مسموحًا لروسيا بشراء المواد الغذائية والمستلزمات الطبية وما شابه”. ويعلق فيشمان على ذلك بالقول إن “العقوبات لن تقتل أحدا”.

وعلى الرغم من أن الغرب وعد بفرض ما يوازي ماليا، “ضربة نووية”، كما يسطّر ديفيد فروم، كاتب خطابات الرئيس الأميركي السابق جورج بوش الإبن، لم يحدث ذلك بعد. ولم يتم الإفراج عن تفاصيل العقوبات الجديدة بعد، وليس من الواضح ما الذي سيكون ساري المفعول بالفعل. وفي المقلب الروسي، أتى رد بوتين على إعلان العقوبات، وعلى ما أسماه “التصريحات العدوانية” من الغرب، بوضع قواته النووية في “نظام خاص للواجبات القتالية”.

الرسالة الواضحة للغاية: بوتين يهدّد بضربة نووية خاصة، من دون أن يحدد التوقيت أو المكان المحتمل لمثل هذه الضربة. خلاصة القول أن الخطر قد وقع الآن وأن المخاطر الوجودية عالية في هذه الفترة.

ووصل المسؤولون الأوكرانيون والروس إلى الحدود الأوكرانية البيلاروسية لإجراء محادثات سلام الاثنين، حيث حذر الرئيس فولوديمير زيلينسكي في اليوم الخامس من الغزو من أن الساعات الأربع والعشرين المقبلة ستكون “حاسمة” لمصير أوكرانيا. ودعا مكتب زيلينسكي إلى “وقف فوري لإطلاق النار وسحب القوات من أوكرانيا” في الوقت الذي توجه العديد من المسؤولين الأوكرانيين رفيعي المستوى إلى المحادثات، لكنه أعرب عن القليل من التفاؤل بأن المفاوضات ستؤدي إلى إنهاء الهجوم.

وفي آخر المستجدات على الساحة، سُمِع دوي انفجارات في كييف بينما يستمر الجيش الروسي بالضغط على العاصمة الأوكرانية، كما سُمع أصوات صفارات الإنذار في عدة مدن الاثنين بعد أنباء عن ليلة من قصف القوات الروسية لمدينتي تشيرنيهيف وخاركييف. وبالتزامن مع انطلاق المسؤولين الأوكرانيين والروس للاستعداد للمحادثات، أصدرت وزارة الدفاع البريطانية بيانا قالت فيه إن المخابرات البريطانية تدعم مزاعم القوات الأوكرانية بأنها “أبطأت” هجوم روسيا، مضيفة بأن الإخفاقات اللوجيستية الروسية مستمرة وأن المقاومة الأوكرانية القوية تؤدي الى احباط التقدم الروسي”.

شارك المقال