باسيل يلعب بالنظام… لتحريك صندوق الاقتراع

هيام طوق
هيام طوق

يتوقف أحد الدستوريين والسياسيين والمثقفين عند مواقف النائب جبران باسيل التي تسير بالتوالي والتوازي مع مصالحه الخاصة، وتتبدل بين تصريح وآخر بحسب ما تشتهيه رياح شعبوية “التيار البرتقالي” المتهالكة، وذلك بالتكافل والتضامن مع مقتضيات المرحلة وعناوينها.

منذ أيام، وخلال مؤتمر إطلاق مشروع وثيقة “لبنان المدني” الذي نظمه “التيار الوطني الحر”، قال باسيل: “نحن في التيار الوطني الحر مؤمنون بوحدة لبنان، وبأن الحياة معاً يجب أن تبقى خيار اللبنانيين وليس قدرهم فقط. نحن مقتنعون بأن فشل الدولة سببه سوء النظام وبأن الحلول لأزماته تكمن في إصلاحه وليس بفسخ العقد الإجتماعي بيننا. وطننا على مفترق حقيقي، ففشل النظام صار مصدراً للانحلال، أما إصلاحه فسيكون سبيلاً للنهوض ويستلزم وعياً وإرادة وعملاً مشتركاً”.

وتعهد في الخطاب نفسه بـ “أن يكون همنا في المجلس النيابي المقبل ترسيخ الدولة المدنية من خلال استكمال تطبيق الوثيقة وتطويرها بحيث تصبح ميثاقاً وليد إرادة اللبنانيين وليس فقط وثيقة فرضتها في حينه معادلات وموازين خارجية”.

هذا الكلام رأى فيه كثيرون الى جانب التناقض الذي تجلى في المطالبة بإصلاح النظام أو تغييره ثم ليعود ويشدد على استكمال تطبيق الوثيقة، أنه يأتي خارج الاطار لحرف النظر عن الواقع عشية الانتخابات النيابية وليظهر بدور البطل في فيلم أقرب الى الخيال منه الى الحقيقة حسب مصدر سياسي لـ “لبنان الكبير” الذي اختصر أهداف التصريحات الباسيلية، بالقول: “البحث عن هذا الدواء لا يشفي من هذا الداء”.

وأكد المصدر أن “العلة ليست في النظام أو الدستور أو الطائف انما في الأشخاص الذين لم يتقيدوا بتطبيقه لا من ناحية حصرية السلاح ولا لناحية احترام الصلاحيات والمهل الدستورية وغيرها الكثير من البنود التي لم تطبق لأهداف مصلحية”، مشدداً على أن “التيار الوطني الحر ان كان صافي النية في تغيير النظام يضع نصب عينيه هدفاً وحيداً وهو مشاركة حزب الله في حكم البلد، لكن يبقى السؤال هنا: هل التيار مقتنع بأن أي نظام جديد سيكون لمصلحته في ظل موازين القوى والديموغرافية القائمة حالياً؟ وهل هو على ثقة بأن الحزب سيتشارك معه الحكم فيما لو حصل سيناريو التغيير؟ انها لسذاجة في تبسيط الأمور الى هذا الحد، وليس على التيار البرتقالي سوى قراءة المواقف لأخذ العبر”.

درباس: العلة في إزدواجية السلطة وليست في الدستور

قال الوزير السابق رشيد درباس: “نمزق الدستور مئة مرة في اليوم، ونقول اننا نريد تغييره في الممارسة ونعود لنقول ان العلة في النظام. العلة ليست في النظام أو الدستور. وأنا لست بوارد الدفاع عن الدستور أو النظام أو الطائف، لكن لنسأل بصراحة: العلة في الدستور أو في ازدواجية السلطة؟ العلة في الدستور أو في هيمنة حزب الله على البلد؟ هناك دولة شكلية، وكل كلام من هذا القبيل هو للتمويه”.

وأشار الى “أنهم غيّروا قوانين انتخابية لتأتي على قدر مصالحهم، لكن النظام الموجود هو نظام ديموقراطي لا يمكن تغييره والا يتحول الى ديكتاتوري”، معتبراً أن طموحات “التيار البرتقالي” هي “أن يشارك الحزب في حكم البلد، وهذا الطموح غبي لأن الحزب لن يسمح لأحد بمشاركته، والدليل على ذلك ما قاله مؤخراً النائب محمد رعد عن ترسيم الحدود، وردود الفعل على تصريح وزير الخارجية عن الحرب على أوكرانيا. ذلك يعني أن الحزب يقول ان القرارات السيادية تعود له وليس لرئيس الجمهورية أو لرئيس الحكومة أو لوزير الخارجية. كفى ضحكاً على عقول الناس وحرف الأنظار عن الحقيقة”.

ورأى أن “المشكلة لدينا أن القامات صغيرة ويريدون تغيير النظام على قدر هذه القامات”، لافتاً الى “تصريحات باسيل المتناقضة خلال فترة قصيرة. فمشكلة باسيل أن الفرص التي أتيحت له كبيرة، ورأى أن الوليمة كبيرة ولم ينتبه الى أن معدته لا يمكنها أن تهضم هذا الكم من المأكولات في الوقت نفسه، وبالتالي سيعاني من عسر هضم وانتفاخ”.

وشدد على أن “من يكون مشروعه وهدفه الوصول الى السلطة وانعدام المشروع المستقبلي، يصبح سلطوياً. السلطة هي للخدمة وفقاً لرؤية وبرنامج، لكن أن يصل أحدهم الى السلطة ويعتبر كل الناس في خدمته، فهذا هو التسلط والاستبداد”.

مالك: تصريحات باسيل فقاعات لذر الرماد في العيون

أكد الخبير الدستوري سعيد مالك أن “ما يدلي به الوزير باسيل من فقاعات لا يهدف الا الى ذر الرماد في العيون. باسيل يسعى الى خلط الحابل بالنابل من دون معرفة المصير والى أي اتجاه يمكن أن تذهب الأمور”، مشدداً على أن “الثابت والأكيد هو أن موضوع تغيير النظام واستبداله أمر بحاجة الى اتفاق سياسي والى مناخ مؤات، ولا يمكن الذهاب باتجاه طرح شعارات وعناوين عريضة وفضفاضة لا تخدم الحقيقة والواقع”.

أضاف: “موضوع تغيير النظام بحاجة أولاً، الى ارادة سياسية، وثانياً، الى اتفاق سياسي اضافة الى مناخ مؤات بحيث ليس بالامكان البحث في نظام آخر للبنان تحت وطأة السلاح وتحديداً سلاح حزب الله لأن منطق الغلبة لا يمكن أن يكون هو السائد في مفاصل كهذه من الحياة الوطنية. وبالتالي، موضوع تغيير النظام غير قابل للطرح لا من قريب ولا من بعيد في ظل وجود السلاح بيد فريق دون آخر، وفي ظل مصادرة قرارات الدولة. وليس بالامكان البحث عن أي نظام آخر بديل الا ضمن ظروف مؤاتية وبعد استعادة سيادة البلد وتحريره من كل نير أو تأثير”.

واعتبر أن “هذه التصريحات تصب في خانة الدعايات الانتخابية، ومحاولة استرضاء أفرقاء كما تهدف الى التعمية حول حقيقة واقع باسيل وما يمثل”.

وأشار الى أن “التناقض في التصريح نفسه دليل ساطع على أن باسيل يسعى الى استرضاء أفرقاء محددين من أجل غايات انتخابية وأهداف مشبوهة أما على أرض الواقع، فهذا الأمر غير قابل للبحث حالياً”. وقال: “لكي ندرك ان كان النظام الحالي صالحاً يقتضي أولاً تطبيقه بكليته لاسيما لجهة السيادة وحصر السلاح بيد الجيش اللبناني دون سواه من الأفرقاء.”

شارك المقال