“حزب الله” يرهن بعبدا للترسيم الأميركي؟

هيام طوق
هيام طوق

على وقع المفاوضات والتسويات والمحادثات الاقليمية والدولية، وبالتوازي مع اشتعال الحرب الروسية – الأوكرانية، يبدو أن ملف ترسيم الحدود البحرية اللبنانية يسير على نار حامية، بحيث أشارت معلومات الى أن الوسيط الأميركي آموس هوكشتاين سيزور بيروت قريباً، ما اعتبره الخبراء والمعنيون إشارة ايجابية مشجعة الى اعادة إستئناف المفاوضات خاصة وأن اسرائيل بحاجة اليوم أكثر من أي وقت مضى للتوصل الى اتفاق للبدء بعملية التنقيب عن الغاز في ظل الأزمة الأوروبية، ولكن على لبنان الافادة من هذه الأجواء والمعطيات لتحسين ظروف التفاوض والحصول على أكبر قدر ممكن من الحصص المتنازع عليها.

منذ أيام قليلة، سلمت السفيرة الأميركية في لبنان دوروثي شيا رسالة خطية من الوسيط الأميركي لكل من رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي، وتضمنت استمرار الاستعداد الأميركي للتعاون مع لبنان في سبيل إنجاز ترسيم حدوده، وأهمية الافادة من الأزمات العالمية على صعيد الطاقة والغاز، وأن الولايات المتحدة الأميركية مستعدة لمساندة لبنان للبدء بعملية التنقيب.

وبين من يؤكد أن المعطيات تشير الى أن زيارة هوكشتاين أصبحت قريبة، تلفت مصادر مطلعة الى أن الزيارة لن تتم قبل أن تتضح الرؤى، ويعدّ لبنان رداً واحداً موحداً في شأن الترسيم، لا سيما بعد التصريح الذي أدلى به النائب محمد رعد “بأننا سنبقي غازنا مدفوناً في مياهنا الى أن نستطيع منع الاسرائيلي من أن يمد يده على قطرة ماء من مياهنا”، فيما أكد رئيس الجمهورية أن من صلاحياته الدستورية التفاوض في الاتفاقات الدولية التي يبرمها مع رئيس الحكومة ومجلسي الوزراء والنواب .

وينطلق هوكشتاين في اقتراحه لعملية الترسيم خلال الزيارة الأخيرة الى لبنان من اعتماد الخطّ 23 بحيث يحصل لبنان على حقل قانا كاملاً مقابل اقتطاع مساحة لبنانية من المياه الخالية من الثروة النفطية، وهكذا، تبلغ المساحة المقترحة للبنان 860 كلم مربع.

وكعادتهم، ينقسم اللبنانيون حول الملفات كافة التي تتأثر بشكل كبير بالتطورات الاقليمية والدولية، إذ يؤكد مصدر معارض لـ”الثنائي الشيعي” أن “مسار القضايا والملفات تبدل وتغير خاصة بعد الحرب الأوكرانية – الروسية، وما كان مستحيلاً بالأمس بات اليوم ممكناً، وبالتالي نحن في مرحلة خلط أوراق”، مشيراً الى “اضطرار ايران للتكيف مع معادلة دولية جديدة بدأت تتبلور في المشهد الأوكراني – الروسي، وبالتالي، فإن روسيا منغمسة في الحرب ومشغولة بهمومها وشؤونها، في حين أن الأوروبيين موحدون مما يفقد طهران عامل السند الخارجي في مواقفها والذي تستعين به في المفاوضات النووية في فيينا”.

ويضيف: “منذ مدة غاب الكلام عن مفاوضات النووي في وقت كثر فيه الكلام عن الحركة الأميركية باتجاه ترسيم الحدود البحرية، وترافق ذلك مع ضغط من حزب الله لإلزام حركة أمل بربط النزاع مع التيار العوني انتخابياً. من حيث المبدأ، بعد كلام النائب رعد ثم رد رئيس الجمهورية عليه، يبدو وكأن حزب الله الذي هو الحليف الأول للتيار يقول ان ملف الترسيم أصبح عندي. وترافق ذلك مع حركة أميركية تجاه لبنان وتجاه رئيس الجمهورية الذي يهمه ترميم صهره جبران باسيل سياسياً وأخلاقياً”.

في المقابل، يؤكد مصدر مقرب من “الثنائي الشيعي” أن “العرض الذي قدمه هوكشتاين مرفوض، وحزب الله أبلغ رئيس الجمهورية أن الصفقات في موضوع الترسيم لن يكتب لها النجاح، وبالتالي، اذا كان موقف الحزب خلف الدولة في مسألة الترسيم فهذا لا يعني القبول بالتنازل عن الحقوق”.

ويشدد المصدر على أن “ترسيم الحدود ليس مرتبطاً بموقف هوكشتاين أو رئيس الجمهورية انما بموقف المقاومة في لبنان. وكلام النائب رعد هو رد على طرح هوكشتاين وعلى ما تم تسريبه عن صفقة حصلت بينه وبين رئيس الجمهورية”، لافتاً الى أن “ما قاله النائب رعد يوحي بأنّ الحزب يؤيّد التفاوض على أساس الخط 29 خاصة بعد الحملة التي رافقت اعلان الرئيس عون التراجع عن مواقفه السابقة باعتماد الخط ٢٣ بدل الخط ٢٩”.

ويرى أن “سياق التفاوض الحالي لا يطمئن الثنائي الشيعي، ولا بدّ من اعتماد معايير علمية وتقنية في تحديد الخطوط، والثنائي يثق بالجيش اللبناني وفريقه المفاوض”، مرجحاً أن تكون زيارة هوكشتاين الى لبنان، خلال أسابيع “وهذا لا يعني أن هناك اتفاقاً نهائياً تمّ”.

من جهة ثانية، يقول العميد جورج نادر: “أصبح من المؤكد أن هناك صفقة في ملف ترسيم الحدود البحرية، والتنازل عن حقوق لبنان من أجل مصلحة النائب باسيل الذي سافر الى ألمانيا ليلتقي هوكشتاين، غير مقبول”. ويشير الى أن “الصفقة ايرانية – أميركية على حساب لبنان الخاصرة الأضعف، ويوافق عليها الجميع، ولا يمكن تصديق ما يتم التصريح به في العلن. ونحن على ثقة بأن رئيس الجمهورية لا يقوم بمثل هذه الخطوة اذا لم يوافق عليها الثنائي الشيعي”.

ويضيف: “من صلاحية رئيس الجمهورية أن يقود المفاوضات التي تفرض بعض التنازل من قبل طرفي التفاوض وليس من قبل طرف واحد”. ويوضح أن “الخط 23 رسم بطريقة خاطئة سنة 2009، والخط القانوني الوحيد الذي يجب اعتماده لانطلاق التفاوض هو الخط 29 الذي ينطلق من رأس الناقورة مع العلم أن كل البيانات تشير الى أن حدودنا عند الخط 29، والجيش اللبناني الأحرص على حدود الوطن يعتمد هذا الخط في التفاوض”.

شارك المقال