هل تتراجع الصين عن غزو تايوان بسبب أوكرانيا؟

حسناء بو حرفوش

هل تعيد الصين التفكير في حساباتها؟ على الرغم من قدرة هذا العملاق على غزو تايوان، إلا أن ما يحصل في أوكرانيا في ظل الغزو الروسي قد يعني أن تكاليف الحرب قد تتخطى بأضعاف الأرباح المحتملة.

وحسب قراءة على موقع “19fortyfive” الإلكتروني، قد تتعلم الصين من التطورات في أوكرانيا أن “الاستيلاء على تايوان قد يكون أصعب مما تعتقد. وقد دار سابقا الحديث عن أن غزو روسيا لأوكرانيا قد يشجع الصين على التفكير بالاستيلاء على الأراضي التايوانية. وتمثل تايوان وأوكرانيا في الواقع مواضع جيوسياسية مماثلة. فكلاهما منشق عن دولة جارة كبيرة وكلاهما يتطلع إلى الولايات المتحدة والديموقراطيات الأخرى للحصول على المساعدة، على الرغم من الافتقار للتحالفات الرسمية.

علاوة على ذلك، يتبنى العالم الديموقراطي تجاه كليهما موقفا أقرب ما يكون إلى “الغموض الاستراتيجي”. ولا يمكن لأي منهما التأكد من أن الديموقراطيات ستهب للمساعدة في حال الحرب. ويقول المنطق أن هذا الغموض سيثبط التدخل المباشر من قبل الصين وروسيا. وفي الوقت عينه، سعت الديموقراطيات إلى تطوير قدرة دولة قوية وقدرات عسكرية في أوكرانيا وتايوان، لتحسين قدرتها على الدفاع عن نفسها ومن الناحية المثالية، لردع روسيا و / أو هجوم الصين.

وبما أن هناك تحليلات تفترض أن الصين ستتعلم من هجوم روسيا أنها قادرة على مهاجمة تايوان أيضا، تبقى هناك دروس بديلة أكثر عملية مستمدة من المسار الفعلي للحرب وليس من نظرية الردع: من الواضح أن الرئيس الروسي بوتين توقع حربا خاطفة ونصرًا سريعا يليه انسحاب سريع. لكن بدلا من ذلك، اصطدم بجدار من المقاومة القومية الشرسة والقيادة الملهمة. وكسب الأوكرانيون الرأي العام العالمي بشجاعة على الرغم من الصعاب كما أصبح الرئيس الأوكراني من المشاهير، عدا عن الجهد العالمي لمساعدة أوكرانيا على خوض الحرب.

ويجب على الصين أخذ ذلك في الاعتبار، لأن كل هذا ينطبق على تايوان أيضا بشكل شبه مؤكد. ويجزم بعض المحللين أن الأداء التكتيكي الضعيف للجيش الروسي بمثابة صدمة، مع التركيز على اللوم لناحية المعنويات المنخفضة والخدمات اللوجيستية الرهيبة، خصوصا في القيادة الشمالية في كييف. وركز كثر على ارتباك المجندين حول ما يفعلونه في الحرب وتركهم مركباتهم والاعتماد المتزايد على المرتزقة.

وفي ذلك مجددا تشابه كبير مع الصين. فجيش التحرير الشعبي يشارك في اقتصاد الصين الربحي بطريقة نراها غالبا ضمن جيوش العالم الثالث. كما أن الإنفاق الضخم على التحديث، كما توضح روسيا، أقل قيمة بكثير من الجيش المحترف مع لوجيستيات عميقة. وفي الحالة الصينية، هذه الوظيفة يعتبر التحضير اللوجيستي الدولي أكثر أهمية مما هو عليه في أوكرانيا، لأن الصين ستحتاج إلى تنفيذ أكثر العمليات البرمائية تعقيدا منذ العام 1944 من أجل الدخول بقوة كافية إلى تايوان.

عقوبات واسعة النطاق

يضاف إلى ما سبق توسع تطويق العالم الديموقراطي للعقوبات حول روسيا بسرعة ملحوظة. فقد تقلص وصول روسيا إلى نظام “سويفت” وقد تفقد أسواق النفط الغربية قريبا قيمة عملتها. كما يتسارع هروب رأس المال. وعلى الرغم من أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين سيربح حربه على الأرجح، إلا أنه سيتكبد نصرا باهظ الثمن. فروسيا تواجه العزلة عن الاقتصاد العالمي، وربما حتى خروج بوتين من السلطة. وسوف يتراجع النمو الاقتصادي الروسي إلى الوراء لمدة عقد أو أكثر. كما سوف يتسارع هروب رأس المال البشري؛ وقد يفر الروس بالموارد والمهارات. وسيتعذر الوصول إلى التقنيات الأجنبية المطلوبة. ثم ستصبح روسيا أكثر اعتمادا على صادرات الموارد الطبيعية. وسيجد بوتين أن الصين، المشتري الكبير الوحيد المتبقي له، ستصر على أسعار منخفضة للغاية. ولن يتمكن بوتين نفسه من مغادرة بلاده مرة أخرى، حتى أنه قد يواجه محاكمة جرائم حرب.

يبدو هذا السيناريو مرجحا للغاية أيضا إذا هاجمت الصين تايوان. بطبيعة الحال، من المحتمل أن تفوز الصين أيضا. ويعني الثقل الهائل للقوة الصينية أنها تستطيع قصف الجزيرة إذا لزم الأمر للفوز، تمامًا كما يهاجم بوتين الآن المدن الأوكرانية. لكن من شأن كل ذلك أن يؤدي على الأرجح إلى قطع صارم للصين عن الاقتصاد العالمي. وتماما كروسيا، لا تزال الصين بحاجة إلى الوصول إلى الأسواق الغربية لدعم نموها والوصول إلى التقنيات المستقبلية الهامة. ويعمل الرئيس الصيني شي على فك ارتباط الصين بهذه الأسواق لجعل بلاده أكثر اكتفاء على المستوى الذاتي، لكن هذا سيستغرق وقتا، وفي اقتصاد معولم حيث تنتشر التقنيات والموارد الجديدة في جميع أنحاء العالم، ليس من الواضح كم يمكن للصين الحفاظ على معدلات النمو.

وبالتالي، يمكن لأوكرانيا أن تشكل نموذجا صارخا للصين حيث يمكنها فقط الاستيلاء على تايوان. لكن بعد أسبوعين من الأخطاء الروسية والعزل السريع لموسكو عن الاقتصاد العالمي، يبقى الدرس الأكثر دقة الذي يمكن استخلاصه هو الحذر”.

شارك المقال