بوتين أمام خيارات صعبة: إنهاء الحرب أو الهجوم على الناتو؟

حسناء بو حرفوش

يواجه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خيارات صعبة: عندما أعلن بدء غزوه لأوكرانيا، شن الهجوم من دون الاعتراف بأن جيشه سوف يغزو أراض ذات سيادة. وبمجرد أن وقع مرسوم الاعلان عن استقلال منطقتين شرقيتين في أوكرانيا (دونيتسك ولوهانسك)، أخبر العالم أنه أطلق “عملية عسكرية خاصة” ادعى ربطها بمهمة حفظ السلام في تلك المناطق.

ولكن جهود بوتين لجذب المخاوف الليبرالية بشأن النازية الجديدة والتفوق الأبيض في أوروبا الغربية والولايات المتحدة سرعان ما فشلت حسب تحليل أميركي، واتهم المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف الولايات المتحدة الأربعاء بالانخراط في “حرب معادية” و “حرب اقتصادية” ضد روسيا، مسطراً “أن الوضع في أسواق الطاقة يتطور بشكل مضطرب إلى حد ما، ولا نعرف إلى أي مدى سيصل هذا الاضطراب”.

وتأتي هذه التصريحات بعد ادعاء سابق ربط عقوبات الطاقة ضد روسيا بأضرار أكبر للأميركيين مقارنة بما هو الوضع بالنسبة الى موسكو، حيث بدأ حظر استيراد جميع الغاز والنفط والطاقة الروسية إلى الولايات المتحدة. وبينما تشتري الولايات المتحدة ما يقرب من 1٪ فقط من النفط والغاز الطبيعي الروسي، سيبقى التأثير كبيراً، خاصة إذا اتبعت المملكة المتحدة الاقتراح القائل باتباع المثال الأميركي وتنفيذ حظر مماثل.

كيف سيرد الكرملين؟

يمكن لروسيا الرد بطرق عدة، اعتماداً على التزام الرئيس بوتين بغزو أوكرانيا. إذا استمرت روسيا في هذا المسار، فقد ترد الولايات المتحدة وأوروبا بطريقتين، عسكرية أو اقتصادية. وهدد نائب رئيس الوزراء الروسي ألكسندر نوفاك يوم الاثنين بقطع إمدادات النفط والغاز الطبيعي عن أوروبا، التي تستهلك حوالي 500 مليار متر مكعب من الغاز سنوياً، وتؤمن روسيا 40% من هذه الكمية. وقال نوفاك في بيان: “إن روسيا ليست سوى شريك موثوق به لعقود عديدة، إضافة إلى تأمينها 80 مليون طن إضافية من البتروكيماويات”.

وحذر نوفاك من أن قطع الامدادات الروسية سيضر بالمستهلكين الأوروبيين أكثر من أي شخص آخر. وأشار إلى أن روسيا تعرف بالفعل أين يمكنها “إعادة توجيه هذه الكميات”، على الأرجح إلى آسيا ومنطقة أوقيانوسيا، التي تستهلك ما يقرب من 42٪ من النفط الروسي، أو إلى البلدان الأوروبية والأوروبية الآسيوية غير الأعضاء في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، والتي تستهلك نسبة تعادل حوالي 9٪. وبالطبع، قد يرد الكرملين عسكرياً أيضاً، وبالتأكيد توفر تعليقات ديمتري بيسكوف الذريعة التي قد يرغب بوتين في استخدامها لتبرير مثل هذا الهجوم. وقد تنهي روسيا ببساطة الحرب في أوكرانيا، وهو احتمال يُفترض أن الرئيس جو بايدن والقادة الغربيون الآخرون يعتمدون عليه.

فنزويلا في الواجهة؟

بحسب قراءة في موقع مجلة “تايم” الالكترونية الأميركية، “تقضي المهمة باستبدال النفط الخام الروسي، ولكن بما أن البدائل قد تزيد من التوترات، تتطلب التداعيات امكان إعادة التفكير في السياسة الخارجية للولايات المتحدة واستمرار تحفظ الشرق الأوسط في ما يتعلق بالصراعات المجمدة في المنطقة. وبعيداً من حلفاء النفط الأميركيين التقليديين في الخليج، فان استئناف الاتفاق النووي الإيراني، الذي يُحتمل أن يكون مطروحاً على الطاولة والذي قد يتعثر بسبب العقبات ذات الصلة والمتعلقة بروسيا، يمكن أن يضيف أيضاً حوالي 700 ألف برميل في اليوم من إمدادات النفط الخام الجديدة إلى السوق خلال اليوم التالي. ويبلغ متوسط صادرات الخام الايراني 800 ألف برميل في اليوم حالياً ويمكن أن يرتفع إلى 1.5 مليون في حالة إبرام صفقة. كما يبحث فريق بايدن عن تحسن في العلاقات مع فنزويلا في عهد (نيكولاس) مادورو، مرة أخرى ظاهرياً على أمل الحصول على مزيد من النفط.

وفي حين أن العلاقات الأفضل مع فنزويلا قد تكون مهمة لمنع روسيا من تثبيت أنظمة الأسلحة هناك، فان النتيجة النفطية المفيدة أقل وضوحاً لأن المنشآت النفطية في البلاد تضررت بشدة بسبب الاهمال وسوء الادارة والنهب. وتعافى إنتاج النفط الخام في البلاد مؤخراً إلى 600 ألف برميل في اليوم، ولكن تجاوز ذلك سيستغرق وقتاً وسيتطلب مليارات الدولارات. وكانت صحيفة “وول ستريت جورنال” قد ذكرت أن فنزويلا تمتلك مخزوناً من النفط يمكن بيعه على الفور كجزء من أي صفقة. وكانت إدارة بايدن قد سهلت بالفعل عودة شيفرون إلى مشروع النفط الثقيل في فنزويلا عندما تولت السلطة بموجب إعفاء خاص من العقوبات. وهذا يعني أن فريق بايدن قد يكون أفضل حالاً في الضغط على صناعات النفط في الولايات المتحدة وكندا اللتين تمتلكان الكثير من موارد الصخر الزيتي. وفي حين أنه يصعب تحديد مقدار الانتاج الاضافي الذي يمكن تحقيقه خلال الأشهر الستة المقبلة في جهد حربي شامل يتضمن دعماً من الحكومة الأميركية، يقول مسؤولو الصناعة أن 500 ألف برميل إلى مليون برميل في اليوم لن تكون كافية”.

شارك المقال