فترة ساخنة في فلسطين تحتاج عود ثقاب

زاهر أبو حمدة

لا يمر يوم من دون شهداء أو جرحى أو اعتقالات أو هدم بيوت. لا بل ان سياسة الاحتلال تحولت إلى أكثر فتكاً من دون أضواء وكاميرات وتغطيات إعلامية مباشرة. ووفقاً لوزارة الصحة الفلسطينية، ارتقى 21 فلسطينياً برصاص قوات الاحتلال، في كل من الضفة والقدس المحتلتين وشهيد واحد من الداخل المحتل عام 1948. ولم يفرق الاحتلال بين الأطفال وكبار السن. ويعتبر الشهيد محمد رزق شحادة، أصغر الشهداء منذ بداية العام بسن 14 عاماً فيما كل من سليمان الهذالين وعمر أسعد أكبر الشهداء اذ بلغ عمراهما عند استشهادهما 80 عاماً.

ولطالما اعتمد الاحتلال، سياسة القتل إذا كان هناك تهديد أو من دونه. لكن في المرحلة المقبلة، هناك مواعيد ساخنة تنتظر الاحتلال لاسيما وأن شهر رمضان يتزامن مع عيد الفصح اليهودي. وحذر جيش الاحتلال وجهاز “الشاباك” في الأسابيع الأخيرة من مثل هذا التصعيد خصوصاً في القدس، حيث من المتوقع أن تستقطب حوالي مئة ألف يهودي خلال عطلة العيد. ومن المعروف أن المصلين الفلسطينيين يتزايدون في المسجد الأقصى لأداء صلاة التراويح يومياً، ويعتكفون في الأيام العشرة الاواخر، وهذا سيجعلهم في مواجهة مع شرطة الاحتلال والمستوطنين في غالبية أيام الشهر الفضيل. يضاف إلى ذلك، أن ذكرى يوم الأرض في 30 آذار يحييها الفلسطينيون عادة بتظاهرات واعتصامات في جميع المحافظات في الضفة والداخل المحتل. وتترافق أيضاً مع ذكرى النكبة في 15 أيار وذكرى النكسة في 5 حزيران، والأهم أنها ستكون السنوية الأولى لمعركة سيف القدس. وبما أن أسباب المعركة لم تنته بعد، تبقى بذور الاشتعال واردة في حي الشيخ جراح أو في باب العامود أو المناطق الأخرى.

وتحاول سلطات الاحتلال فصل قطاع غزة عن أحداث القدس والضفة، عبر اغراءات تصاريح العمل داخل الأراضي المحتلة عام 1948، فزادت العدد من 10 آلاف إلى 12 ألفاً بسبب الهدوء النسبي في الأشهر الأخيرة، ومن المتوقع زيادة الأعداد في محاولة للحفاظ على الهدوء. لكن تصريح رئيس أركان جيش الاحتلال أفيف كوخافي، أن باستطاعة قواته اجتياح القطاع واحتلاله على غرار عملية “السور الواقي” في الضفة الغربية عام 2002؛ يفيد بأنه تهديد واضح لأمر مرتقب.

ويبدو أن الاحتلال خائف من تطور الأمور على الأرض، واستثمار الفلسطينيين بما يحصل في أوكرانيا لجذب الانتباه إلى قضيتهم لتأخذ بعداً دولياً كما حصل قبل عام بعد كسب أهالي الشيخ جراح تعاطفاً عالمياً بسبب مشاريع تهجيرهم. أما بالنسبة الى المواجهة الميدانية، فتستمر العمليات الفردية في مقابل عمليات الاغتيال والاعتقال. وهذا ما يطلق عليه الاسرائيليون استراتيجية “جز العشب”، أي إنهاء كل حالات المقاومة الفصائلية والجماعية بعد انتظار نمو العشب المتمثّل في بدء تكوين خلايا عسكرية، ثمّ جزّه مراراً وتكراراً عن طريق تفكيك البنية التحتية للفصائل، ومداهمة ورش تصنيع المولوتوف، ومخارط لصناعة الأسلحة الخفيفة. لكن الواقع يشير إلى فشل هذه الاستراتيجية لا سيما وأن العمليات لم تنته.

وبالتالي، خشية الاحتلال من التصعيد لها أدلة خصوصاً وأن وثيقة أمنية إسرائيلية كشفت عنها قناة “كان” العبرية الشهر الماضي، حذرت من تفجر الأوضاع مطلع شهر رمضان المقبل. الوثيقة عبارة عن رسالة بعث بها قائد فرقة الضفة الغربية في الجيش الاسرائيلي العميد آفي بلوت الى القادة العسكريين، قال فيها: “إن مواد الاشتعال موجودة بالفعل، وتنقصها فقط أعواد ثقاب لاشعال المنطقة برمتها”. وعود الثقاب هذا متوافر وبكثرة لا سيما وأن قضيتن أساسيتين تهزان الشعب الفلسطيني: المسرى والأسرى. فاذا حاول المستوطنون تدنيس المسجد الأقصى والسيطرة على باحاته وحائط البراق أو استشهد أي أسير في ظل الاضرابات المستمرة، ربما تكون الشرارة الحارقة والمواجهة الشاملة.

شارك المقال