غادة عون… حين تتغلب الشعبوية على العدالة

رواند بو ضرغم

ما هو مطلوب من مدعي عام التمييز القاضي غسان عويدات لوضع حدّ للشطط القضائي الحاصل، بات أكبر من أن يُتفق عليه سياسياً في الغرف المغلقة، وأصعب من أن يُعطى القاضي عويدات غطاءً سياسيا في السر لتنفيذه. فنتيجة الشعبوية السياسية والمصلحة الانتخابية بات الجميع يخاف الإقدام على اتخاذ قرارات وإنقاذ القطاعات وحماية المؤسسات.

ما يطلبه رئيس الحكومة نجيب ميقاتي لحل الأزمة القضائية، من سحب ملف المصارف من القاضية غادة عون أو تصويب تصرفاتها والحد من استعراضاتها وانتقائيتها، يتطلب موافقةً من رئيس الجمهورية ومجلس الوزراء. ويشترط عويدات على أن يكون القرار معلنا وصادرا رسميا عن مجلس الوزراء حتى لا يتحمل وحده المسؤولية وأن لا يُلبسوه ثوبا ويصوبوا عليه سهامهم لاحقا.

يتغنى الفريق الرئاسي باستقلالية القضاء وباحترام فصل السلطات في العلن، ويعقد المستشار الرئاسي الوزير السابق سليم حريصاتي اجتماعات في قصر بعبدا مع القاضي عويدات وشخصيات قانونية لإيجاد مخرج للأزمة القضائية المصرفية في السر… وحتى اللحظة لم تصل الأطراف السياسية الى تسوية مقبولة، ومقايضة واضحة قوامها قبع حاكم مصرف لبنان رياض سلامة من موقعه مقابل الافراج عن شقيقه رجا سلامة، بالاضافة الى وضع القوانين الاصلاحية المطلوبة على سكة التنفيذ كالكابيتول كونترول والاصلاح الضريبي وتحديث بعضها الآخر كقانون النقد والتسليف والسرية المصرفية، وتفعيل دور القضاء بما يخص تحقيقات مرفأ بيروت.

أوساط وزارة العدل تؤكد لموقع “لبنان الكبير” أن وزير العدل هنري خوري يعكف على إتمام الجواب على ما كلفه به مجلس الوزراء، بعد التواصل مع أركان السلطة القضائية. ووفق المعلومات، فإن الوزير خوري سيحمل مسؤولية الانحراف القضائي وعدم التقيد بالاصول والتشرذم الحاصل الى عدم اجراء التشكيلات القضائية، وأقصى ما يمكن فعله من قبل وزارة العدل هو التمني على مجلس القضاء الاعلى إنجاز هذه التشكيلات، بالاضافة الى حثّ التفتيش القضائي على القيام بدوره والخروج من حالة السبات العميق التي يعيشها والبتّ في عشرات الملفات بحق القضاة المحالة أمام التفتيش القضائي والتي ما زالت في الادراج.

مصادر قريبة من وزير العدل تقول لموقع “لبنان الكبير” إن الوزير هنري خوري مقتنع ومتيقن بأن الجسم القضائي يعتريه الكثير من الأخطاء والانقسامات الداخلية، لكن ليس في يده حيلة ولا قدرة له على تصويب الأمور من دون غطاء سياسي تسووي.

ووفق معلومات خاصة كذلك، فإن مجلس القضاء الأعلى بدأ عقد اجتماعاته لبحث ملء المراكز الشاغرة لرؤساء الغرف في محاكم التمييز، لكن كل هذه الاجتماعات غير مضمونة النتائج ومن الصعب الوصول الى توافق على اسمائها.

وعلى الرغم من تحرك العجلة القضائية، وإن جاء نتيجة طلب من السلطة السياسية، أو تحركا تلقائيا، فإن القضاء في مأزق فعلي متمثل في تصرفات القاضية عون تجاه المصارف من جهة، وممارسات المحقق العدلي طارق البيطار في ملف المرفأ من جهة أخرى… إذ لم يعد يجرؤ أحد على إبداء مطالعة قانونية إذا كانت مخالفة للرأي العام، وباتت العدالة تحت مقصلة المزايدات الانتخابية… فربما لم تتوافر الأدلة لدى أحد لإدانة الحاكم المركزي رياض سلامة وشقيقه، لكن الضغط الشعبي والمزايدات السياسية سيبقيان هذا الملف رهن التهرب من المسؤوليات ورميه من قاض الى آخر.

فبعد أن أحالت القاضية عون رجا سلامة وملف الادعاء على حاكم مصرف لبنان الى قاضي التحقيق الاول في جبل لبنان نقولا منصور، فهل سيكون لمنصور الجرأة أن يحكم من غير اعتبارات للشعبوية؟ أم سيبقي على رجا سلامة موقوفا، ويصدر مذكرة توقيف بحق رياض سلامة؟ وهذا ما يؤشر الى تحليق سعر صرف الدولار من دون أي سقف…

شارك المقال