“الأخوة والتعاون والتنسيق” مع سوريا حاجة إنتخابية للعونيين؟

فاطمة حوحو
فاطمة حوحو

بين وقت وآخر وفي ظل الأزمات المتصاعدة التي يعيشها اللبنانيون بفضل الوعود الجهنمية لرئيسهم، يطفو على السطح تسريبات لجس النبض حينا او رمي بالون إختبار للإقدام او التراجع أحياناً، عنوانه تنفيذ معاهدة “الاخوة والتعاون والتنسيق” بين لبنان وسوريا، الذي يبرر لفرقاء 8 آذار في الوزارات وخارجها، زياراتهم المتكررة الى دمشق، وإظهار دعمهم للرئيس السوري تارة او مد جسور التواصل مع قيادات حزب البعث وتلبية استدعاءات اجهزة المخابرات لاخذ تعليمات المهمات الموكلة اليهم أمنيا وسياسيا او اتخاذ ترتيبات لحفظ المصالح المشتركة، التي غالبا ما تكون خارج القرارات الرسمية، او الاستفادة من المواقع للذهاب نحو تطبيع العلاقات تحت عناوين مختلفة: اللاجئون والحدود والتبادل التجاري والكهرباء والتهريب، والى ما هنالك من قضايا عالقة يبقى اهمها الحصول على دعم النظام الاسدي للمرشح المقبل لرئاسة الجمهورية وهو صهر الرئيس الحالي الذي يبدو انه يعدّ العدة لزيارة قصر الشعب قريبا لعل وعسى ينجح في ترتيباته لوضع خليفته في قصر بعبدا.

تسريبات جرت اخيرا حول قيام الجهات المختصة والمولجة بالتنسيق بين الجانبين اللبناني والسوري في شأن إدارة المصالح المشتركة بين البلدين في إطار العلاقات الثنائية، وعملًا بمعاهدة “الأخوة والتعاون والتنسيق” بين بيروت ودمشق، تحضّر لإجتماع رسمي سيعقد بين الجانبين في دمشق في وقتٍ قريبٍ، وهي في الأساس مشاريع إتفاقياتٍ علّقت سابقًا، وسيعاود البحث فيها. وتتناول تنشيط حركة العبور عبر الحدود المشتركة وتسهيلها، الترانزيت، تسهيل عبور الشاحنات الفارغة على أراضي البلدين، تفعيل سكك الحديد، بالإضافة الى النقل البحري والتعاون بين المرافئ اللبنانية والسورية.

ووفق مصادر متابعة فان البحث في “اعادة تنفيذ هذه الاتفاقيات لا يمكن ان يحدث من دون إعادتها الى لجان وزارية للبحث فيها، تشكل من قبل الحكومة، معتبرة أن الرئيس نجيب ميقاتي لن يوافق عليها اليوم قبل حصول الانتخابات، ويمكن ان يكون البعض يرغب في زيارة خاصة مثل التيار الوطني الحر او غيره لان علاقاتهم لم تنقطع مع سوريا، وتواصلهم مع اركان نظام بشار مستمر”.

ورأت ان “تحريك وفد ما باتجاه سوريا مسألة طبيعية في ظل الاصطفافات الحالية”، نافية ان تكون لزيارة بشار الاسد الى الإمارات علاقة بذلك، فتوجهات التيار الوطني الحر واحزاب قوى 8 آذار ياخذون من موضوع متابعة توقيع الاتفاقيات حجة لتعويم انفسهم عند النظام السوري فهذه الاتفاقيات لم تلغ ولم يصدر أي قرار وزاري او من مجلس النواب او رئيس الجمهورية يدعو الى الغائها وانما جمّدت بسبب الخلافات الداخلية والصراعات بين الاقطاب والقوى السياسية، وبالتالي لم يكن هناك امكانية لمتابعة هذه المسألة خصوصا بعد ثورة 17 تشرين والانهيار الكبير، الا ان توجه التيار الوطني الحر أصر على فتح العلاقات مع سوريا واعادة احياء الارتباطات بما فيها التفاوض مع الحكومة من اجل اعادة النازحين وغيرها من الأمور، مبرّرا ذلك بأن تحالف الاقليات مفيد للموارنة الذين عليهم التوجه بكل ثبات لبناء علاقات قوية مع الشيعة، لأننا ذاهبون الى عصر شيعي، وسوقوا لهذه النظريات من خلال كتاب ومحللي قوى الممانعة، التي دأبت على ترجيح القول بأن لبنان وسوريا والعراق من حصة ايران عندما يتم التوقيع على الاتفاق النووي”.

وتلفت الى ان إحياء العلاقة جاء بعيد اتفاق مرور الغاز وربط شبكة الكهرباء وذهاب وزيرة الدفاع في الحكومة السابقة زينة عكر الى سوريا بإيعاز أميركي، لكن التيار الوطني الحر اعتبر هذا الاستثناء فرصة، ومنذ فترة زار وزير الزراعة في الحكومة الحالية اللاذقية وطرح خطابا يدعو الى اعادة التنسيق مع النظام، ومنذ حوالي الشهرين زار وفد كبير من التيار الوطني الحر سوريا بقرار رسمي لترتيب الاوضاع مع دمشق، فهو يريد اعادة العلاقة مع السوريين كطرف وليس في ظل حليفه حزب الله نتيجة خلافاته الانتخابية معه ومع “امل”.

وتشير الى ان البحث في العلاقات السورية – اللبنانية توقف منذ اندلاع الثورة السورية، والبعض اليوم من احزاب الممانعة إضافة الى التيار العوني يتصرف وكأن سوريا قادرة على العودة للعب على الساحة اللبنانية، وامساك ورقتها وينسى ان سوريا دولة محتلة وفقدت اهم ورقة في لبنان كان يتمتع بها حافظ الاسد كلاعب اقليمي، فسوريا اليوم هي ساحة لعب دولية ولا تملك أي ورقة سوى الاستخدامات المخابراتية، لذلك يحاول التيار الوطني الحر مخاطبة جمهوره ومخاطبة جمهور 8 آذار بصيغة جديدة مختلفة وان يقدم نفسه طرفا منفتحا على العلاقات مع سوريا وان هذه العلاقات الجديدة واحياء الاتفاقات التي رسمت من ضمنها اتفاقية الدفاع المشترك وغيرها التي اقرها المجلس اللبناني – السوري، الا انه لم يجر تطبيق أي اتفاق منها مما يؤشر الى ان ما يطرح اليوم هو نوع من تقديم اوراق اعتماد انتخابية وشد العصب الماروني واعادة احياء مقولة تحالف الاقليات.

وفي هذا الاطار، يقول الكاتب والمحلل السياسي الياس الزغبي لـــ “لبنان الكبير”: “لا شك ان السلطة في لبنان تتحيّن الفرصة لاعادة ربط علاقاتها التبعية مع النظام السوري. وهي تستخدم ذرائع عدة أبرزها ان هذا النظام اعاد انفتاحه على العالم العربي من خلال الزيارة الأخيرة لبشار الاسد الى الإمارات، ويستغل عملية استجرار الغاز والكهرباء من مصر والاردن بانتظار رفع العقوبات او يعني وقفها استثنائيا عن دمشق بعد قانون قيصر. كل هذه الاعتبارات تصب عند هذه السلطة القائمة في لبنان في اتجاه اعادة الارتباط بالنظام السوري. وطبعا تحت رعاية ايران وذراعها في لبنان حزب الله”.

ويرى في تعليقه أن “هذا الامر يرتبط مباشرة بالتحضير للإنتخابات، أي يرتبط بالاستحقاق الانتخابي. طالما أن حزب الله وتوابعه او ملحقاته في الطوائف الاخرى خصوصا عند المسيحيين والسنة والدروز، ينتظر ان يعيد تعويمها وان يكون عدد النواب الذين يمثلون اذرعه في الطوائف الاخرى اكبر. لانه يراهن على اكثرية جديدة ربما تكون اكثر من اكثرية “قاسم سليماني” التي هي قائمة حتى الآن، كي ينقض على السلطة الفعلية في لبنان بكل ابعادها ويقود لبنان الى مسار سياسي ضمن المحور الكبير الذي هو المحور الايراني”.

وباعتباره ان “هذه السلطة لا تتورع عن اي خطوة لتأكيد او تجديد ورقة اعتمادها لدى النظام السوري، عبر حزب الله وعبر ايران لتشكيل وضع سياسي جديد، وفي حسابات حزب الله ان هذا التحالف سينال الاكثرية الجديدة”، مضيفا: “لذلك لا نستبعد ان تتم اتصالات علنية بين بيروت ودمشق بين السلطة اللبنانية والنظام السوري تحت عناوين اقتصادية – اجتماعية وعبور الشاحنات والصادرات عبر الحدود اللبنانية – السورية وما الى ذلك. لكن خلفية كل هذا التحرك هي سياسية بامتياز على عتبة الانتخابات المقبلة”.

شارك المقال