بيروت الثانية: “أم المعارك” للصوت السنيّ

هدى علاء الدين

يستعد 370.862 ناخباً في دائرة بيروت الثانية لخوض غمار الاستحقاق النيابي في معركة ستكون “أم المعارك” الانتخابية في لبنان. الدائرة التي تضم كلاً من رأس بيروت ودار المريسة وميناء الحصن وزقاق البلاط والمزرعة والمصيطبة والمرفأ والباشورة، يتنافس 118 مرشحاً على مقاعدها الـ 11 من أجل الحصول على أصوات الناخبين المسلمين الذين يبلغ عددهم 316.905 (أي 85.45 في المئة من إجمالي الأصوات)، وأصوات الناخبين المسيحيين الـ 53.957 (14.55 في المئة).

تقول مصادر مطلعة لموقع “لبنان الكبير”: “إن معركة بيروت الثانية ستكون من أكثر المعارك أهمية بسبب ابتعاد تيار المستقبل وما لذلك من أثر وانعكاس سيتبلور في نتائج هذه الانتخابات. فالـ 62 ألف صوت التي حصلت عليها لائحة المستقبل لبيروت في انتخابات العام 2018 ستكون محط أنظار الجميع لمعرفة إلى أين ستذهب هذه الأصوات وما هي نسبة المقاطعين منها، وهو ما يشكل التحدي الأكبر أمام جميع اللوائح كونها تحتوي على الثقل السني المؤلف من 6 مقاعد”. وبحسب المصادر، سيكون هناك شد حبال لناحية جذب الأصوات السنية، خاصة وأن الصوت السني هو الذي سيحدد مسار الانتخابات في هذه الدائرة، مع الإشارة إلى أن حوالي 92 ألف ناخب سني أدلوا بأصواتهم في انتخابات العام 2018.

وعن عدد اللوائح والتحالفات في هذه الدائرة، يُشير مصدر خاص إلى أن دائرة بيروت الثانية ستشهد لوائح عدة لن يقل عددها عن 10، ولن تكون بعيدة عن أجواء انتخابات العام 2018، إنما بصياغات مختلفة في بعض منها، لا سيما مع تعليق العمل السياسي لتيار “المستقبل” وغياب اللائحة الأساسية التي كانت تُحارب من كل الجهات التي تخوض المعركة الانتخابية، لتتحول اليوم إلى محاربات داخلية بين اللوائح بعدما وجدت في انسحاب “المستقبل” فرصة ثمينة للفوز، مع الإشارة إلى أن هذه الدائرة سجلت ولادة اللائحة الأولى فيها والتي حملت اسم “هيدي بيروت” وضمت كلاً من نبيل بدر وعماد الحوت ومحمود الجمل ونبيل عيتاني.

عادة تنال لائحة “المستقبل” ما بين 50 و60 ألف صوت وهو رقم كبير لا تحصل عليه أي من اللوائح الأخرى، تليها لائحة “حزب الله” وحركة “أمل” والتي عادة ما تتحالف معها جمعية “المشاريع” (الأحباش)، التي قررت في هذه الدورة عدم التحالف والانفصال عن الثنائي، وهو ما يعتبره البعض تذاكياً انتخابياً من أجل الحصول على عدد أكبر من الأصوات (قد يمكنهم الحاصل الانتخابي في هذه الدورة من الحصول على مقعد آخر جديد). وبحسب المصدر، فإن المقعدين الشيعيين سيكونان حتماً من نصيب “الثنائي الشيعي” لأسباب عدة أبرزها الثقل في الأصوات والتي تصل إلى حوالي 40 ألف صوت، علماً أن لا حاجة فعلياً إلى أكثر من 15 ألف صوت. هذا يعني أن الثنائي لديه فائض قوة يجعله يوجه أصواته نحو مرشحين آخرين من طوائف أخرى. فالمعطيات تشير إلى عدم التوجه إلى ترشيح شخصية سنية كي لا يقال انه سني مرشح الحزب لكنه حكماً سيدعم سنياً مرشح الحزب في لائحة أخرى. وبسبب تغير الحاصل الانتخابي، من المتوقع أن الـ 40 ألف صوت قد تمنح الثنائي مقعدين إضافيين (4 عوضاً عن 2)، نتيجة انخفاض الحاصل الأول من 13 ألف صوت إلى 10 آلاف والحاصل الثاني إلى 7 أو 8 آلاف صوت.

ولم يستبعد المصدر أن تحصد “الأحباش” التي عادة ما تمتلك بين 13 و14 ألف صوت مقعدين في حال تراجع الحاصل إلى ما دون الـ 7000 صوت. أما لائحة فؤاد مخزومي الذي يعمل بالطريقة نفسها كانتخابات العام 2018 عبر مال انتخابي ومساعدات يقدمها هنا وهناك، فإن الترويج للائحته على أنها ضد “حزب الله” لا تلقى الصدى المطلوب خاصة وأنه خلال 4 سنوات له في المجلس النيابي لم يقم بأي خطوة تجاه الحزب، إذ أصبح واضحاً أنه يستخدمه اليوم كشعار انتخابي فقط من أجل تحريك الشارع السني، وبالتالي فلن يكون هناك إقبال بالمعنى السياسي على هذا الخط بل إقبال اقتصادي فقط، للافادة مادياً من الأموال التي يدفعها. ويستبعد المصدر أن يفوز أي مرشح سني آخر على لائحة مخزومي، وهو يعمل على ذلك عمداً ويتجه إلى دعم شخصية من الأقليات لأنه يحتاج إلى حاصل منخفض مقارنة بالشخصية السنية الثانية.

وعن لائحة فؤاد السنيورة والمدعومة من “اتحاد العائلات البيروتية”، يلفت المصدر الى أنها تشهد حالة كبيرة من التخبط بسبب خسارة السنيورة رافعة “الجماعة الاسلامية” (5 آلاف صوت). فاللائحة التي تضم كلاً من خالد قباني وماجد دمشقية ولينا التنير وبشير عيتاني، خسرت نبيل بدر وعماد الحوت، في حين أن قباني لم يحسم أمره نهائياً بعد ويبقى استمراره مع السنيورة رهن الساعات القليلة المقبلة. من جهة أخرى، فإن لائحة المجتمع المدني التي تعمل عليها بولا يعقوبيان مع وضاح الصادق وبعض الوجوه من المجتمع المدني لا تزال غير واضحة المعالم، بحيث يسود الامتعاض بين البيروتيين لناحية تدخل يعقوبيان في انتخابات الدائرة الثانية تحت راية المجتمع المدني، فضلاً عن أن انضمام حسن سنو تحت رايتها وتبنيه شعارات بعيدة كل البعد عن المجتمع البيروتي خلق حالة من الامتعاض حول مواقفه. ومن المتوقع أن تحصل هذه اللائحة على حاصل واحد، كذلك الأمر بالنسبة الى لائحة “بيروت مدينتي” التي تضم ابراهيم منيمنة وغيره من الوجوه الجديدة التي ستظهر تباعاً. ووفقاً للمصدر، فإن بهاء الحريري لم يعد لديه أي دور وتراجع كثيراً في بيروت وهو ينتظر تشكيل اللوائح في دائرة بيروت الثانية من أجل دعم إحداها بعدما فشل في إيجاد أي مرشح لضمه إلى لائحته ليقتصر بذلك دوره على الدعم لا الترشيح. أما المرشحون الباقون وغير التابعين لأي جهة فسينخرطون في لائحتين أو ثلاث كحد أقصى، ليكون بذلك عدد اللوائح في بيروت ما يقارب الـ 10 لوائح سيتم بلورتها بشكل نهائي في الأيام القليلة المقبلة.

ويختم المصدر بالقول: “إن هناك حالة ملل في الشارع البيروتي وعدم ارتياح الى الأسماء المرشحة. صحيح أن هناك توجهاً للمقاطعة التزاماً بقرار تيار المستقبل، ولكن في المقابل قد تكون هناك مقاطعة من نوع آخر بسبب عدم وجود أي بديل يلبي تطلعات البيروتيين في ظل غياب العنصر الأساسي الوحيد وبقاء المنظومة كما هي”.

شارك المقال