دائرة الشمال الثانية: أسبوع انتخابي حاسم ومنافسة شرسة

إسراء ديب
إسراء ديب

لن تكون الانتخابات النيابية المقرّرة في 15 أيّار المقبل، كسابقاتها مع التغيّرات التي طرأت على الساحة السياسية خاصّة بعد عزوف وجوه سنّية عدّة، ما يُعطي هذه الانتخابات (إن حصلت) صبغة جديدة يخشى الكثير من المواطنين من تداعياتها، لا سيما أولئك الذين يرون أنّها ستكون مرحلة جديدة تسبق صفحة من الأزمات والانهيارات القادمة، وآخرون يرونها كبارقة أمل بعد شدّة الظروف الاقتصادية والسياسية المختلفة.

ومن المتوقّع أن تحتدم المنافسة بشدّة في دائرة الشمال الثانية (حيث يرتكز الثقل السنيّ بشكلٍ كبير)، والتي تتألّف من كلّ من طرابلس، المنية – الضنية، وذلك قبيل إقفال باب سحب الترشيحات والانتهاء من تشكيل اللوائح مطلع الأسبوع المقبل.

في الواقع، إنّ الانتخابات في هذه الدائرة ستكون مختلفة هذا العام، ويكمن هذا الاختلاف في وجود تنافس كبير بين اللوائح والمرشحين، ما يُعطي “حماوة انتخابية” لا تُشير إليها كثرة اللافتات أو اللوحات المنتشرة على الطرقات أيّ الحملات الانتخابية المدفوعة وهي متراجعة بشكلٍ كبير مقارنة بالأعوام الماضية، بل الشخصيات التي تُشكّلها من جهة، والتحالفات من جهة ثانية وبات أبرزها واضحاً وسيُعلن تدريجياً ابتداءً من الاثنين المقبل، وذلك بعد فترة كبيرة من الغموض والشائعات التي طالت هذا الحدث الذي لا يزال يحتاج إلى ساعات إضافية لـ “جوجلة” الأسماء وانتظار استبدالها بأخرى عند اللزوم.

تفاصيل هذه الدائرة

تتنافس 4 لوائح “علناً” في دائرة الشمال الثانية حتّى هذه اللحظة، وتعكس كلّ منها توجهاً سياسياً، فيما يرتبط بعض اللوائح بالتوجه السياسي نفسه أيّ ذلك الذي يرفض الوصاية الايرانية و”حزب الله”، ويُمكن القول إنّ اللوائح الانتخابية هذا العام ستختلف عن انتخابات العام 2018، فإذا كانت حملت توجهاً واضحاً وصريحاً من جهة مؤلّفي كلّ لائحة وداعميها في العام 2018، فإنّ الداعين إلى تشكيل بعض اللوائح هذا العام وبعد غياب الأقطاب السنة السياسيين، سينالون من بعض هؤلاء الأقطاب (الذين لم يقتنعوا بالمقاطعة التي دعا إليها رئيس تيّار “المستقبل” سعد الحريري)، دعماً بشكلٍ غير معلن لإثبات أنفسهم والاستمرار على أرض الواقع، بعيداً من الحسابات السياسية التي يرونها كافية لاعلان عزوفهم عن الترشح مباشرة.

إنّ هذه الدائرة التي تتألّف من 5 مقاعد سنية، مقعد ماروني، مقعد أرثوذكسي (طرابلس)، ومن مقعدين سنيين (الضنية)، ومن مقعد سنيّ (المنية)، كانت قد تنافست فيها 8 لوائح في العام 2018 وهي: “العزم”، “لبنان السيادة”، “الكرامة الوطنية”، “المستقبل للشمال”، “القرار المستقل”، “المجتمع المدني المستقل”، “قرار الشعب” و”كلّنا وطني”، وبعد خروج بعض اللوائح لعدم حصوله على حاصل انتخابي حينها، يُمكن القول انّ الانتخابات هذا العام لن تشهد ظهور هذه الأسماء نفسها، بل سيكون الظاهر مختلفاً مع اختلاف الظروف السياسية.

وفي تفاصيل اللوائح المشاركة، فإنّ اللائحة الأولى يُشكّلها المستقيلون من تيار “المستقبل” أو ما يُطلق عليهم حالياً “قدامى المستقبل”، وبعد عدم اقتناع بعضهم بفكرة العزوف انتخابياً وسياسياً في مرحلة يرونها صعبة بعد تحكّم “حزب الله” بالبلاد وتوسع نفوذه، لا سيما وأنّ الأوساط الطرابلسية تلفت إلى وجود مرشحين مدعومين من هذا الحزب في المدينة، فإنّ هذه اللائحة التي لا تزال قيد الإعداد ستتألّف من: الدكتور مصطفى علوش (سني)، رجل الأعمال نبيل أحمد (سني)، ربى دالاتي (سنّية)، بدر عيد (علوي) وهو من جبل محسن لكنّه لا يُمثل حزب وتوجه آل عيد. ووفق معطيات “لبنان الكبير” فإنّ بدر رجل أعمال ومغترب لبناني يحظى بدعم من مناصرين له في بعل محسن، ويتوقّع كثيرون حصوله على أصواتهم على الرغم من ابتعاده عن المحور السوري. أمّا عن قضاء الضنية فتمّ اختيار كلّ من سامي فتفت وعبد العزيز الصمد، وبالتالي فانّ هذه اللائحة تسعى إلى جذب النّاس لرفع الحاصل الانتخابي سعياً منها الى الحدّ من تجاوز “حزب الله” حدوده داخل المناطق الشمالية.

أمّا اللواء أشرف ريفي الذي يُشكّل لائحة يتحالف فيها مع “القوات اللبنانية”، فسيُعلن تفاصيل لائحته ابتداءً من يوم الاثنين، مع تبنّيه مرشح “القوات” إيلي خوري عن المقعد الماروني، وهو يسعى إلى تشكيل لائحة كاملة أيّ من 11 مرشحاً. وبحسب المعطيات فإنّ ريفي “لا يتوافق اليوم بتوجهه ولا يتواصل مع أقطاب سياسية سنّية يرى أنها ترعى تغلغل حزب الله في السياسة اللبنانية من قريب أو من بعيد”.

كما أنّ لائحة “العزم”، ثبت فيها بعض الأسماء منها: كريم كبارة (سني)، علي درويش (علوي)، سليمان عبيد (ماروني) وكاظم الخير (سني – مقعد المنية)، وبالتالي، فانّ التواصل لا يزال مستمراً وصولاً إلى إعلان الأسماء النهائية. وبحسب المعلومات فإنّ الرئيس نجيب ميقاتي الحريص على الحفاظ على تيّار “العزم”، لن يتدخل مباشرة في الدعم نظراً الى اختياره منطق الحياد في الآونة الأخيرة ومع تفاقم الصعوبات التي قد تُبقيه رئيساً للحكومة بعد الانتخابات.

أمّا اللائحة الرئيسة الأخيرة المرتبطة بمحور “الممانعة”، والتي كان أوّل من سعى إلى بلورتها وتفعيلها الوزير السابق فيصل كرامي، فهي تتألّف من: كرامي (سنّي)، رئيس جمعية “المشاريع” في طرابلس طه ناجي (سني)، صاحب “أكاديمية الأمين” أحمد الأمين (سني)، عضو المكتب السياسي لتيار “المردة” في طرابلس رفلي دياب (أرثوذكسي)، جورج شبطيني (ماروني)، جهاد الصمد (سني – الضنية)، وبالتالي، هذه اللائحة التي تبدو غير مكتملة، قد يقوم كرامي باستكمالها والاعلان عنها الأسبوع المقبل، أو سيُكّرر ما قام به في العام 2018 أيّ مشاركته في لائحة من 9 مرشحين فقط حينها.

وعن المجتمع المدني في دائرة الشمال الثانية، فإنّ أعداد مرشحيه لا يُستهان بها وتنبثق من ثورة 17 تشرين الأوّل فعلياً، لكن الكثير من هذه الأسماء قد لا يتوافق مع اللوائح التابعة للطبقة السياسية، ونظراً الى كون الترشح الفردي يبقى بلا قيمة والحاجة إلى التحالفات تبقى هي الأهمّ في هذه المرحلة، يُمكن القول إنّ القوى الثورية التي لم تتفق بعد على كيفية توزيع المقاعد في ما بينها، عجزت نظراً الى انعدام خبرة بعضها انتخابياً، عن إقناع المواطنين بشكلٍ كاف أو اللوائح السياسية (التي تحمل خبرة سياسية طويلة زمنياً)، أيّ أنّها تحتاج إلى المزيد من النضج.

شارك المقال