مسرحية “الكابيتال كونترول” تتواصل والوجع الى ما بعد الانتخابات

رواند بو ضرغم

لم تنتهِ حتماً مسرحية “الكابيتال كونترول” على خشبة السلطة السياسية اللبنانية. وبعراضة انتخابية خرجت الكتل النيابية كافة مهللة بإسقاط الصيغة المقدمة من نائب رئيس الحكومة سعادة الشامي، التي نسقها مع صندوق النقد الدولي… ولكن الكتل نفسها التي اعترضت عليها حفظاً لحقوق المودعين، ستقبل بالصيغة نفسها، إنما بعد الانتخابات، لا قبلها.

فبعجيبة لم تحققها سوى المخاوف من نتائج الانتخابات، توحدت الكتل النيابية المتحالفة والمتخاصمة على رفض صيغة “الكابيتال كونترول” في الشكل والمضمون، وأوصت اللجان المشتركة الحكومة بصوغ مشروع قانون متماسك.

في الشكل، أجمع النواب على أن الصيغة لم ترفق بالأسباب الموجبة، ولم تتّسم هي ومَن صاغها بالصفة القانونية، لأنّها لم تقدّم الى المجلس النيابيّ كمشروع أو اقتراح قانون، فرفض أي من النواب تبنيها ولم يوقع عليها أحد باستثناء النائب نقولا نحاس.

أما في المضمون، فأناطت هذه الصيغة صلاحيات واسعة باللجنة التي صاغتها، من غير وضع أيّ آلية لمحاسبتها في حال المخالفة. فاللجنة هي من ستتولى الآلية التنفيذية، وهذه الصلاحية المعطاة للسلطة التنفيذية لن يكون لمجلس النواب القدرة على محاسبتها. كما كان الاعتراض على مدة سريان هذا القانون المحددة بخمس سنوات قابلة للتمديد، وهذا ما عدّه النواب حجزاً للودائع على اعتبار أن السقف الأعلى للسحوبات لن يتخطى الألف دولار بالليرة اللبنانية وفق سعر صرف يحدد في حينه.

هذه المواقف تبقى حتماً على رمال سياسية انتخابية متحركة، ونجحت الكتل النيابية في كسب الوقت وإرجائه الى ما بعد الانتخابات. فـ”الكابيتال كونترول” بقي في عهدة رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، الذي يفاوض صندوق النقد من خلال نائبه ويصوغ القانون على قياس الحاجة اللبنانية الى المساعدات الدولية المطلوبة لإنهاضه عبر البنك الدولي.

الحقيقة الموجعة ستظهر بعد الانتخابات، حيث لا مفر من قبول شروط صندوق النقد والمضي بصيغة “الكابيتال كونترول” الحالية. فبعد الانتخابات ستخفت أصوات المطالبين بحقوق المودعين، وسيقبلون بتجميد ودائعهم بذريعة “مجبر أخاك (الساسة) لا بطل”.

ومن باب تطيير “الكابيتال كونترول” الى ما بعد الانتخابات، يتصرف السياسيون على أساس أن الانتخابات قائمة في موعدها، وأن هناك استحالة لتطييرها أو تأجيلها. وتنفي مصادر مطلعة على أجواء الرئيس ميقاتي والثنائي الشيعي أي نية لتطيير الانتخابات، ولو أن فريق الرئاسة الاولى يفتعل الأزمة القضائية – المصرفية في محاولة لتطييرها.

هنا، تؤكد المصادر أن أحداً لم يعد يستطيع تحمّل حاكم مصرف لبنان رياض سلامة أو يجرؤ على تغطيته، إنما المؤكد أيضاً أن لا أحد من الفرقاء يريد تطييره ولا تعيين بديل عنه لصالح رئيس الجمهورية ميشال عون وصهره. وكذلك فإن المخاوف ذات طابع انتخابي أيضاً، بحيث أن الأطراف السياسية لن تتحمل تأثير توقيف سلامة أو قبعه واستبداله على سعر صرف الدولار، وهذا يؤثر حتماً على نتائج الانتخابات… لذلك فإن سلامة باقٍ، والأزمة القضائية باقية، والانتخابات حتماً في مواعيدها، إنما الدولار سيكون بين مدٍّ وجزر.

شارك المقال