الانتخابات “ع لياليها”، وطبول المعارك الانتخابية تقرع في الدوائر على الرغم من أن كل المؤشرات تدل على أن مساري اجراء الاستحقاق الدستوري أو عدمه يسيران في خطين متوازيين ومتقاربين، ويبدو أن الخيارين متعادلان في كفتي الميزان الانتخابي مع العلم أن المراقبين يعتبرون أن لانتخابات 2022 نكهة خاصة بها لأنها تأتي بعد ثورة 17 تشرين، والانهيار الكبير على مستوى تركيبة السلطة وفقدان الثقة بها محلياً ودولياً.
وإذا كان التسليم لدى بعض الأطراف من موالاة ومعارضة بأن الانتخابات النيابية لن تؤدي الى التغيير الكبير المنشود الذي ينتشل البلد من قعر أزماته، فإن جهات عدة تعوّل كثيراً على هذا الاستحقاق، وتعتبره محطة مفصلية اما يستفيد منها اللبنانيون لانقاذ بلدهم أو الاستمرار في التدهور نحو الهاوية.
وبين من يطمح الى توسيع كتله النيابية، ومن يحاول الحصول على الأكثرية، يبدو واضحاً أن “حزب الله” يسعى جاهداً الى الاحتفاظ بالأكثرية النيابية من خلال الحض على “رفع نسبة التصويت ولو اقتضى الأمر زيارة الناس في المنازل وعدم الاكتفاء باللقاءات العامة”، ومن خلال دعم حلفائه المسيحيين وأبرزهم “التيار الوطني الحر” و”المردة” خاصة بعدما أكدت الاحصاءات أن وضع التيار لا يطمئن بل سيشهد تراجعاً في كتلته الى حدود النصف، وخطر الفوز بالمقاعد السابقة يتنقل من جزين الى بعبدا وكسروان وجبيل والمتن وصولاً الى دائرة الشمال الثالثة التي تعتبر “أم المعارك” وحيث يبدو وضع النائب جبران باسيل صعباً.
في هذا الاطار، واستدراكاً لخطورة الوضع الانتخابي، ترددت معلومات عن أن “حزب الله” يسعى الى لم شمل حلفائه المسيحيين في دائرة الشمال الثالثة، ومحاولة إقناعهم بخوض المعركة الانتخابية في لائحة واحدة على الرغم من نفي “المردة” لما يتم تداوله، إلا أن مصدراً متابعاً أكد لـ “لبنان الكبير” أن الساعات القليلة المقبلة ربما ستحمل مفاجآت على هذا الصعيد.
وانطلاقاً من تأكيد الأمين العام لـ “حزب الله” السيد حسن نصرالله أن الهدف “ليس فوز مرشحي الحزب، بل بلوغ حواصل لتعزيز وضع حلفائنا في جبيل وكسروان والشوف وعاليه وفي كل الدوائر. نريد أن ينجح كل الحلفاء معنا لأن المعركة اليوم ليست ضد الحزب فقط، بل لأخذ حصص من الحلفاء، لذلك العمل يجب أن يكون للحلفاء كما نعمل لأنفسنا”، لم يعد خافياً على أحد أن الحزب يقوم بكل ما أمكن لدعم حلفائه وللحصول على أكثرية نيابية فيها كتل مسيحية وازنة لتوسيع مروحة غطائه المسيحي، ولكن لا بد من الأسئلة التالية: لماذا يعمل الحزب ليل نهار على دعم حلفائه ويسعى بشكل حثيث الى خوضهم المعركة الانتخابية موحّدين؟ ولماذا يعتبر الحزب أن المعركة مصيرية؟ وهل يحاول السيطرة على الدولة سياسياً ويصبح الأقوى في السلطة وصولاً الى انتخاب حليف له لرئاسة الجمهورية؟
رأى الوزير السابق فارس بويز أن “حزب الله يدعم حلفاءه المسيحيين مستفيداً من الفائض الذي لديه ومن انسحاب السنّة من المعركة الانتخابية، وهذا الأمر ليس مستغرباً ويدخل ضمن استراتيجية الحزب التي تقضي بتأمين أكثرية مقبلة في المجلس النيابي لابقاء ما يسمى بالغطاء المسيحي أو تدعيم هذا الغطاء الذي تمتع به خلال السنوات السابقة كما وتحصيناً لمعركة رئاسة الجمهورية، وضماناً لأكثرية مميزة في المجلس المنتخب”.
وأشار الى أن “حزب الله من الأحزاب التي لديها استراتيجية بعيدة المدى، والانتخابات مصيرية بالنسبة اليه: أولاً، لأنها ستثبت قوته ووجوده. ثانياً، ستكون رداً على الغرب الذي يتهمه بالارهاب، وليشرّع نفسه بالانتخاب الديموقراطي، وهذا ردّ على طرح الغرب المخطئ بأن الانتخابات ستغيّر المشهد السياسي اللبناني”.
أضاف: “من خلال فوز الحزب بالانتخابات يجدد شرعيته، ويرد على الغرب الذي يتهمه بأنه قوة ارهابية، بقوة شرعيته المنتخبة ديموقراطياً”. واعتبر أن “الغرب وقع ضحية طروحاته المخطئة بحيث اعتبر أن الانتخابات ستغير المشهد السياسي لكنها لن تفعل ذلك وستثبت المشهد السياسي الحالي وستجدد شرعية حزب الله. من هنا، اهتمام الحزب بهذه الانتخابات التي ستشكل هزيمة لأخصامه في الخارج والداخل الذين يشككون بتمثيله. الحزب أوقع الغرب وأخصامه في هذه الحفرة حيث كانوا يهددونه بالانتخابات، معتقدين أنها ستغيّر من حجمه ودوره”.
وأكد أن “الحزب بعد الانتخابات سيفرض نفسه بقوة الشرعية، والمجلس المقبل سيدعم الأكثرية الموجودة لدى ما يعرف بـ 8 آذار، وستكون الوجوه الجديدة خجولة ولن تغيّر شيئاً في موازين القوى”.
ولفت بويز الى أن “حزب الله سيعوّض خسارة التيار الوطني الحر بعملية استقطاب مراكز سنيّة في غياب تيار المستقبل، فيما التمثيل الشيعي سيبقى كما هو”، موضحاً أن “الانتخابات أمامها عقبات وحظوظ حصولها أو عدم حصولها شبه مناصفة”.
من جهته، قال المحلل السياسي علي الأمين: “حزب الله يسعى الى تحقيق الفوز في الانتخابات النيابية لتشكيل كتلة كبيرة في البرلمان ما يوفّر له لاحقاً تحقيق ما يريد على صعيد انتخاب رئيس الجمهورية وتشكيل الحكومات وربما تعديل الدستور. الحزب يحاول تحقيق أكبر عدد من النواب مستفيداً من انكفاء تيار المستقبل وعدم وجود كتلة مترابطة في الجهة المقابلة. كلها عوامل تساعد الحزب لتحقيق أهدافه، وبالتالي حين يساند حلفاءه في الانتخابات يضمن ولاءهم له في المرحلة المقبلة”.
وأشار الى أن “الحزب يستخدم أوراقاً عدة، ومنها ورقة الأكثرية اذا استطاع الحفاظ عليها. واذا لم يتمكن من ذلك، فيستخدم القوة العسكرية. وبالتالي، ضمان الأكثرية يوفر له ضماناً لأي خطوة يريدها خاصة وأن المرحلة المقبلة فيها الكثير من التحديات على مستوى المنطقة، وتشهد تغيرات في السياسة الاقليمية والدولية. لذلك، يريد الحزب جمع الأوراق في يده ليستخدمها عند الحاجة في المرحلة المقبلة، وربما يستخدم الأكثرية لتشريع السلاح من خلال تعديل القوانين. هذا الاستشراس لتحقيق الأكثرية يفيده سياسياً ويشكل له نوعاً من الحماية التي يحتاجها في هذه المرحلة كما في المرحلة المقبلة وفي السابق”.