ماذا عن أولاد الحلال؟

الدوري
الدوري

“الله ينجّيك يا ابني من ولاد الحرام”… تلك كانت دعوة أمي الدائمة لي،

ولما سألتها مرة “من تقصدين بأولاد الحرام؟”، كان جوابها: “يللي بيقوّلوك شي ما قلتو، وبيتهموك بشي ما عملتو”… رحمك الله يا أمي، كم أتذكر دعوتك تلك في هذه الأيام.

من علامات الكَبَر لا الخَرَف، أن الذاكرة تنشط في استعادة وجوه وكلام من مراحل سابقة في حياة كل إنسان. عاملاً كان أم موظفاً أم تاجراً أم جندياً أم جنرالاً أم نائباً أم وزيراً أم رئيس جمهورية… هذه عادة بشرية طبيعية ومستحبة أحياناً ولا قدرة على لجمها أو ضبطها، بل فقط التلاعب بها لجهة البوح أحياناً يما يتذكره الواحد منا لخدمة موقف حالي، وإغفال الكثير مما تذكره لأن البوح به لا يفيده أو ربما يضره.

ولا شك أن في حياة كل منا “أولاد حرام” و”أولاد حلال”. والأم الراحلة هي في ذاكرة كل اليتامى “شخصية مقدسة” لا تنطق الا بالحق ولا يُستعان بكلامها المُستعاد بالذاكرة الا رغبة بـ”شفاعة” وفي لحظة صفاء تام، لإظهار “طهارة” ومظلومية.

واذا كان الابن في عين أمه غزالاً فهو بالتأكيد مظلوم وعلى حق في كل ما يفعله. أما الخطأ فليس ما ارتكبه بل ما يقوله “أولاد الحرام” عنه، تقويلاً له لما لم يقل، وتحميلاً له لما لم يفعل.

روح أنت بريء. هذا ما تتمناه وتقوله كل أم لابنها. ولن يصعب على “ابن الحلال” أن يتلقى “رضا” أمه بمجرد أن يشكو لها صعوبة الظروف التي يمر فيها. والأم التي خبرت الحياة تعرف ما الذي يمكن أن يفعله “أولاد الحرام” مع “فلذة كبدها”.

كأنه الآن يشكو ويستعين بأمه في الذاكرة، وهي تلقائياً تلقي الملامة على “أولاد الحرام” الذين: “بيقوّلوك شي ما قلتو، وبيتهموك بشي ما عملتو”.

من علامات الكبر إستذكار أحبائنا في الذاكرة. ومن علامات العجز إستعادة وقائع معهم للتعبير عن حالة آنية.

ما الذي أراد “كبير العمر” قوله في هذا الاستذكار؟ أنه محاط بـ”أولاد حرام” يفترون عليه؟

لكن لماذا لم يستذكر واقعة عن “أولاد الحلال” الذين دلوه على الصواب؟ الإجابة ربما في الحال الذي وصلناه في عهد فخامته.

 

 

شارك المقال