ينقسم الجنوب إلى ثلاث دوائر انتخابية: صيدا – جزين، صور – الزهراني، والنبطية – مرجعيون – حاصبيا – بنت جبيل. في الانتخابات الماضية توزعت المقاعد في دائرة الجنوب الأولى بين تحالف “الثنائي الشيعي” وأسامة سعد، و”التيار الوطني الحر” وتيار “المستقبل”، أما في دائرتي الجنوب الثانية والثالثة فقد اكتسح “الثنائي الشيعي” المقاعد، ولم يستطع أي فريق تحقيق خرق بنائب واحد. ولكن بعد عزوف تيار “المستقبل”، و17 تشرين 2019، وتراجع شعبية الأحزاب في أعقاب الأزمة الاقتصادية، هل هناك تغير في المشهد الانتخابي الجنوبي؟
دائرة الجنوب الأولى
تغير المشهد في دائرة صيدا – جزين عن سنة 2018، بحيث يعتكف تيار “المستقبل” عن خوض الانتخابات رسمياً، وبالتالي لن تترشح النائب بهية الحريري، التي تمتلك حاصلاً من دون معركة انتخابية حتى. وانفك تحالف “الثنائي الشيعي” مع الأمين العام لـ “التنظيم الشعبي الناصري” أسامة سعد، أما “التيار الوطني الحر” فهو المأزوم الأكبر، كون الانهيار الاقتصادي حصل خلال حكمه، والشعب يحمّله مسؤوليته.
في المشهد تبدو اللائحة الأقوى لائحة تحالف أسامة سعد مع عبد الرحمن البزري ومدير مستشفى جزين شربل مسعد (قواتي الهوى) والعميد المتقاعد جميل داغر (الكتائب اللبنانية) والمرشح كميل سرحال، التي تراهن على الحصول على حاصلين والمنافسة على الثالث. أما لائحة ابراهيم عازار المتحالف مع نبيل الزعتري والمدعومة من “الثنائي الشيعي”، وإذا لم تتغير الأرقام عن الانتخابات الماضية، فتملك حاصلاً وستحاول المنافسة على الثاني. بينما “التيار الوطني الحر” لم يحسم أمره بعد، لا في تشكيل اللائحة ولا حتى في تجيير الأصوات، فرئيس التيار يواجه مشكلة الارادة الجزينية التي تفضل زياد أسود، وتفضيله الشخصي لأمل أبو زيد كونه متمولاً، وكون أسود قطع خطوط التواصل وتسبب بمشكلات لجبران باسيل مع القوى السياسية وحتى مع “حزب الله”. من جهة أخرى يحاول المرشح يوسف النقيب جذب الأصوات المستقبلية، ويراهن على أن تؤمن له الحاصل.وفي بالنتيجة ستشهد هذه الدائرة معركة انتخابية طاحنة.
دائرة الجنوب الثانية
تعاني القوى المنافسة لـ “الثنائي الشيعي” في دائرة صور – الزهراني من الاختلافات والتضعضع، فاللائحة التي يمكنها المنافسة يفترض أن تتشكل من رياض الأسعد وبشرى الخليل وحسن خليل. وعلى الرغم من حسم خليل والخليل التحالف، إلا أنهما يعانيان من خلافات مع الأسعد، الذي لطالما كانت هناك خلافات حادة بينه وبين بشرى الخليل، ولا يزالون حتى الآن لم يحسموا قرار تشكيل اللائحة. وفي حال انقضت مدة تشكيل اللوائح قبل الاتفاق فقد تكون لائحة الخليل من دون مرشح في الزهراني مما يلغيها تلقائياً وفقاً لقانون الانتخاب، الذي يفرض أن يكون مرشحو اللائحة من جميع أقضية الدائرة.
من جهة أخرى، تعاني مجموعات “الثورة” خلافات جوهرية، أساسها من يجب أن يتولى “الزعامة” ويكون نائباً، لذلك ترشحوا جميعاً، ولا يزالون حتى الآن من دون انجاز اتفاق. وهذه الخلافات ستصب لمصلحة “الثنائي الشيعي” الذي كان شبه محسوم فوزه أساساً بسبب جماهيريته الكبيرة، وعدم قدرة أي قوى أخرى على المنافسة الجدية.
دائرة الجنوب الثالثة
كما في الدائرة الثانية تعاني القوى المنافسة لـ “الثنائي الشيع” في دائرة النبطية – مرجعيون – بنت جبيل – حاصبيا من خلافات كبيرة بين بعضها البعض، وهي في معظمها من القوى التي التحقت بـ 17 تشرين. ولم يستطع هؤلاء حتى اليوم حسم تشكيل اللوائح، والوقت يضيق أمامهم، مما قد يتسبب بخسارة مدوية لهم في دائرة كان من الصعب أصلاً الحصول على حاصل فيها، ولكي يحققوا خرقاً يجب أن تجتمع كل القوى مع بعضها للاقتراب من الحاصل. وكان التهديد الجدي الوحيد هو عماد الخطيب، الذي ينتمي الى تيار “المستقبل”، ولكن بعد الاعتكاف المستقبلي لم يعد أحد يشكل تهديداً جدياً لـ “الثنائي الشيعي” في هذه الدائرة، وحتى أن ترشيح المصرفي مروان خير الدين، وعلى الرغم من خروج بعض الأصوات في البيئة الشيعية المعترضة عليه، إلا أنه فعلياً سيشكل رافعة للائحة، فهو سيحصد الأصوات الإرسلانية والجنبلاطية معاً، وكذلك سيحصل على الأصوات التي كان ينالها النائب أنور الخليل، لذلك يمكن الاستنتاج أنه في حال عدم حصول معجزة في هذه الدائرة لن يكون هناك خرق لـ “الثنائي الشيعي”.
تعاني القوى المنافسة لـ “الثنائي الشيعي” من كل الأطياف، عائلات وقوى ثورية، في دائرتي الجنوب الثانية والثالثة من فقدان القدرة التنظيمية وغياب القيادة الفعلية، فكل “ثائر” أصبح يطمح الى النيابة، أما العائلات فهي إما غالبيتها منضوية تحت حركة “أمل” و”حزب الله”، وإما تتنافس على زعامة العائلة، ولذلك من الصعب عليها أن تواجه فعلياً. أما في الجنوب الأولى فيبدو أنها معركة كسر عضم، وقد تكون من أكثر الدوائر التي ستشهد معركة انتخابية حامية.