“حزب الله” يطارد… طيف جنبلاط

صلاح تقي الدين

لا يتوانى فريق الممانعة بقيادة “حزب الله” وأدواته عن محاولة تطويق رئيس الحزب “التقدمي الاشتراكي” وليد جنبلاط وإسقاط “حصريته” في تمثيل طائفة الموحدين الدروز في المجلس النيابي، باستخدام وسائل شرعية وغير شرعية على السواء، وهذه خطة تتمظهر بأشكال عديدة سواء عبر خطابات الأمين العام للحزب السيد حسن نصرالله “المشفرة” أو عبر تدخله مباشرة أو بالواسطة في تركيب لوائح مواجهة للوائح جنبلاط في الدوائر التي يتمتع فيها بثقل وحضور طاغ.

فقد أكّد نصر الله خلال لقاء حزبي أن هذه الانتخابات “مفصلية ومن أهم وأخطر المعارك السياسية التي تحدد على ضوء نتائجها بقية المعارك”، مشيراً إلى أن “هذه المعركة أساسية ككل المعارك التي خاضتها المقاومة”. ودعا إلى “ضرورة العمل على رفع نسبة التصويت ولو اقتضى الأمر زيارة الناس في المنازل وعدم الاكتفاء باللقاءات العامة”، مشددّاً على أن الهدف “ليس فوز مرشحي الحزب، بل بلوغ حواصل لتعزيز وضع حلفائنا في جبيل وكسروان والشوف وعاليه وفي كل الدوائر. نريد أن ينجح كل الحلفاء معنا لأن المعركة اليوم ليست ضد الحزب فقط، بل لأخذ حصص من الحلفاء، لذلك العمل يجب أن يكون للحلفاء كما نعمل لأنفسنا”.

من ناحية موازية، يعمل سفير النظام السوري في لبنان علي عبد الكريم علي على الموجة نفسها، إذ أشارت المعلومات إلى أن اجتماعاً عُقِد لقوى الممانعة ومرشحيها للانتخابات النيابية في السفارة السورية في اليرزة بحضور السفير السوري ومسؤول العلاقات مع الأحزاب في “حزب الله” الحاج محمود قماطي لتنسيق المواقف في دائرة البقاع الغربي – راشيا، حيث يسعى هذا التحالف الى الحصول على ٥ مقاعد من أصل ٦ بعدما حسم برأيه فوزه بـ ٤ مقاعد في هذه الدائرة.

وأفادت المعلومات بأن الموقف المشترك بين السفير السوري و”حزب الله” يتقاطع على إسقاط النائب وائل أبو فاعور، بحيث نقل عن السفير السوري قوله: “المطلوب إسقاط أبو فاعور ولو سقطت اللائحة كلها”.

كما لفتت إلى أن الجيش اللبناني أوقف قيد التحقيق الضابط اللبناني عماد جانبين الذي رافق الأمين العام لحزب “البعث العربي الاشتراكي” علي حجازي في زيارته الى منطقة راشيا حيث شارك في اجتماع حضره لبنانيون يعملون لصالح المخابرات السورية وآخرون يتبعون للفرقة الرابعة السورية، وكان هدف الاجتماع حشد التأييد للدعوة الى التصويت ضد الحزب “التقدمي” والنائب أبو فاعور.

اذاً، خطوط المعركة واضحة من حيث سعي “حزب الله” ومن معه إلى التضييق على جنبلاط وسحب حصرية تمثيله للدروز لهدفين واضحين: الأول لكي يكون له مرشحون دروز متحالفين معه فيستطيع عندها الزعم بأنه ليس “مذهبياً” وكتلته تضم مرشحين من الطوائف الاسلامية الثلاث (حيث يراهن في الوقت نفسه على استقطاب مرشحين سنة بعد إعلان الرئيس سعد الحريري عدم مشاركته في الانتخابات النيابية) إضافة إلى التمثيل المسيحي الذي يؤمنه له “التيار الوطني الحر” والحزب “السوري القومي الاجتماعي”. والثاني تقليص نفوذ جنبلاط داخل طائفته نظراً الى مواقفه المعارضة بشدة للهيمنة الايرانية على الساحة السياسية في لبنان وعدم انجرار البلد إلى محور معاد لمحيطه وعمقه العربي.

غير أن رياح المعركة الانتخابية لا تسير على ما يبدو وفقاً لمراكب “حزب الله”، بحيث أن جنبلاط قرّر المواجهة مهما كانت الصعوبات. وكشفت مصادر موثوقة أن المفاوضات الهادفة إلى تشكيل لائحة في دائرة البقاع الغربي – راشيا رست على الشكل التالي: اذ سيتحالف النائب أبو فاعور مع النائب محمد القرعاوي في لائحة ستضم إليهما جهاد الزرزور مرشحاً عن المقعد الماروني وهو قريب للنائب هنري شديد، وعلي أبو ياسين مرشحاً عن المقعد السني الثاني ممثلاً “الجماعة الاسلامية” والدكتور غسان سكاف عن المقعد الأرثوذكسي وعباس عيدي عن المقعد الشيعي.

وفي إطار محاولات تطويق أبو فاعور، تلقى الدكتور سامي ريشوني الذي كان متوقعاً انضمامه إلى لائحة أبو فاعور – القرعاوي كمرشح عن المقعد الشيعي تهديدات من الثنائي الشيعي دفعت به الى سحب ترشيحه، بحيث تشير المعلومات إلى اتصال تلقاه ريشوني من شخصية رفيعة المستوى تابعة للثنائي الشيعي طالبةً منه الابتعاد عن المعركة الانتخابية، وعدم خوض غمار الانتخابات الى جانب هذه اللائحة والانسحاب فوراً.

وفي الدائرة نفسها حيث يحظى نائب رئيس المجلس النيابي ايلي الفرزلي بشعبية كبيرة في الأوساط السنية والشيعية والدرزية والمسيحية، وهو مرشح على لائحة الرئيس نبيه بري و”التيار الوطني الحر” التي تضم المرشحين حسن مراد وطارق الداوود المعارض لرئيس الحزب “التقدمي”، فقد أشارت مصادر مطلعة الى أن بري متمسك بالفرزلي إلى حدّ قوله “قبلان قبلان وايلي الفرزلي داخل اللائحة سوياً أو خارجها سوياً”، رافضاً إعطاء أصوات تفضيلية شيعية للمرشح الدرزي طارق الداوود لتعزيز موقع الفرزلي، مؤكدة أن هذا القرار أبلغه بري الى النائب طلال ارسلان.

إلى ذلك، أوضحت المصادر أن العميد المتقاعد محمد حسين قدورة أحد كوادر تيار “المستقبل” في البقاع الغربي، أعلن انسحابه من اللائحة التي تضمه إلى مرشّح “القوات اللبنانية” في الدائرة، “بعد شعوره بأنه كان ضحية فخّ جرى نصبه له لكي يضرب حظوظ النائب محمد القرعاوي”.

وعلى الرغم من تسجيل اللائحة رسمياً في وزارة الداخلية تحت اسم “بقاعنا أولاً” والتي ضمّت إلى قدورة، المهندس خالد العسكر، المحامي داني خاطر، المحامي جورج عبود والمحامية غنوة أسعد، إلا أن المصادر أكدت أن قدورة أعلن انسحابه في منتصف الطريق بعد تدخّل شخصيات بقاعية وازنة.

ولا تخفي المصادر شكوكها بأن يكون “حزب الله” هو اللاعب الأول إلى جانب مخابرات النظام السوري وسفير هذا النظام في “تخييط” التركيبات الانتخابية في البقاع الغربي والهدف الموضوع نصب أعينهم إسقاط النائب أبو فاعور، في إطار تطويق جنبلاط من خلال إسقاط أقرب معاونيه السياسيين.

لكن أبو فاعور أكد أن “المعركة كبيرة والإستهداف كبير والحرب تكاد تكون كونية على الحزب التقدمي الإشتراكي على المستوى العام والخاص، وكلنا ثقة بأن أبناء راشيا والبقاع الغربي قد فهموا التحدي ونحن فهمنا التحدي وسنرد على هذا التحدي”.

شارك المقال