“العزل السني” لباسيل يربك حسابات “حزب الله”

رواند بو ضرغم

تهوّل بعض رموز قوى الرابع عشر من آذار من مغبة تسليم البلاد الى “حزب الله”، ومنهم من انتفض في وجه الرئيس سعد الحريري نُصرةً لبيروت، بعد إعلان تعليق عمله وتياره السياسي من خلال الانكفاء عن المشاركة في الاستحقاق الانتخابي في الخامس عشر من أيار المقبل، فاتهموه بالاستسلام للهيمنة الايرانية، وبأنه قدّم بيروت على طبق من فضة لـ “حزب الله” وحلفائه… ولكن كل هذه الاتهامات لا تنم الا عن قصر نظر حلفاء الحريري، لأن من يريد معرفة أهمية خطوته فلينظر الى الارباك الذي سببه لخصومه.

ماذا يفعل “حزب الله”؟

كثير من الشائعات يقول بأن “حزب الله” سيكسب الأكثرية النيابية، وسيحصد أصواتاً سنية تكسبه المجلس النيابي وتوازناته… ولكن من أين سيحصل على كل هذه الأصوات؟ وهل صحيح أنه مرتاح الى وضعه الحالي؟ وللإجابة عن هذه الاسئلة، علينا الغوص في ما يفعله…

يمارس “حزب الله” ضغطاً كبيراً للمّ شمل حلفائه، فيضغط من أجل جمع رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل برئيس الحزب “الديموقراطي اللبناني” النائب طلال ارسلان. كما يضغط بقوة باتجاه جمع باسيل بالحزب “السوري القومي الاجتماعي” – جناح الروشة. ويمارس ضغطاً خيالياً ليجمع باسيل برئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية، وهذا ما مهّد له الأخير في حفل الاعلان عن لائحته عبر اتباع سياسة مد اليد، فكانت إشارة منه لتحضير الأرضية واستيعاب رفض قاعدته الشعبية لباسيل. اضافة الى الضغط الذي مارسه رئيس مجلس النواب نبيه بري من خلال حليفه “حزب الله” على باسيل للحفاظ على ترشيح أمل أبو زيد الى جانب النائب زياد أسود، لتصب أصوات الشيعة في جزين لمصلحة أبو زيد، عقاباً لأسود على حملاته الهجومية والتحريضية ضد حركة “أمل” و”حزب الله”، وهذا ما أحرج باسيل داخل تياره حفاظاً على حليفه الشيعي وأصواته.

كل هذه المحاولات تهدف الى تعويم باسيل، فـ “حزب الله” المتلهي بهذه الجزئيات في خضم المعركة الانتخابية وتشرذم حلفائه، هل سيستطيع أن يكسب أصواتاً سنية ونواباً في المجلس؟

يُسجل على باسيل أن لوائحه في الدوائر كافة تفتقر الى الأسماء السنية الوازنة، ولم تضم أي مرشح سني له قاعدة شعبية أو وزن سياسي أو حتى عائلي. كما افتقرت الى أسماء برزت في ثورة 17 تشرين، وهذا ما يؤكد أن العزلة المفروضة على باسيل ستؤثر سلباً على حليفه “حزب الله”، وستفقده احتمالية كسب المقاعد النيابية السنية.

صحيح أن واقع “القوات اللبنانية” سنياً لا يختلف كثيراً عن واقع باسيل، وأن الغضب السني على سمير جعجع كبير، إنما الغضب الأكبر سنياً منصبّ على جبران باسيل على اعتبار أنه هو من أوصل التسوية الرئاسية الى الهلاك، وحوّل علاقته التحالفية مع الحريري الى خصومة. والأهم من ذلك، أن سبب النقمة السنية على باسيل أساسها نكرانه فضل الرئيس الحريري عليه وعلى عمه الذي أوصله الى سدة رئاسة الجمهورية. وهنا وقع “حزب الله” بين نارين، فهو لا يريد إرجاء الانتخابات النيابية ويعتبرها محطة أساسية لفرض قوته داخلياً وخارجياً، ومن جهة أخرى فإن حصوله على الأكثرية النيابية ستجعله يتحمل مسؤولية الانهيار الاقتصادي والارتطام الكبير المقبل على البلاد. ومن هنا، يرى خصوم الحريري أنه تصرف بذكاء، لأنه رأى خطورة المرحلة المقبلة وهو أول من حذر منها، فتعامل معها على أساس الانكفاء والنظر الى تخبط خصومه وارتباكهم، وعلى رأسهم باسيل الذي تعامل معه بكيدية مصلحية، بعيداً من الحس الوطني بإنقاذ البلاد وانتشال العباد.

شارك المقال