هل تحمل الانتخابات كتلة نسائية فاعلة الى المجلس؟

فاطمة حوحو
فاطمة حوحو

ليس من السهل على النساء دخول البرلمان اللبناني، على الرغم من محاولات طرقه عدة مرات من قبل مستقلات وممثلات عن المجتمع المدني، وتباهي السلطة بتقديم شخصيات نسائية كان بعضها مجرد ديكور في اللوائح وأخريات تركن أثراً من خلال نشاطهن في مجالات بقيت محصورة بالعمل الاجتماعي أو التربوي أكثر من العمل السياسي والاجتهاد التشريعي.

وبغض النظر عن النجاحات والاخفاقات، لا بد من الاشارة الى أن حظوظ النساء المرشحات للانتخابات النيابية في لبنان على لوائح السلطة كبيرة، فالمحادل تفعل فعلها لكن هذا لا يظهر دور المرأة الفعلي. وفي المقابل، من الواضح أن المعارضة سعت الى تمثيل النساء على لوائحها، ولكن هل من امكان لوصول هؤلاء المرشحات الى الندوة البرلمانية؟ وهنا لا بد من رؤية نشاطهن الفردي خاصة في ظل غياب دعم الجمعيات وتفرق الهيئات النسائية، وما اذا كانت “الكوتا” اذا صح التعبير التي اعتمدت في لوائح المعارضة، يمكن أن تترك تاثيراً في العملية الانتخابية أم أن الجهد سينصب على إنجاح الذكور فيها، خاصة في ظل التركيبة الطائفية والخلفيات المجتمعية التقليدية التي تعلي من شأن الرجال وتخفض من قيمة النساء بصفتهن تابعات ولسن في مواقع القيادة.

ويتساءل متابعون عما اذا كان باستطاعة النساء في لوائح المعارضة الفوز بتعاطف نسائي يوصلهن الى الندوة البرلمانية؟ “فالمرشحات يحتجن الى بذل جهود كبيرة لكسب ثقة الشرائح الاجتماعية بهن، على الرغم من أنهن قادرات على لعب دور مميز في البرلمان، فهن أكثر جرأة وشفافية وقدرة على مواجهة المشكلات وطرح الحلول وحفظ استقلالية قرارهن، الا أن الرأي العام اللبناني لا يزال حتى الآن يهمّش قدراتهن الهائلة، وهو أمر يحتاج الى وعي اجتماعي، والعمل على تأييد حضور المراة الطبيبة والاعلامية والأكاديمية والمحامية وكل إمراة لعبت وتلعب دوراً بارزاً في الحياة الاقتصادية والاجتماعية والتربوية، لا سيما في حركة التغيير السياسي والاجتماعي، فثورة 17 تشرين اعتبرت “ثورة أنثى” نظراً الى الدور البارز والأساس الذي قامت به النساء في الثورة، لا سيما مثلاً في الجنوب عندما حاول حزب الله في النبطية الضغط لترك ساحات الثورة، وكان للنساء دور بارز في التصدي لسلطته”.

ويعتبرون أن “مشاركة النساء في ادارة البلد ضرورية ويجب ألا يخفق التغييريون في ايصالها الى المجلس النيابي، ومساعدتها على تخطي الصعوبات والعوائق ومفهوم المحسوبيات الحزبية والمذهبية، فالنساء لسن أقلية في لبنان كما يتم التعاطي معهن بل هن يشكلن حوالي 65% من الشعب اللبناني ولا بد من أن يجري تمثيلهن بصفتهن الأكثرية”.

ويرى المتابعون أن “الظروف اذا سمحت بإيصال كتلة نسائية مؤلفة من عشرة أو 15 امرأة الى البرلمان في هذه الانتخابات، نستطيع حينها أن نحكم على دور النساء ومدى قدرتهن على المواكبة التشريعية وتحقيق مشاريع قوانين هادفة الى التغيير، لكن طالما أن نسبة تمثيل النساء 2 أو 3 بالمئة من مجمل البرلمان فيبقى هذا الدور غير واضح وتبقى المرأة مهمّشة ولا يمكن تسليط الضوء على انجازات مؤثرة”.

ولا يغيب عن هؤلاء الاشارة الى كثرة عدد المرشحات اليوم، معتبرين ذلك “من انجازات 17 تشرين التي أرست عملية تغيير في المفاهيم وسمحت لهذا الكم الهائل من المرشحين والمرشحات بأن يعلن عن نفسه، وليؤكد أن كل شخصية تستطيع أن تكون قادرة على الوصول الى المجلس النيابي اذا توافرت الشروط الملائمة. ومعظم المرشحات لسن آتيات من العدم بل لهن تاريخ نضالي ومهني وناجحات في كل النشاطات التي قمن بها”.

وينتقدون حملات البعض على مرشحات مستخدمين “أسلوباً سيئاً في النبش بالحياة الشخصية وهو أمر لا يحصل مع المرشحين الذكور، فقط لتشويه سمعتهن واختزالهن في اطار معين وهي نظرة متخلفة لا بل هو تعد لا بد من مواجهته”.

ماذا تقول المرشحات؟

لينا حمدان المرشحة في دائرة بيروت الثانية على لائحة “بيروت بدها قلب” برئاسة النائب فؤاد مخزومي، أوضحت لــ “لبنان الكبير” أنه سبق لها أن ترشحت من قبل “وهو أمر من ضمن المسيرة التي مشيت فيها منذ زمن، لدي تاريخ مهني ونضالي واجتماعي، عملت في مكتب الرئيس سعد الحريري وكنت رئيسة قسم الترجمة في الحياة كما عملت في مركز كارنيغي وعدت الى مكتب الوزارة من مكتب الأمم المتحدة وعملت في لجنة الحوار اللبناني – الفلسطيني، ومنذ خمس سنوات أنا خبيرة تواصل وإعلام على برامج ممولة من الاتحاد الأوروبي، وفي المقابل أنا أحد مؤسسي الصوت الثالث في العام 2011 وهي جمعية رفعت شعارات، قامت ثورة 17 تشرين برفعها أيضاً وكنت جزءاً منها، وعضو في تحالف 17 تشرين المطالبة الذي ضم ثواراً من كل المناطق”، مؤكدة أن مكانها الطبيعي “هو في المطالبة بحقوق المواطن اللبناني والدفاع عن الحريات والمواطنة، وجاءت فرصة 17 تشرين لمشاركة المواطنين اللبنانيين في تحقيق هذه المطالب. واليوم لدينا مشروع ورؤية وفكرة وهي كيف يمكننا تأمين شبكة أمان اجتماعي له وهذا جزء من مشروع كبير ولكن هذا ما أهتم به شخصياً”.

وقالت: “بالتأكيد نحن كأعضاء متوافقين مع برنامج اللائحة، لكل واحد منا اختصاص وهو سيتولى جزءاً من هذا البرنامج والاشراف عليه بعد وضع برنامجه الخاص لتنفيذه. مشروعي هو اقامة شبكة أمان اجتماعي، عبر برامج التنمية، وتأمين التغطية الصحية والاجتماعية. وأنا لدي إلمام بالأمور الاقتصادية وبحقوق المودعين والحقوق الانسانية”.

وبرأيها أن “النساء يستطعن التأثير في عمل المجلس النيابيـ ولو قام كل نائب موجود حالياً بعمله المفترض لما وصل البلد الى ما وصل اليه. واذا لاحظنا أنه خلال الجلسات كانت قاعة المجلس تبدو شبه فارغة، ورؤساء الكتل يصوّتون عن البقية، مما يعني أن النواب لم يقوموا بعملهم، ونحن نطمح الى القيام بواجبنا على أكمل وجه عبر العمل التشريعي ومراقبة الحكومة، ولانتخاب رئيس جمهورية ولجان وسنقوم بكل الأدوار التي هي من صلب مهامنا، نريد الدخول الى المجلس النيابي من أجل العمل وليس للوجاهة”.

وتشير حمدان الى أن “نسبة المرشحات في انتخابات 2022 جيدة فهناك 111 امرأة الا أننا نطمح الى النصف، ولكن لا بأس المهم أن المرشحات يتمتعن بكفاءات لازمة ولهن تاريخ نضالي ومهني واجتماعي وكل لائحة لا تضم سيدات هي لائحة خاسرة من الأساس، فنحن شجعنا ليس من الآن بل منذ عشر سنوات ونفذنا برامج وأنشطة مختلفة لتمكين المرأة، وكل المرشحات لديهن دراية وعلم وفهم لدور النائب وواجباته أكثر من بعض النواب الموجودين اليوم في المجلس النيابي، ونحن يجب علينا تشجيع المرشحات”، متمنية “أن تتم مقاطعة اللائحة التي لا تضم سيدات من قبل الناخبين لأنها لم تحترم تمثيل المرأة في المجال السياسي. ونحن لاحظنا أخيراً أن هناك ردود فعل مؤسفة على ترشيحات طاولت بعض السيدات ويمكن وصفها بالتعدي على حياتهن الشخصية وهذا أمر لا يجوز لا أخلاقياً ولا مهنياً ولا سياسياً وسوف نرد عليه بالشكل المناسب وعلى هذه الممارسات”.

وتعرضت المرشحة عن المقعد الدرزي في دائرة بيروت الثانية ريما أبو شقرا عن “بيروت مدينتي” إلى حملة بسبب زواجها السابق من ناشط سياسي معارض وترويج شائعات بهدف تشويه السمعة باستخدام “خبريات” وتأليف قصص مرتبطة بحياتها الشخصية. والى جانب أبو شقرا شنت حملة أيضاً على مرشحة أخرى على خلفية اتهام ابنتها بالمثلية الجنسية بهدف تشويه السمعة بين الناخبين المحافظين.

وأوضحت أبو شقرا لــ “لبنان الكبير” أن ترشحها للانتخابات النيابية لم يكن مرة هدفاً لها أو حلماً من أحلامها، مستدركة بالقول: “اننا في بلد منهار ونعيش في مأزق كبير وليس لدينا أي حلم سوى تخطي المعاناة من دون مساعدة من الخارج. ولذلك كان ترشحنا على أساس هذا القانون الانتخابي على الرغم من علاته، لأننا مقتنعون بأن الانتخابات هي السبيل الى إحداث تغيير والا فالخيار الآخر المطروح هو الحرب الأهلية. بالتالي كان يجب علينا إعطاء الناس البديل ولم يكن أمامنا سوى الانتخابات”.

وأشارت الى أنها تمثل “أي شخص يطمح الى بناء دولة قانون، دولة عدالة، ويريد محاسبة عصابة اللصوص والمجرمين الذين يحكموننا وأوصلونا الى حياة الذل والمهانة”، لافتة الى أن لديها برنامجاً خاصاً يتوافق مع برنامج اللائحة الواضح، “الذي يحمل على عاتقه الالتزام بالعمل المؤسساتي للدولة، وتطبيق القوانين وتطويرها في حال وصولنا الى المجلس”. وقالت: “ان لائحة بيروت مدينتي منسجمة من أعضاء كلهم يحملون البرنامج نفسه من دون أي خلافات. ولا يهم من يصل الى اندوة البرلمانية من أعضائها، ولا يوجد أي صراع على الصوت التفضيلي”.

وعن الحملة التي تعرضت لها، قالت: “أنا إمراة مطلقة وطليقي من المجموعة نفسها واذا كان لا بد من المواجهة مع مروجي هذه الخبريات فلتكن هناك مناظرات، علماً أن من حاولوا الطعن بي محسوبين على الثوار وكان من المفترض أن نتحد في اتفاق على اختيار مرشحين وفقاً لمعايير الكفاءة لخوض المعركة الانتخابية”.

وأسفت لمحاولات اقصائها عن الترشح كونها طليقة فلان، “لأن عينهم كانت على المقعد الدرزي، علماً أنني انسانة مناضلة موجودة في الساحات منذ ما قبل الثورة، وكنت مشاركة في اللجان التي تخطط للتحركات، فكيف يصنفني البعض بأنني طليقة أو ملحق أو تابع؟”.

وعن كيفية ردها على هذه الحملة التي وجهت ضدها، أجابت: “أنا مستمرة في المعركة ولن أخضع للاستفزاز”، مؤكدة أنها ستهتم في حال نجحت في الانتخابات بقضايا حقوق المرأة من اعطاء الجنسية الى الغاء القوانين المجحفة بحقها الى القانون الموحد للأحوال الشخصية والغاء التمييز وصولاً الى المطلب السياسي الأهم وهو حصر السلاح بيد الدولة وحدها.

شارك المقال