من رحم انهيار “لبنان الكبير”… وُلد موقعه

هدى علاء الدين

…وها قد دخل لبنان الكبير عامه الواحد بعد المئة مثقلاً بالهموم والشدائد، تتلاطمه أمواج الانهيار العاتية ملقية به في مستنقعات اليأس والإحباط. لبنان الكبير الذي خطّ الجنرال غورو تاريخ تأسيسه في الأول من أيلول العام 1920، يعيش هذا العام في حُكم العدم بعدما دخل في معركة خاسرة أرادوها له وصمة عارٍ وذلٍّ في تاريخه الحديث.

في العام الواحد بعد المئة، انهار لبنان الكبير بفعل جرم مقصود قتل أحلام اللبنانيين في أبشع وأشنع مجزرة سياسية واقتصادية، وحوّل الدولة إلى فتات دويلات بعدما خانه حكامه وخذله مسؤولوه، فأصبحت الوطنية سمسرة والسرقة هدفاً والإصلاح حلماً.

في العام الواحد بعد المئة، استقبل اللبنانيون أقدارهم السود بعدما غرقوا في الفساد والعجز والظلمة، فما كان من اقتصادهم إلا أن سقط في أسوأ أزمة عالمية، جعلت النعمة نقمة والعزة فاقة والبحبوحة ضيقاً والرفاهية بؤساً.

كلّ شيء في لبنان الكبير أصبح مصدراً للهلاك، حتى أن حاضرنا ما عاد يُشبه ماضينا ومستقبلنا أبعد من أن يُشبه حاضرنا.

كلّ شيء في لبنان الكبير فقد لذّة الحياة، حتى بات هدفنا تأمين صفيحة بنزين وعلبة دواء ورغيف خبز واشتراك كهرباء.

كلّ شي في لبنان الكبير أصبح قنبلة موقوتة، حتى أضحت أرضه غربة وأحلامه أوهاماً وكيانه مأوىً للأزمات والتحديات.

دولة لبنان الكبير… مئة عام وعام تختصر قصة وطن موجوع طاله جنون الإجرام حتى بطش به من دون رحمة.

دولة لبنان الكبير… مئة عام وعام سقط خلالها ضحية من عاشوا كي يموت الوطن… إنه موت من نوع آخر لا يعرفه البشر… موت بلا دماء وحرب بلا ذخيرة ورحيل بلا وداع.

وإذ من رحم انهيار دولة لبنان الكبير، يولد موقع “لبنان الكبير” يقيناً منه بأن وطن الأرز لا يمكن له الخضوع أو الاستسلام، وبأن الأحلام مهما حاولوا طمسها قد تُؤجل لكنها حتماً لن تموت.

وإذ من رحم انهيار دولة لبنان الكبير، يولد موقع “لبنان الكبير” إيماناً منه بأنه من رحم الألم يولد الأمل، ومن رحم الأزمات تولد الفرص، ومن رحم الضعف تولد القوة، ومن رحم الموت تولد الحياة.

عام على ولادة موقع “لبنان الكبير”… عام على ولادة مسيرة إعلامية وصحافية بأقلام حرة وجريئة وثقت على مدى 365 يوماً انهيار دولة لبنان الكبير، إلا أنه وعلى الرغم من قساوة ما خطّت وكتبت ستبقى دوماً متسلحةً بعزيمة صلبة وإرادة لا تُقهر لاستعادة لبنان الكبير ممن استوطن به قهراً وفتك به ظلماً وعبث به جهراً.

شارك المقال