نصر الله ينفّذ تهديد الأسد لجنبلاط: له دروزه ولي دروزي

صلاح تقي الدين

عشية اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري وبعد عودته من اجتماعه العاصف مع الرئيس السوري بشار الأسد، توجه الأخير بعبارات تهديد واضحة وصريحة إلى الحريري لكي يقبل بالتمديد للرئيس السابق أميل لحود، موجهاً أيضاً تهديداً مباشراً إلى وليد جنبلاط بالقول: “بكسر راس الجبل عليه إذا عندو دروز أنا كمان عندي دروز”.

لكن يبدو أن الأسد الذي انسحب من لبنان على خلفية القرار 1559 ثم ابتلي بالحرب الداخلية التي أنهكت قواه على مدار 11 عاماً، عاد بعد استتباب الوضع العسكري لنظامه نتيجة التدخل الروسي والايراني المباشر، إلى محاولة تنفيذ تهديده لجنبلاط من خلال الايعاز الى أشلاء نظامه الأمني والمخابراتي وعبر “حزب الله”، بمحاصرة جنبلاط انتخابياً وتطويقه عبر محاولة تقليص عدد نواب كتلته النيابية فبدأ الحزب ينفّذ الخطة على الشكل التالي:

– على الرغم من غياب الود بين حليفي سوريا وئام وهاب وطلال أرسلان، عمد الحزب إلى الضغط عليهما لتوحيد قواهما في لائحة واحدة في دائرة الشوف – عاليه لمواجهة لائحة جنبلاط. وإن كان السبب المعلن للخلاف بينهما من جهة وبين رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل من جهة أخرى رفض الأخير ضم الوزير السابق ناجي البستاني إلى اللائحة المشتركة لوجود النائب فريد البستاني عليها مرشحاً من قبل التيار، إلا أن “سحسوحاً” خفياً وجه إلى باسيل وأرسلان ووهاب معاً، فرض عليهم التغاضي عن كل الخلافات والمضي تنفيذاً لأوامر دمشق وحارة حريك بتشكيل اللائحة علّ “حلم إبليس بالجنة” يتحقق ويتمكن وهاب من كسب المقعد الذي يشغله النائب مروان حمادة.

ونظراً الى الظروف المعيشية السيئة التي يعيشها اللبنانيون، عمد فريق الممانعة إلى استخدام المال السياسي والرشاوى الانتخابية من مازوت ومواد غذائية وأموال نقدية وتوزيعها على الناخبين في القضاءين بغية كسب أصواتهم لصالح لائحة أرسلان – وهاب وذلك بشكل مكشوف و”على عينك يا تاجر”.

– لم يكتف نظام دمشق بتكليف سفيره في لبنان علي عبد الكريم علي تطريز لائحة حسن مراد في البقاع الغربي – راشيا بضم أزلامه إليها وفي مقدمهم طارق الداوود شقيق النائب السابق فيصل الداوود لكي ينافس على مقعد النائب الاشتراكي وائل أبو فاعور، بل أوفد أيضاً مبعوثه الأمين العام لحزب “البعث العربي الاشتراكي” علي حجازي لكي يصول ويجول في قرى القضاء وعقد الاجتماعات مع الفعاليات التي تدور في فلك النظام السوري لكي يحفّزها على ضرورة الاقتراع بكثافة لصالح لائحة مراد وإعطاء الصوت التفضيلي لصالح الداوود بهدف كسر أبو فاعور والاستيلاء على مقعده. لكن حجازي في مهمته هذه، تسبب بتوقيف الضابط في الجيش اللبناني عماد جانبين الذي اصطحبه معه خلال جولته، بسبب حضوره اجتماعات مع لبنانيين يعملون لصالح المخابرات السورية وذلك من دون تكليف رسمي من قيادة الجيش.

كما مارس “حزب الله” من جهته ضغوطاً كثيفة على المرشحين الشيعة ترهيباً وتهديداً بغية عدم الانضمام إلى اللائحة التي يشكلها أبو فاعور بالاشتراك مع النائب محمد القرعاوي، فكانت النتيجة الأولى انسحاب المرشح سامي ريشوني، بعد اتصالات تلقاها من شخصية رفيعة المستوى تابعة لـ “حزب الله”، طالبة منه الابتعاد عن المعركة الانتخابية، على الرغم من أن ريشوني له حضوره الاجتماعي المحمود من أبناء المنطقة.

– وفي بيروت، حيث المقعد الدرزي الذي يشغله النائب فيصل الصايغ مرتبط ارتباطاً وثيقاً بنتيجة تصويت الناخب السني الذي يشكل الرافعة ويؤمن الحاصل الانتخابي، فإن إعلان الرئيس سعد الحريري تعليق المشاركة في الانتخابات النيابية ترشحاً واقتراعاً، جاء بمثابة الفرصة السانحة بالنسبة الى “حزب الله” لكي يحاول الانقضاض على هذا المقعد وذلك من خلال تبني ترشيح نائب رئيس الحزب “الديموقراطي” نسيب الجوهري على لائحته، وسط معلومات أشارت إلى طلب أرسلان من القيادة السورية و”حزب الله” تأمين 5 آلاف صوت تفضيلي للجوهري لكي يضمن خسارة الصايغ مقعده.

حقد سوري على جنبلاط يعود إلى العام 2005، تغذّيه مواقف جنبلاط السيادية التي أطلقها ولا يزال يتمسك بها ضد “حزب الله” وإيران، تجمّعت كلها في سلة واحدة بغية الانتقام منه، لكن حسابات الحقل لن توافق حسابات بيدر الحزب، والناخب اللبناني عموماً والدرزي خصوصاً أمام خياري الانجرار وراء “حزب الله” الذي ساهم مع الرئيس ميشال عون في إيصاله إلى جهنم، أو الوقوف سداً منيعاً في وجه خطة الحزب الاستمرار في قضم مؤسسات الدولة اللبنانية وسلوك طريق إعادة البناء والاصلاح الحقيقية… إن غداً لناظرة قريب.

شارك المقال