انفصام الرئاسة… “الله يعين من هلق لتشرين”

رواند بو ضرغم

فليعتذر الشعب اللبناني الى رئيسهم الذي يشاركهم معاناتهم وأزماتهم. كان الشعب يظن أن رئيسه يعيش في قصره العاجي، ناعما متنعما بمقدرات الوطن المفلس، فتبين أنه من لحم ودم مثلنا، يعيش مأساة صعبة تراكمت فيها المشكلات، يعيشها كما نعيشها نحن، وأصابه ما أصابنا أيضا… هكذا قال!

الايجابية الوحيدة في كلام رئيس البلاد أنه طمأن اللبنانيين والمجتمعين العربي والغربي الى أن الانتخابات حاصلة في موعدها، وكل التحضيرات جاهزة لذلك، الا إذا حصل شيء لا سمح الله!. هنا ترك رئيس البلاد بابا لصهره لعرقلة الانتخابات من باب وزارة الخارجية وانتخابات المغتربين. لكن حليفه المتمثل في “حزب الله” لن يكون شريكا له في العرقلة، وخصوصا أنه مع حركة “أمل” يعدّان من أكثر المتحمسين لاجراء الانتخابات بهدف انتزاع الشرعية من خلال المجلس النيابي الجديد.

اما الانفصام السياسي فمتمثل في التحالف الانتخابي حينا، والتصويب على الشريك أحيانا. ففي حين أن “التيار الوطني الحر” متحالف انتخابيا مع “حزب الله” وحركة “أمل” في الانتخابات النيابية، الا أن رئيس الجمهورية صوب على الثنائي الشيعي من خلال التشكيلات القضائية المتعلقة برؤساء محاكم التمييز.

وعن بيان وزير المال المحسوب على الرئيس نبيه بري الذي تحدث عن خطأ أساسي يُصار الى تصحيحه قبل توقيعه، قال الرئيس ميشال عون: “ليس هناك من خطأ أساسي بل هناك عرقلة، ويجب أن تعلموا من يعرقل، فليتوقّفوا عن الكذب عليكم… الجميع يعلم من هو المعرقل”، سائلا: “من أوقف مجلس الوزراء؟”.

عون بمواقفه هذه أعاد إشعال جبهة الخلافات مع الثنائي الشيعي، وهو الذي يتحالف معه في الانتخابات النيابية.

معلومات خاصة بموقع “لبنان الكبير” تؤكد أن المرسوم لا يراعي التوازنات، لذلك لم يوقع. وهناك رئيس غرفة تمييزية ماروني زيادة عن رؤساء الغرف المسلمين، بحيث جرت العادة أن يكون رئيس مجلس القضاء الأعلى الماروني هو رئيس الغرفة الخامسة المسيحي، الا أن المرسوم عيّن رئيس غرفة مسيحيا آخر وأبقى على القاضي سهيل عبود عضوا في المجلس، وهذا ما يعني عمليا وجود ستة رؤساء غرف مسيحيين وخمسة من المسلمين… الا أن رئيس الجمهورية يحاول أن يضع عدم التوقيع في مكان آخر لاستغلاله سياسيا وانتخابيا، في حين أنه هو نفسه من يهلوس بالتوازنات ليلا ونهارا، ويجاهر بحفظه للدستور.

كعادته، لن ينزل الثنائي الشيعي الى مرتبة الرد على كلام إعلامي بهدف إنتخابي، وهو يعلم أنه لولا تحالف عون معه لكان جبران باسيل وتيار عمه في خبر كان، ولظهر حجمه الحقيقي. ويعتبر الثنائي أن رئيس الجمهورية يسعى الى إضفاء فكرة أنه “بيّ الكل” وفاصل مع تياره في خوض الانتخابات. لذلك، فالثنائي متفهم لكلامه ولن يردّ عليه، وخصوصا أنه رجل مسنّ واعترف أمام عدسة الكاميرات بأنه على علم بالنيترات ولكن صلاحياته كرئيس لم تسمح له بالتدخل وتفادي هذه الكارثة التي حلّت ببيروت وأهلها وأصابت لبنان في الصميم. ولو كان يريد للقضاء أن يكون حرا لوقّع التشكيلات القضائية ولأعطى الاذن بملاحقة المحسوبين عليه.

ويختم مصدر مسؤول كلامه لموقع “لبنان الكبير” بالقول: “هؤلاء جماعة لا نعرف كيف يجب أن نتعاطى معهم، فالوقت بدأ ينفد والى تشرين الله يعين”.

شارك المقال