مسؤول استخباراتي أميركي يدعو لتفكيك “الحرس الثوري”

حسناء بو حرفوش

دعا مسؤول استخباراتي أميركي سابق الى “تفكيك فيلق الحرس الثوري الإسلامي الإيراني وعدم الإكتفاء بشطب تصنيفه كمنظمة إرهابية”، معتبراً أن هذه الخطوة الأخيرة “ستضر بمصالح الولايات المتحدة وبتلك الخاصة بالشعب الإيراني أيضاً”.

وكتب ديفيد شيد، المدير السابق بالنيابة لوكالة استخبارات الدفاع الأميركية، في مقاله في موقع “ناشيونال إنترست” (nationalinterest) الالكتروني الأميركي: “يرتكز سعي إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن الحثيث لإحياء الاتفاق النووي الإيراني على الأمل بإمكان تعديل سلوك النظام الإيراني من خلال تقديم المزيد من التنازلات. ولكن حكام طهران يتمتعون بسجل حافل من عدم الامتثال لكل اتفاقية خلال العقود الأربعة التي أمضوها في السلطة. ومن ضمن التنازلات الرئيسة التي قيل إن إدارة بايدن تنظر فيها، التراجع عن تصنيف الحرس الثوري الإيراني كمنظمة إرهابية أجنبية.

وتضاءل التفاؤل بإبرام صفقة مع إيران بشكل طفيف في الأيام الأخيرة، بحيث أعلن المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية نيد برايس أن الولايات المتحدة “تستعد على قدم المساواة” لسيناريوهات تفعّل فيها الاتفاقية أو تترك لتنهار بالكامل. وبالنسبة الى بعض منتقدي المفاوضات الحالية، يحاول الكونغرس من خلال هذا التكتيك إثبات أن الإدارة اتخذت موقفاً حازماً في المفاوضات، على الرغم من أن كل الأدلة تشير إلى العكس. وأصبح من الواضح بشكل متزايد، منذ رفض إيران مسودة اتفاق قيل إنها اكتملت في شباط الماضي، أن إحياء الاتفاقية النووية سيعتمد على التنازلات للنظام الإيراني، لا سيما تلك المتعلقة بالحرس الثوري.

ودفع النظام الإيراني بقوة منذ عودة كبير المفاوضين الإيرانيين إلى فيينا بعد مشاوراته النهائية في طهران، لإزالة تصنيف الحرس الثوري الإيراني كمنظمة إرهابية أجنبية، وهو تصنيف مرتبط بتورط الحرس الراسخ في الهجمات الإرهابية التي يعود تاريخها إلى الثمانينيات ودعم هجمات المسلحين العراقيين ضد الأميركيين ودعم الرئيس السوري بشار الأسد إضافة إلى أنشطة أودت بحياة مئات من الجنود الأميركيين. وفصلت أنشطة الحرس الثوري في تقرير أصدره المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية الشهر الماضي، وشرح فيه “سبب رغبة طهران في إزالة الحرس الثوري الإيراني من قائمة الإرهاب الأميركية”. كما أوضح أن “تصنيف المنظمات الإرهابية الأجنبية أعاق العديد من المعاملات المالية الأجنبية المتعلقة بالحرس الثوري الإيراني”، معتبراً أن فاعلية استراتيجية الولايات المتحدة كانت لتزيد لو “تم تعزيزها بإجراءات عقابية وعقوبات أخرى”.

أضاف شيد: “إنه لمن المروع أن يفكر البيت الأبيض حتى في تقديم تنازل بهذا الحجم لنظام يعتمد على الحرس الثوري الإيراني كأداة للقوة الوطنية. يجب أن يعامل على أساس تصنيفه كمنظمة إرهابية، لأنه لا يستطيع كما ولن يغير سلوكه. ولم تعتمد إدارة بايدن الوضوح في تحديد ما قد تقدمه طهران مقابل رفع الامتياز. تشير بعض التقارير إلى أن البيت الأبيض يريد التزاماً بتغيير السلوك الإقليمي للحرس الثوري الإيراني، على الأقل في ما يتعلق بمصالح أميركية محددة. ولكن هذا يعني أن الإدارة الأميركية تتجاهل سجل النظام الإيراني بانتهاك التزاماته وستقمع بشكل أساس الحقيقة حول هدف الحرس الثوري.

ما هو نوع الرسالة التي يرسلها قرار شطب الحرس الثوري الإيراني عن القائمة الأميركية كمنظمة إرهابية، إلى الأصدقاء والأعداء على حد سواء؟ وكيف يمكن للأميركيين تجاهل دوره في الهجمات في المنطقة وحول العالم؟ لقد شكل تصنيف الحرس الثوري الإيراني كمنظمة إرهابية خطوة أولى حيوية. والآن، يجب على إدارة بايدن وحلفاء الولايات المتحدة الأوروبيين تنسيق استراتيجية لفرض جميع العقوبات ذات الصلة بشكل متعدد الأطراف وتقويض القوة الإقليمية للحرس الثوري وقوته المحلية بشكل قاطع.

وهذا الهدف الأخير مهم بشكل خاص نظراً الى حقيقة أن الجمهورية الاسلامية شهدت ثماني انتفاضات منذ نهاية العام 2017. وقد لعب الحرس الثوري الإيراني في تشرين الثاني 2019، خلال أكبر هذه الانتفاضات، الدور الرئيس في حملة قمع ما لا يقل عن 1500 شخص. واللافت أن هذا لم يمنع الشعب الإيراني من الاحتجاج والتعامل مع الحرس الثوري وتأثيره على السياسة الخارجية، وهناك بوادر واعدة على مواصلة الشعب الوقوف في وجهه. وفي هذا السياق، يبعث تصنيف المنظمات الإرهابية الأجنبية برسالة تضامن إلى هذا الشعب، بينما سيوصل شطب اسمه من قائمة الإرهاب رسالة معاكسة داخل إيران وخارجها. أخيراً، إذا كان البيت الأبيض يفكر جدياً في الاستجابة لمطالب طهران، فعليه أن يفهم أن التنازلات تعني أنه لن يدير ​​ظهره لمصالح الأمن القومي الأميركي وحسب، وإنما للشعب الإيراني أيضاً”.

شارك المقال