مَنْ هو الرئيس المقبل؟

عاصم عبد الرحمن

أما وقد جدد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ولايته الرئاسية، وإن كان عليه أن ينتظر حتى نهاية حزيران تاريخ إجراء الانتخابات النيابية في فرنسا ليتحصن حكومياً وتشريعياً، فإن المبادرة التسووية الفرنسية – الدولية لا شك أنها قائمة بعناصرها وأهدافها. فمن هو رئيس الجمهورية الذي ستأتي به هذه التسوية إلى بعبدا؟

على وقع شبه اكتمال مسيرة إجراء الانتخابات النيابية في لبنان، وفي الوقت الذي تستعر فيه نار التسوية الشرق – أوسطية من اليمن إلى سوريا والعراق، يبدو أن الاهتمام الدولي بلبنان يستعيد زخمه وهو ما تُرجم بعودة السفير السعودي إلى لبنان والذي أطلق تحركات ديبلوماسية واجتماعية وانسانية ذوات طابع سياسي انتخابي واضح. يستعد الرئيس الفرنسي لإطلاق مبادرة – تسوية نالت الرضى الأميركي والتنسيق الإيراني والمشاركة العربية – الخليجية وعلى وجه الخصوص سعودية – سورية على اعتبار أن لبنان عرف استقراراً سياسياً غير مسبوق زمن التوافق السعودي – السوري حوله.

وكما بات معلوماً فإن “المبادرة التسوية” المنتظرة حول لبنان تقوم على مستويات ثلاثة:

– سياسية بحيث من المتوقع إجراء تعديلات دستورية من ضمن الطائف تتيح تحرير ممارسة الحكم وتفسير بعض المواد التي تشكل خلافات حولها خاصة لناحية تشكيل الحكومة والمهل الدستورية وتوزيع الوزارات، إضافة إلى تحديد سياسات لبنان الخارجية.

– إدارية بحيث من المتوقع إطلاق ورشة إصلاحات إدارية لبعض مؤسسات الدولة والوزارات التي اهترأت بفعل القوانين البالية وذهنية الإدارة المتخلفة والفساد المستشري والمحاصصة الطائفية.

– إقتصادية بحيث من المفترض أن أي إصلاح سياسي أو إداري وأي تسوية سياسية نهضوية لن تكتمل فصولاً ما لم تقترن بورشة عمل إقتصادية تستهدف إطلاق مشاريع واستثمارات تطلق عجلة الاقتصاد اللبناني وخلق فرص عمل وجذب العملات الأجنبية إلى الداخل اللبناني.

وإذا كان لبنان على موعد مع تسوية سياسية تشمل النظام والإدارة والاقتصاد فأي رئيس للجمهورية سيكون الأب الصالح للبنانيين؟

لا شك أن المرشحين الرئاسيين كثر وأبرزهم: سليمان فرنجية، سمير جعجع، جبران باسيل وغيرهم، ولكل منهم رؤيته الخاصة في الوصول إلى قصر بعبدا منها داخلية تتمثل في احتساب عدد النواب المتوقع الفوز بهم لإثبات قوة المرشح الشعبية، ومنها خارجية تقتضي تحقيق تقاطع دولي وإقليمي وعربي حول شخص صاحب الفخامة اللبناني.

وكان وليد جنبلاط قد نشر تنويرة سياسية ربما تصب في خانة التقاط الإشارات الدولية منذ أيام، إذ اعتبر أن “لا سليمان فرنجية ولا جبران باسيل لرئاسة الجمهورية ولن نكرر تجربة ميشال عون”.

وفي هذا السياق، يجزم أحد الصقور السياسيين عبر “لبنان الكبير” بأن “سمير جعجع لو دخل البرلمان على رأس أكبر تكتل نيابي فلن يصبح رئيساً للجمهورية”.

وعليه، وما دام صندوق النقد الدولي لن يدفع قرشاً واحداً بلا ثورة إصلاح سياسي واقتصادي، فإن مشهدية لبنان الجديد لن تتحقق إلا في ظل عهد سياسي جديد بطله رئيس للجمهورية تسووي يشبه المرحلة اللبنانية المنتظرة، وفي هذه الحال لا يمكن انتخاب رئيس سياسي صرف أو حزبي طرف أو وريث أزمات وإخفاقات.

وعندما يجري الحديث عن تسوية لبنانية شاملة فمعنى ذلك أن شخص الرئيس المقبل ودوره ومواصفاته باتت واضحة المعالم والخيارات، إما وطنية جامعة وإما إقتصادية إصلاحية، فالأولى يمكنها جمع ما فرقته السياسة والثانية يمكنها إصلاح ما أفسده السياسيون.

وهكذا إذاً بات من المؤكد أن دور المجلس النيابي الذي سينتخب في 15 أيار المقبل سيقتصر دوره على مبايعة التسوية المرتقبة وتالياً تشريع ما تتطلبه من قوانين مواكبةً لعمليات الاصلاح الاقتصادي والاداري والسياسي، ولكن من الشغور الرئاسي حتى ولادة التسوية هل يحتمل اللبنانيون مزيداً من الانتظار؟

شارك المقال