انتخابات المغتربين: تذليل العقبات وعطلة العيد تربك الحسابات

فاطمة حوحو
فاطمة حوحو

من المفترض أن تجرى انتخابات المغتربين بين 6 و8 أيار المقبل، وعلى مدى الأسبوعين الأخيرين بدأت بوادر التشكيك بحصولها تطرح الأسئلة حول الغرض من وضع أو إختراع عراقيل في وجه إنجازها، ما يضع العملية برمتها في دائرة الخطر، ويوحي بسعي السلطة الى تطيير هذا الاستحقاق، خاصة بعد شكاوى وزير الخارجية والمغتربين عبد الله بو حبيب من عدم تأمين المستلزمات المالية لاسيما “الفريش دولار” لتغطية التكاليف.

وكانت هذه المسألة موضع أخذ ورد، بين المنظمات الاغترابية التي وجهت كتاباً الى كل من رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي ووزير الداخلية والبلديات بسام مولوي والوزير بو حبيب، استنكرت فيه تصريحات الأخير التي ألمحت الى امكان إلغاء التصويت في الخارج، بسبب بعض الصعوبات المالية، محذرة من عواقب هذا الأمر.

وأشارت الى أن “انتخابات اللبنانيين المقيمين في الخارج يحددها الدستور والقانون”، معتبرة أن “تجهيز وتأمين كل ما يلزم من خطوات لاجراء الانتخابات في الخارج كما في الداخل هو من مسؤولية الحكومة اللبنانية”. ونبّهت على عواقب هذا الالغاء إن حصل، “لأنه بمثابة سلب مقصود لهذه الحقوق، لأسباب سياسية أو بسبب ضغوط من أطراف سياسية محددة”.

وعلى خلفية هذا الجدل، اندفع رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع الى المطالبة بطرح الثقة بوزير الخارجية نتيجة “جريمة” تُرتكَب بحقّ المغتربين، وتحميله المسؤولية عنها، معلناً أنّ “القوات” ستطرح الثقة به انطلاقاً من ذلك.

وفي وقت لاحق، أعلن بو حبيب أن الاجراءات المتخذة في القنصليات اللبنانية اعتمدت آليات موحّدة، رافضاً الاتهام الذي وجه الى السفارة بتسريب لوائح الشطب لـ “التيار الوطني الحر”. واعتبر أن الاعتراضات على الاجراءات “مسيّسة وللتجييش فقط”، مؤكداً عمل الوزارة على تأمين ما يلزم بحيث “شحنت الصناديق ووزعت على البعثات الديبلوماسية وستؤمن أوراق الاقتراع خلال أيام”. وشدد على أن الاستحقاق سيجري في موعده “حتى لو بدّي إشحد”. وفي ما خص توزيع أقلام الاقتراع في سيدني، قال: “ما كُتب قد كُتب، ويمكن للمتضرّر اللجوء إلى القضاء أو لهيئة الإشراف على الانتخابات”.

وحسب الاجراءات، تجرى الانتخابات خارج لبنان يومي الجمعة 6 أيار والأحد 8 أيار بحسب مصادفة يوم العطلة الرسمية في دول الاقتراع، أي سيتم الاقتراع في 9 دول عربية وإيران يوم الجمعة، وفي 47 دولة غربية وأفريقية يوم الأحد، وألغي الاقتراع في أوكرانيا بسبب الحرب فيها.

وبحسب ما جرى في انتخابات 2018، فإن صناديق الاقتراع يفترض أن تنقل عبر شركة شحن DHL، إلى الخارج للاقتراع ثم تعاد إلى لبنان، بإشراف وزارة الخارجية ومديرية المغتربين فيها، على أن تشق طريقها بحماية أمنية الى المصرف المركزي في بيروت ولا تُفتح إلا في نهاية يوم الانتخابات في 15 أيار، لتُفرز مع النتائج العامة للدوائر الـ15 في لبنان.

يذكر أن تسجيل المغتربين للاقتراع رسا عند الرقم 225114 من الذين استوفوا شروط التسجيل من أصل 244442 ناخباً، وأَظْهَرَ تَوَزُّع الناخبين في الدول العربية وأوروبا وأميركا منحى معارضاً، الأمر الذي ظهر في مقاربة قوى السلطة والموالاة لهذا الرقم البالغ التأثير.

وأكد الناشط المغترب حسين عبد الله لـــ “لبنان الكبير”، أن “وزير الخارجية كان يحاول تقديم حجج لتطيير انتخابات المغتربين، ولكنها سوف تحصل في دول الاغتراب، وما يحدث لن يؤدي الى الغائها، والدليل أن السفارات اللبنانية في الخارج بدأت بارسال التفاصيل عن العملية الانتخابية وكيفية الاقتراع وأرقام الأقلام التي سيصوّت فيها الناخبون، ولذلك لا أعتقد بامكان حصول شيء يمكن أن يمنع اجراءها”.

وأشار الى أن “موضوع انتخاب المغتربين في لبنان غير مطروح ولن يؤدي ما يحصل حالياً الى ذلك، فالمغتربون الذين تسجلوا في الخارج سينتخبون في مراكز الاقتراع المحددة، ولكن اذا لم يكونوا مسجلين فيمكنهم الانتخاب في لبنان، وبالتأكيد لن يكون بمقدرتهم تحمل تكاليف السفر. ونحن شاهدنا أن معظم المغتربين سجلوا لأن امكاناتهم لا تسمح لهم بالذهاب الى لبنان خاصة وأن كل القوى تحمست للتسجيل في الخارج حتى توفر على نفسها تكاليف نقل المغتربين المؤيدين لهذا الحزب أو ذاك، فيمكن للبعض أن يدفع اذا شعر أنه بحاجة الى أصوات المغتربين في الداخل، لمن هم من غير المسجلين في الخارج، ولكن لا أعتقد أن أحداً استطاع رصد أموال لذلك، ويبقى خيار الانتخاب في لبنان شخصياً اذا لم يسجل الناخب في الخارج”.

وتساءل “هل مطالبة جعجع بطرح الثقة بوزير الخارجية اليوم ينقذ الانتخابات؟ لا أعتقد ذلك، ولا يمكن أن يؤدي هذا المطلب الا الى شيء ايجابي، فالانتخابات يجب أن تحصل بغض النظر عن الثقة بهذا أو ذاك من الوزراء”.

وأعرب عبد الله عن اعتقاده بأن “لا وجود لمقاطعة الانتخابات في الاغتراب”، قائلاً: “كالعادة قد يكون هناك من سجل اسمه ويوم الانتخاب لا يذهب ليقترع وهذا أمر طبيعي، ونسعى الى أن تكون نسبة تصويت المغتربين عالية”.

أضاف: “نحن نقوم بما يتوجب علينا لتشجيع الناخبين على الادلاء بأصواتهم، ونتابع المسجلين منهم ونزودهم بما يجب من معلومات”.

وأشار الى أن “الانتخابات ستحصل بعد العيد مباشرة ولذلك نجري اتصالات حتى يعود المغتربون المسجلون في الخارج لينتخبوا، وكما هو معروف فان كثيرين منهم اختاروا قضاء العيد في لبنان مع عائلاتهم”.

ونفى ما يحكى عن توجيه اتهامات الى بعض موظفي السفارات الذين يجيّشون طائفياً، وقال: “صراحة لم نلمس حصول ذلك، ولا أعرف اذا كان غيري يعرف شيئاً عن هذا الموضوع، والاجراءات المتخذة في السفارات توحي بأن الانتخابات ستحصل، ونتوقع نسبة مشاركة أكبر من المغتربين عن انتخابات 2018 لأن نسبة التسجيل كانت أعلى هذه المرة بثلاثة أضعاف تقريباً. هناك بعض المواضيع التي قد تسهم في خفض عدد المقترعين، ونتمنى أن لا تؤثر عطلة العيد في هذا الموضوع كثيراً”.

ولفت الى أن “المجموعات الاغترابية أنجزت نوعاً من دليل للناخبين، حتى يتعرفوا الى مرشحي القوى التغييرية واللوائح التي يتمثلون فيها. بعض المجموعات خياره لائحة واحدة في كل دائرة ومجموعات أخرى وضعت أكثر من خيار حسب الدوائر طبعاً. ومن الملاحظ عموماً في معظم الدوائر تقريباً أن هناك لائحة أساسية تمثل قوى التغيير. في دوائر معينة هناك تنوع، وفي بعض المجموعات الاغترابية تعمم لائحة معتمدة وآخرون يضعون لوائح من قوى تغييرية مختلفة وفي النهاية الخيار هو للناخب الذي له حرية الاختيار بين هذه اللائحة أو تلك”.

وعن امكان التلاعب بصناديق اقتراع المغتربين، لا يخفي عبد الله صعوبة الأمر “ولكن لا ضمانة لأحد في هذا الاطار، الا أن هناك بعض الأمور التي نعمل عليها لضمان نزاهة الانتخابات واتخاذ الاجراءات اللازمة التي يمكن أن تخفف من التلاعب، سواء كان في السفارات أو القنصليات. اما عندما تصل هذه الصناديق الى لبنان لوضعها في مصرف لبنان لمدة أسبوع حتى تفرز بعد اجراء الانتخابات في لبنان في 15 أيار، فلا بد من اتخاذ إجراءات لوجيستية ووضع كاميرات مراقبة للصناديق طوال فترة الانتظار حتى يحصل الفرز وهو أمر يجري البحث فيه حالياً. كما أن المغتربين بدأوا بالاعداد والتحضير لفرز المندوبين على صناديق الاقتراع وتم تأمين عدد منهم في بعض الأماكن ونعمل على تأمين آخرين لنغطي البقية”.

وعن امكان حدوث خلل في اجراءات وزارة الخارجية، أكد “أننا لم نر حتى الآن أمراً أساسياً يوجب الحذر منه. هناك بعض الأمور التي لها علاقة بالدول التي تعتمد (زيب كود) أو (بوست كود)، مثل أميركا وكندا وغيرها وهذا ما أثار بلبلة حول الموضوع، هل كان يمكن العمل بطريقة أفضل مما عمل بها أم لا؟ لا أستطيع التعليق على هذا الموضوع فأنا في الامارات وقد يكون مغتربو أميركا أو كندا قادرين على تفسير الأمر أفضل مني، وفي النهاية لم نجد في الامارات خللاً في الاجراءات”.

شارك المقال