بوتين يواجه أحد أسوأ كوابيسه الاستراتيجية

حسناء بو حرفوش

على الرغم من مضي أكثر من شهرين على الحملة الروسية في أوكرانيا، بحجة دفع هذه الأخيرة الى الاستسلام ومنع انجرافها الاستراتيجي نحو الغرب، قد يواجه فلاديمير بوتين، بحسب موقع “فوكس نيوز” قريباً أحد أسوأ كوابيسه الاستراتيجية: يوشك حلف الناتو الذي يحتقره الرئيس الروسي على أن يصبح أكبر وأقوى.

وخلال الأسبوع الماضي، التقى زعماء المعارضة في السويد وفنلندا مسؤولي إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن في واشنطن لطلب دعم الولايات المتحدة بخصوص رغبتهم في الانضمام الى الناتو والضغط من أجل دعم توسيعه. وفي حين أن زعيما المعارضة في البلدين يفضلان عضوية الناتو منذ فترة طويلة، ليس من المحتمل حصولهما على الدعم الشعبي القوي في الداخل لسياسة عدم الانحياز العسكري طويلة الأمد التي تنتهجها دول الشمال. ومع ذلك، تجدر الإشارة إلى أن المشاعر العامة والسياسية تغيرت بشكل كبير في 24 شباط عندما غزا بوتين أوكرانيا.

وقال زعيم المعارضة الفنلندي لمجلة “فورين بوليسي” إنه أصبح “واضحاً” الآن أن البرلمان سيقرر التقدم بطلب للانضمام إلى الناتو الشهر المقبل. كما من المتوقع أن تفعل السويد، التي تخشى استبعادها من التحالف إذا انضمت فنلندا، الشيء نفسه. وتمت المصادقة على عضوية الناتو يوم الأربعاء الماضي، من قبل صحيفة أكبر حزب ديموقراطي اجتماعي في السويد، والتي جادلت بأن غزو بوتين لأوكرانيا قد غيّر الوضع الأمني ​​في السويد. وتقترب فنلندا من الانضمام إلى حلف الناتو رداً على غزو روسيا لأوكرانيا.

وهذا يعني أنه في حال انضمت الدولتان الاسكندنافيتان الى الناتو، فسيتضاعف طول الحدود التي تفصل روسيا عن الحلف على الفور. في حين أن حلف الناتو الموسع والأقوى لن يقضي على معاناة أوكرانيا الهائلة، بمعنى مقتل الآلاف في البلاد وتشريد ملايين اللاجئين والمشردين وتدمير القرى والمدن، مما يجبر بوتين على قبول توسيع التحالف الذي كان عليه العزم على الانقسام والضعف هو بداية الثأر على جرائم الحرب.

وفي مقابلة، قال كاي سوير، وكيل وزارة الخارجية الفنلندية للسياسة الخارجية والأمنية، إن من المحتمل أن تتقدم بلاده بطلب للحصول على عضوية الناتو في الأسابيع المقبلة جزئياً بسبب التحول في الرأي العام. وأوضح أن السواد الأعظم من “السكان يفضل الآن عضوية الناتو وهو يبلغ ما يقرب من 70%”. إضافة إلى ذلك، فإن أقوى الأحزاب السياسية التي عارضت عضوية الناتو يوماً ما تفضلها الآن. وحسب سوير، قد يفترض بوتين بشكل خاطئ عن أوكرانيا، وهذا ما طرحه ستالين في العام 1939 عندما غزا فنلندا المجاورة، حينها، توقع مقاومة قليلة، لكن الغزو نجح في توحيد البلاد ضده.

واعتباراً من تشرين الثاني 1939 إلى آذار 1940، أذهلت فنلندا العالم وألهمتها حين كان جيشها الأصغر بكثير يسيطر على قوة غزو ستالين التي يبلغ قوامها نصف مليون رجل و1500 دبابة. وعلى الرغم من هزيمة الجيش الأحمر للفنلنديين أخيراً، فقدت روسيا أكثر من 150 ألف رجل في “حرب الشتاء”. وأكد سوير أن ذلك قد يعني أن “التاريخ يعيد نفسه”.

وتمتلك دول الشمال الأوروبي عضوية الناتو. كلاهما يمتلك جيوشاً عالية الاحتراف مع قدرات متقدمة في البحر والبر والجو، وفقاً لتقويم حديث أجراه مركز الأبحاث CSIS في واشنطن. وعلى الرغم من أن الجيش الفنلندي صغير نسبياً، أي حوالي 12 ألف عنصر، لا يشمل هذا الرقم حرس الحدود القوي، أو حقيقة أن قواته مدعومة بنحو 280 ألف عنصر من ضمن المجندين والاحتياطيين الحاليين. علاوة على ذلك، أشار سوير إلى أن فنلندا تنفق الآن ما يقرب من 2% من ناتجها المحلي الإجمالي على الدفاع، وهو هدف الناتو، كما ستجلب إلى التحالف “أحد أكبر المدفعية في أوروبا” وخبرتها التكنولوجية الهائلة.

وقال ألكسندر فيرشبو، السفير السابق لدى روسيا ونائب الأمين العام السابق لحلف الناتو، إن انضمام البلدين إلى الناتو من شأنه أن يعزز قدرات الحلف. لكن هذا يعني أيضاً أن الناتو “سيأخذ على عاتقه المتطلبات الدفاعية الإضافية المتمثلة في الدفاع عن حدوده الطويلة”. وأضاف أن الاعتراف بهم سياسياً “من شأنه أن يزعج بوتين كثيراً”. ويتوقع فيرشبو تحديين، كلاهما شاق: التحدي الأول هو إيجاد أفضل طريقة لتقديم ضمانات أمنية مؤقتة حتى لا تهاجمهم روسيا، أما الثاني فهو اعتراض عضو أو أكثر من أعضاء الناتو. قد تخشى ألمانيا، على سبيل المثال، استعداء روسيا وتقليص احتمالات محادثات السلام والتسوية التفاوضية للصراع.

وحذرت موسكو كلا البلدين من أن روسيا ستنشر أسلحة نووية في منطقة البلطيق إذا تخلت فنلندا والسويد عن عدم الانحياز. وتمتلك روسيا بالفعل منشآت نووية في منطقة كالينينغراد، على بعد أقل من 500 ميل من هلسنكي وستوكهولم. ويقول محللون عسكريون إن آخر ما يرغب فيه بوتين هو معركة جديدة على خلفية رغبة دول بالانضمام الى الناتو”.

شارك المقال