معركة “الشمال الثانية”… لوائح “تغييرية” من رحم الثورة وأخرى مزيفة

إسراء ديب
إسراء ديب

تتأهب قوى التغيير والثورة كما القوى السياسية في دائرة الشمال الثانية (التي تضمّ طرابلس والمنية والضنية) لخوض غمار معركة حاسمة بلوائح معروفة أو غير معروفة بمضمونها وأركانها. وقد تكون القوى السياسية بلوائحها المعروفة قد شكّلت نطاقًا خاصًّا بها، تُحاول من خلاله إقناع الناخبين بها وبأهدافها التي أقلّ ما يُقال عنها أنّها “مُكرّرة” أو “شعبوية”، وتسعى إلى استقطاب المزيد من الأصوات في استحقاق صعب استعدّت له هذه اللوائح منذ فترة بعد إنجازها مفاوضات بدت مألوفة من جهة، وأخرى غير مألوفة من جهة ثانية ولاقت تنديدًا مستمرًا حتّى هذه اللحظة.

أمّا القوى التغييرية المنبثقة عن ثورة 17 تشرين، فلم تتمكّن من توحيد صفوفها بلائحة واحدة لتُواجه “أنياب” القوى السياسية التي تُواجه بدورها تراجعًا واضحًا في الإقبال الشعبيّ عليها، وهي تخشى فعليًا من تراجع نسب الاقتراع لا سيما “سنّيًا” يوم 15 أيّار المقبل، لكن وعلى الرّغم من عدم توحد هذه القوى، ومع توقّع الأوساط والمتابعين السياسيين مسبقًا حصول خضة أمنية تبدأ من طرابلس، (وقد ترجمها البعض بفاجعة الزورق التي وقعت منذ أيّام محدثة ضجة كبيرة وتوترًا واضحًا قد يتصاعد أكثر مع تأخر العثور على الجثث أو عدم إيجادها أبدًا، مما يفتح الباب أمام احتمالات أمنية كبيرة قد لا تُحمد عقباها)، يُمكن القول إنّ الحاجة إلى وجود لوائح التغيير بات مطلبًا رئيسيًا حين تحمل هدفين أساسيين: أولهما، ضرورة توحيد وجهتها سياسيًا، ماليًا، اجتماعيًا وإنسانيًا بلائحة واحدة واضحة المعالم تعكس توجهاتها، مع بروز عناوين عريضة يتمّ التركيز عليها أمام الرأي العام الذي قد يقتنع بها. وثانيهما أهمّية تشابه هذه اللائحة مع أهواء مدينة طرابلس العامّة سياسيًا وعقائديًا، فعلى الرّغم من الحاجة إلى التغيير لكن هناك مبادئ ثابتة وراسخة لا يُمكن الخروج عنها، كإعلان رفض السلاح غير الشرعي خاصّة سلاح “حزب الله”، رفض النظام السوري وأزلامه، ومنع التعدّي على العقائد الدينية…

في الواقع، إنّ الانتخابات التي تأتي لتُحرّك الجمود السياسي في البلاد، اصطدمت بتوترات رآها بعض التغييريين في المدينة بأنّها مقصودة، بسبب شعور السياسيين وتأكدهم من تراجعهم شعبيًا من جهة، ومعرفتهم بقدرة هذه اللوائح على إحداث خرق بسبب شعور بعض المواطنين بالملل والحقد على الطبقة السياسية التي أوصلتهم إلى جهنم خطوة بخطوة، في وقتٍ كان يقوم بعض مدّعي “التغيير” بالتمسك بشعارات ثورية، لكن مع موجة الترشيح، انضمّ بعضهم إلى لوائح سياسية.

واقع القوى التغييرية

تتعدّد اللوائح التغييرية في دائرة الشمال الثانية مما قد يُعرقل عمومًا حظوظ إحداث الخرق، إذْ يبلغ عددها 7 لوائح يُمكن تصنيفها تدريجيًا حسب شهرتها بين المواطنين في هذه الدائرة.

لائحة “التغيير الحقيقي”: لائحة يرأسها المغترب إلى استراليا منذ أكثر من 20 عامًا، وهو رئيس مؤسسة “ايهاب مطر للتنمية”، إيهاب مطر، بعد تحالفه مع “الجماعة الإسلامية” بمرشحها عزام أيوبي أيّ الأمين العام لهذا الحزب السياسي الذي “لا يصف نفسه بأنّه تابع للسلطة السياسية”، مع شخصيات طرابلسية على اللائحة التي تحظى بشهرة وقبول عام بين المواطنين، لاسيما أولئك المناهضين للطبقة الحاكمة التي تصفها اللائحة بالـ “الفاسدة” أو تُلقبها بـ “حيتان السياسة”. إنّ هذه اللائحة المعارضة والتي يتمتّع أعضاؤها بخبرة في الشأن العام، كانت تُعدّ الأولى بين اللوائح التي عملت مبكرًا على ماكينتها الانتخابية وركزت على شعاراتها، خطاباتها، صورها وكيفية ظهورها مع فريق تقني وإعلامي يعمل على تطوير عمل اللائحة التي عانت لفترة وجيزة من قضية توزيع الخبز التي استغلّها البعض لإفشال مطر.

وحسب مصادر من اللائحة فان قضية ربطة الخبز تشبه قصة ابريق الزيت، والتداول فيها اشبه بافلاس لدى المنافسين، ومطر يفتخر بانه وزع الخبز ولا يزال على اهله خصوصا ان الطبقة السياسية حرمتهم من الرغيف بفشلها وعجزها. وأكدت المصادر أن وضع الاسم على الربطة كان تصرفاً فردياً خاطئاً وتمت محاسبة الفاعل، لكن في الوقت عينه مقارنة بما قامت به القوى السياسية فيعتبر موضوع ربطة الخبز تافها. فمطر ليس من عزل طرابلس او حرمها من حقوقها او كذب في وعوده، وليس هو من يشاهد قوارب الموت من قاربه، ولا مطر من عزل لبنان عن محيطه العربي، وليس من باع العفو العام لاجل كرسي، وليس مطر من فجر المرفأ او خزان الوقود في منطقة التليل.

ورأت مرجعيات أنّ هذه اللائحة قادرة على المنافسة للحصول على مقعد نيابي في هذه الدائرة، ولاسيما بعد الحديث عن الرغبة في تأمين أكبر عدد من الأصوات التفضيلية لمطر الذي تُركّز عليه هذه الحملة التي بدأت منذ أشهر، وليست الصور المنتشرة على الطرقات بتوقيع مطر إلّا تأكيدًا على هذا التركيز الذي يصبّ لمصلحة لائحة تُعارض السلاح غير الشرعي، تدعم المشاريع التنموية في المدينة، كما تدعم الثورة التي دفعت مطر إلى تشكيل لائحة تغييرية تُركّز على المناطق الشعبية حيث الثقل الانتخابي، كما تُركّز على القضايا أو الأحداث التي تنعكس على الفيحاء كغرق الزورق مثلًا.

وتضمّ اللائحة: إيهاب مطر، فرح حداد، عزام الأيوبي، أحمد المرج، زين مصطفى، مطانيوس محفوض، بول الحامض، محمود السيّد، سمير طالب، محمد دهيبي وفراس سلوم.

لائحة “انتفض للسيادة للعدالة”، وهي لائحة معروفة محلّيًا أيضًا وتُمثل خطًا معارضًا وثوريًا ضدّ القوى السياسية وتضمّ وجوهًا وشخصيات معروفة طرابلسيًا، أبرزها المحامي مصطفى العويك، هند الصوفي وغيرهما أيضًا، وهي لا تُواجه رفضًا على الإطلاق من قبل المواطنين أو المتابعين الذين لا يُمانعون دخول أيّ وجه تغييري جديد.

على لسان بعض مرشحيها، تُركز هذه اللائحة على أهمّية محاربة الطبقة السياسية في البلاد وفسادها، مع التركيز على عدم الثقة بالقضاء اللبناني بسبب تعطيل التحقيقات وارتباط هذا الحقل بالسياسة، كما أعلنت انتفاضتها لحصر السلاح بيد الجيش، ويُمكن القول أنّ هذه اللائحة التغييرية، تحتاج إلى “برمجة” برنامجها وتنظيمه بشكلٍ أكبر ليبرز نقاط محدّدة يُمكن التعويل عليها، وهي مجموعة من الأهداف تسمح للمواطنين بالاطلاع عليها أكثر، خاصّة أنّها لائحة شعبية.

وتضمّ اللائحة: رامي سعد الله فنج، مصطفى محمد العويك، زكريا ابراهيم مسيكة، هند محمد الصوفي، مالك فيصل مولوي، كميل سمير موراني، حيدر آصف ناصر، محمد نور الدين أحمد، علي خليل “أسوم” وغالب خضر عثمان.

لائحة “قادرين”: المدعومة من “مواطنون ومواطنات في دولة” والحزب الشيوعي، وهي لائحة تحمل “مشروع بناء دولة مدنية مع أكثر من 70 مرشحًا في جميع الدوائر في لبنان”، وحسب بعض مرشحيها فيعتبر أعضاء هذه اللائحة أنّه: “إنْ فزنا ببعض المقاعد أم لا، نحن ماضون قدمًا بإنشاء مجلس مدني وطني يسعى لتحويل نظام اللّا- دولة الحالي إلى نقيضه، أي فرض شرعيّة بدیلة عنه…”.

وهي لائحة غير معروفة في طرابلس ولا تحمل توجهات تُشبه معظم أبنائها، وفي الوقت عينه، لا تحمل وجهًا مقبولًا أم غير مقبول، لكنّها تضمّ بعض وجوه الثورة المعروفة بثقافتها كعبيدة تكريتي مثلًا الذي كان متواجدًا بشكلٍ دائم في ساحة النور أثناء الثورة، وهو يُؤكّد أنّ هذه اللائحة “تقف في وجه السلطة بكلّ رموزها العاجزة والمجرمة، وبوجه أشباه السلطة من مدّعي التغيير اللاهثين وراء مقعد”، وهي تضمّ: شفيق حسون، عبيدة تكريتي، محمّد مصطفى زريقة، مصباح رجب، منير دوماني ونضال عبد الرحمن.

لائحة “الجمهورية الثالثة”: مع مجموعة من الناشطين، تمكّن المرشح عمر حرفوش بعد عناء من تشكيل هذه اللائحة التي أشار متابعون إلى أنّ رئيس التيار الوطني الحرّ جبران باسيل يدعمها بوجود مرشحين مقرّبين من التيار، كما أشار متابعون آخرون إلى أنّه مدعوم من الحزب نظرًا لمواقفه التي لم ترفض السلاح بشكلٍ قاطع.

لا يُمكن القول، أنّ هذه اللائحة مرفوضة بشكلٍ قاطع بين طرابلسيين يدعمون الفكر العلماني الذي تدعو إليه، لكنّها عمومًا تُعدّ مرفوضة نظرًا لصور قديمة لحرفوش يتداولها المتابعون مع الكثير من الملفات والقضايا التي يروها الطرابلسيون أنّها مرفوضة: كتحدّثه عن الحجاب مرّة، ودعمه للزواج المدني مرّة أخرى.

وتضمّ هذه اللائحة: عمر حرفوش، ديالا أسطا، ضحى الأحمد، عبد الرحيم درغام، أحمد علي، جانيت فرنجية، محمّد عمر رزيقة، ألفرد دورة، ونزيه زود.

لائحة “الاستقرار والإنماء” (سوا لبنان): المدعومة من رجل الأعمال بهاء الحريري الذي لا يلقى قبولًا بشكلٍ عام في طرابلس وهي غير فاعلة انتخابيًا كغيرها، وكانت تضمّ (قبل انسحاب كلّ من المرشحة سوسن كسحة وديما ضناوي): باسل الاسطة، يونس الحسن، مايز الجندي، سوسن كسحة، ديما الضناوي، ميشال خوري، صالح وهيب ديب، فادي الخير، عبد القادر الشامي، وكامل بكور، وهي لائحة تضمّ أطباء ومهنيين واختصاصيين، لكنّهم غير معروفين شعبيًا وسياسيًا أيّ لا يملكون خلفية سياسية تعرفها الناس وتشهد عليها.

أما لائحة “فجر التغيير”، فهي غير فاعلة انتخابيًا، وتضمّ وفق متابعين وجوهًا تمّ استبعادها من لوائح أخرى، وتضمّ: ربيع السباعي، بلال محمد شعبان، عبد العزيز طرطوسي، هشام رياض ابراهيم الموعي، انطوني عيد، محمّد طه جبارة، محمّد أحمد علم الدين.
لائحة “طموح الشباب”: تشكلت هذه اللائحة من أفراد غير معروفين ويُحاصرها الجمود، فلا شعارات معروفة ولا صور منتشرة لمرشحيها وتضم: مصطفى محمّد كنجو حسين، محمود خضر المير، عدنان أحمد بكور، رائد علي الطباع، عمر رأفت المصري وهي شخصيات سنّية، فيما لا تضم أيّ مرشح للمقعد العلوي.

شارك المقال