بويز لـ “لبنان الكبير”: أضرار الانتخابات أكبر من فوائدها

هيام طوق
هيام طوق

أكد الوزير السابق فارس بويز أن “الانتخابات النيابية المقبلة أسوأ انتخابات سيشهدها لبنان نسبة الى حالة القانون الحالي الذي ستجرى على أساسه لأنه يلغي خيار المواطن ويفرض عليه ما يسمى باللائحة المقفلة، أي أنه اذا أراد اختيار شخص واحد من اللائحة فسيضطر الى اختيارها بأكملها. كما أن القانون يفرض على المرشحين دخول لوائح بحيث نشهد فعلاً تركيبة لوائح لا مثيل لها في العالم وفي التاريخ، فيها تناقضات غريبة وتضارب وخلافات سياسية تجرد الانتخابات من معانيها. ثانياً، نسبة الى الظروف الاقتصادية والمعيشية التي يعيشها اللبناني وأصبح من خلالها عرضة لفعل شراء الموقف والحرية والضمير. ثالثاً، نسبة الى المناخات الأمنية والمناخ السياسي العام. انها من أسوأ الانتخابات التي عرفها لبنان”.

وسأل في حديث لـ “لبنان الكبير”: “هل ستتغير الأمور اذا حصلت قوى سياسية معينة على أكثرية في المجلس الجديد؟ وضع حزب الله لا يستند الى موضوع الأكثرية النيابية بل الى فائض قوة بجميع المعطيات الأمنية والاقتصادية والاجتماعية والسياسية”، معتبراً أن “من سيدخل المجلس المقبل سيكون كالخروف الذي يدخل الى زريبة ضباع، معزولاً ويتيماً ولا قدرة له على تغيير أي شيء. لذلك، أعتقد خلافاً للشعار القائل ان الانتخابات مصيرية، أنها لن تغير أي شيء ولا علاقة لها بالديموقراطية كما يحلو للبعض الكلام”.

وأوضح بويز أن “الديموقراطية تفترض أولاً، قانوناً عادلاً ويعطي حرية الاختيار للناخب ولا يلزمه باختيار لائحة بكاملها والدخول في الخزعبلات السياسية التي نشهدها. كما أن الديموقراطية تعني أن يكون هناك قانون رقابة فعلي على موضوع التمويل الانتخابي، وهذا مستحيل في ظل وجود السرية المصرفية في لبنان. ثالثاً، الانتخابات الديموقراطية تجري في مناخات أمنية سليمة. وهنا نسأل اذا كانت هذه المناخات الأمنية فعلاً سائدة في معظم المناطق؟. رابعاً، الانتخابات الديموقراطية تجري طبقاً للقانون الذي ينص على وجود سكانر وشاشة تعرض عبرها ورقة التصويت. كيف ستؤمن كهرباء لبنان 12 ساعة كهرباء على الأقل لنحو 7500 قلم اقتراع؟ هذا يحتاج الى ما لا يقل عن 1500 ميغاواط كهرباء في اليوم الواحد. فكيف السبيل الى ذلك وطاقة المعامل لا تتجاوز الـ 200 ميغاواط في أفضل ظروفها؟”.

وقال: “اذا أردنا فعلاً تطبيق الديموقراطية فستكون هناك ملايين وليس آلاف الدعاوى التي ستنهال على المجلس الدستوري أكان في عملية الصرف المالي أو عملية الدعاية أو عملية المخالفات لقانون الانتخاب. لا أدري ماذا سيستطيع المجلس الدستوري أن يفعل في هذا الاطار”.

أضاف: “حتى هذه الساعة لا يزال عدد من القضاة المؤتمنين على الفرز وبعض الموظفين متحفظين على الالتحاق بوظيفتهم. كي تتم رعاية انتخابات ديموقراطية يجب أن تكون هناك سلطة موثوقة ومؤتمنة. أفهم أننا نريد تصدير بعض الشعارات والبضائع الملفقة ككلمة الديموقراطية والحرية لكن لا أفهم كيف نكذب على أنفسنا بأن هذه الانتخابات ديموقراطية. أنا أتوقع أن تكون المشاركة ضئيلة في الانتخابات لاقتناع الناس بأنها لن تغير أي شيء لا بل النتيجة الوحيدة التي ستنتج عنها أنها ستعطي للمنظومة الحالية تجدداً لشرعيتها. أضرار الانتخابات أكبر بكثير من فوائدها”.

وتساءل “ان كان النواب الذين سينتخبون سيستطيعون الخروج من منازلهم بعد الانتخابات؟ أعتقد أنه ستنتج عن الانتخابات صدمة كبيرة فيما بعد لأنها لم تستطع أن تغير أي شيء، وهذا قد يسرّع التدهور أكثر مما نحن عليه اليوم”.

ولفت الى أن “اللعبة الجهنمية التي يمتاز بها لبنان هي لعبة شد العصب بمعنى المزايدة الطائفية أو السياسية فيما الفريقان متحالفان في لائحة واحدة. وبالتالي، المطلوب من المقترع أن يقترع للائحة واحدة كاملة فيما هذه اللائحة مختلفة بين أعضائها وقياداتها الذين يلعبون على الوتر الطائفي والسياسي. انها بدعة من البدع اللبنانية”، معتبراً “أننا في الوقت الحالي في مناخ انتخابي يعطل مضمون كل المواقف والتصريحات التي هي مواقف وتصريحات انتخابية ليست لها حالياً أي مصداقية”.

وعن الاستحقاقات الدستورية بعد الانتخابات النيابية، رأى أن “تأليف الحكومة المقبلة في حال جرت الانتخابات النيابية في موعدها لن يكون سهلاً في ظل التناقضات الموجودة في المجلس النيابي، أو سيكون تأليفها في أفضل الاحوال شبيهاً بالطرق التي تألفت فيها الحكومات السابقة، ونكهتها واحدة: حكومة معطلة”. ولا يتوقع “أن يخرج من الانتخابات مجلس يستطيع أن ينتج سلطة حكومية تستطيع بدورها أن تضع خطة انقاذ للبلاد”، معرباً عن تخوفه من “حصول الكثير في هذا السياق، ومن أن تكون معركة الرئاسة معقدة جداً وقد لا تحصل في توقيتها. معركة الرئاسة ستحتاج الى أزمة كبيرة قبل أن تتبلور الصورة، هذا ان لم تحصل تطورات اقليمية تعدل الى حد ما مجرى الأمور”.

وأشار الى أن “النزوح السوري كما النزوح الفلسطيني جزء من الأزمة اللبنانية، وكلفا الدولة كثيراً على المستويات كافة. عهد رئيس الجمهورية شارف على الانتهاء بعد ولاية ست سنوات من دون اتخاذ أي تدابير أو العمل على حل موضوع النازحين خصوصاً أن العهد ليس بعيداً عن سوريا وعن حزب الله، وبدل أن يستفيد من قربه منهما وثقتهما به وعلاقته المميزة معهما بأن يصلح الأمور، أصبحت أكثر تعقيداً”، متسائلاً: “لماذا على الرغم من العلاقة المعقولة الموجودة بين من هم في الحكم وسوريا لم يطرح ملف النازحين خلال السنوات الست ولم يبحث أي حل؟”. وقال: “تحولنا الى شرطة حدود للغرب ونمنع الهجرة من لبنان. بموجب أي قانون تمنع الدولة مواطناً أجنبياً غير مرتكب أي مخالفة من أن يغادر؟ وهذا ينطبق على اللبناني أيضاً. أنا مع حرية المغادرة وعلى الغرب أن يتحمل مسؤولية معنا على الاقل من الناحية المادية”.

وتحدث عن “الجوع والفقر وصعوبة الحياة في البلد التي تدفع عدداً كبيراً من الناس الى الهجرة على الرغم من مصاعبها ومخاطرها ومشقاتها. الناس يختارون صعوبات المغادرة ومشقاتها على البقاء في الجحيم في لبنان خصوصاً في المناطق الأكثر حرماناً”.

وشدد على أن “المنظومة لم تقم بأي خطوة انقاذية حتى الساعة ما يدفعنا الى توقع أن الأزمة مستمرة وستتفاقم”، معتبراً أن “التدقيق الجنائي موضوع أساس سيحدد أماكن الهدر والسرقة. واذا تفاقمت الأزمة فنتوقع أن جوع الناس وحاجتها سيفلتان من أي ضوابط. الثورة بنسخة 17 تشرين ربما تكون انتهت لكن ربما نشهد بذور ثورة الجياع الحقيقيين مع احتمال أن تكون أكثر عنفاً لأن الناس فقدت كل مقومات الحياة، فالجوع يفقد البشر ضوابطهم الاجتماعية والتقليدية، والجوع يبرر. اذا استمرينا بهذا المنحى من دون أي حلول جدية على المستويات كافة، فأخشى الذهاب الى ثورة تتخذ طابعاً آخر”.

وجزم بويز بأن “ما من أحد يمكنه مساعدتنا اذا لم نطلق مشروعاً انقاذياً للبلد. فرنسا لا يمكنها أن تفرض على اللبنانيين حلولاً بل تريدهم أن يجدوا حلولاً ثم هي تدعم. كما أن فرنسا مقيدة ولها مصالحها وليست لها مصلحة أن تختلف مع قوى معينة في العالم، وربما تصرف الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون منذ البداية بدقة وحذر حيال علاقته مع ايران والمقاومة في لبنان دليل على أنه ليس في وارد التفريط بمصالحه مع ايران. لذلك الرهان على الخارج هو رهان ليس في محله طالما لم نضع خطة سياسية أولاً بمعنى اعادة تركيب الدولة المفقودة، واقتصادية ثانياً بمعنى اعادة بناء الاقتصاد، عندئذ، يمكن المراهنة على عواطف فرنسا وماكرون”.

 

 

شارك المقال