المغتربون… “بيضة قبان” انتخابية تخيف المتضررين

هيام طوق
هيام طوق

صحيح أن المعركة الانتخابية في الداخل تشهد المزيد والمزيد من التصعيد في المواقف والتصريحات والبيانات والتغريدات على وسائل التواصل الاجتماعي، حتى أن عدداً من المعنيين والمراقبين وصف المشهد الانتخابي بالفوضى العارمة في الإعلام والإعلان والرشاوى، إلا أنه على مسافة ساعات من موعد اقتراع المغتربين والمنتشرين يومي الجمعة في 6 أيار للمقيمين في الدول العربية، والأحد في 8 أيار للمقيمين في الإمارات العربية المتحدة وسائر دول العالم، تتجه الأنظار الى سير الانتخابات في هذه الدول والى نسبة المقترعين والى أي جهة سيصوّتون بحيث أن المعلومات والماكينات الانتخابية للأحزاب تشير الى أن المنتشرين سيعاقبون السلطة التي هجّرتهم في صناديق الاقتراع خصوصاً وأنهم يمارسون حقهم الانتخابي بكل حرية، ولا يخضعون للضغوط أو للرشاوى.

وفي وقت تسجل قرابة 245 ألف مغترب لبناني للمشاركة في الانتخابات المقبلة مقارنة مع 92,810 في انتخابات العام 2018، تعوّل أحزاب المعارضة والقوى التغييرية على أصوات المنتشرين الذين سيقلبون المعادلة في عدد من الدوائر، كما سيشكلون خارطة طريق لتوزيع الأصوات بين المرشحين، حتى أن بعض المراقبين يعتبر أن اقتراع المنتشرين سيكون عيّنة عن اقتراع الداخل ولا سيما عند المسيحيين حيث المعركة على أشدها في الداخل والخارج.

وإذا كانت الانتخابات في الخارج أصبحت بحكم القائمة في موعدها على الرغم من محاولات المنظومة المستمرة لاخراج المنتشرين من المعادلة الانتخابية أو الحد من اندفاعهم للادلاء بأصواتهم عبر وضع العراقيل والعقبات بشتى الأساليب والطرق، فإن نتائجها ستنعكس على مصير الانتخابات في الداخل وفق مصدر متابع، لفت لموقع ” لبنان الكبير” الى أن المخاوف من تطيير الانتخابات لا تزال كبيرة على الرغم من تأكيد الجميع أنها قائمة في موعدها، وهذه المخاوف تستند الى فرضية أن المتضررين من النتائج الاغترابية التي يمكن للأحزاب تحديد وجهتها ولمصلحة من تصب، ربما يلجأون الى افتعال اشكالات في المناطق قبل وقت قصير من يوم الانتخابات أو في يوم الاستحقاق في 15 أيار لتأجيل أو تطيير الانتخابات برمتها خصوصاً وأن “التيار الوطني الحر” متخوف من تقليص كتلته النيابية بعد الاحصاءات التي أشارت الى تراجع في شعبيته، كما أن الخلافات بين قياداته وكوادره تزيد الطين بلة، وفق المصدر.

السيناريوهات والتحليلات وضخ المعلومات والمعلومات المضادة التي ترافق انتخابات 2022 منذ أشهر يبدو أنها ستكمل على الوتيرة نفسها حتى الانتهاء من هذا الاستحقاق بحيث أن بعض الناشطين والمحللين يعتبر أن الخطر يلاحق الانتخابات في الخارج التي تشهد الكثير من العرقلة أما في الداخل، فإن هامش التطيير يضيق. في حين يرى آخرون أن امكان التطيير وارد بشكل متوازن بين الداخل والخارج، والتطورات مفتوحة على كل الاحتمالات. لكن، في حال لم تتم الانتخابات في دول الانتشار بغض النظر عن الأسباب، هل تؤثر على دستورية الانتخابات النيابية في الداخل؟

الخبير الدستوري سعيد مالك أوضح لـ “لبنان الكبير” أن “الانتخابات هي كل لا يتجزأ إن كان في الشق المغترب أو في الشق المقيم، وبالتالي أي إرجاء أو حدث معين يلغي انتخابات الخارج يؤثر حكماً على انتخابات الداخل، ويؤدي الى الاخلال بالموعد الانتخابي وبالعملية الانتخابية ككل.هناك ترابط بين الانتخابات في بلاد الاغتراب وتلك التي ستجري على أرض الوطن”.

وفي هذا الاطار، أكد مراقبون للعملية الانتخابية في الداخل والخارج أن “الخوف والقلق من تطيير الانتخابات في الخارج لا يزال موجوداً على الرغم من الوقت القصير الذي يفصلنا عن الموعد، وذلك لأسباب لوجيستية وادارية ومالية ما ستنتج عنه تداعيات سلبية على الانتخابات في لبنان لأن القانون لا يمكن أن يتجزأ وسيؤدي الى طعن بالانتخابات ككل”.

من جهته، أشار منسق “التجمع من أجل السيادة” نوفل ضو الى أن “كل شيء وارد في هذه الانتخابات غير العادية لا بتقنياتها ولا بنتائجها السياسية. الاعتراضات والشكاوى والاشكالات في الخارج تجعلنا نعيش في جو غير طبيعي في هذا الاطار اضافة الى الاتهامات المتبادلة بين الأطراف والضغط الأمني على المرشحين، كل هذه الأمور يمكن أن تؤدي الى واقع على الأرض سواء في الداخل أو في الخارج يهدد سلامة المسار الانتخابي”.

وتحدث عن “تهديدات معينة سابقاً يمكن أن تطبق في يوم الانتخابات مع احتمال أن تفلت الأمور من أيدي الناس الممسكين بها”.

واعتبر الكاتب والمحلل السياسي أمين بشير أنه “اذا لم تأت مؤشرات نتائج انتخابات المغتربين لصالح التيار الوطني الحر فربما يلجأ الى العرقلة في الداخل، لكن الى أي مدى مصلحة حزب الله في تطيير الانتخابات؟ اذا كانت الخسارة مدوية فيمكن اللجوء الى افتعال الاشكالات والفوضى لتطيير الانتخابات أما اذا أتت النتائج مقبولة، فتسير العملية الانتخابية بشكلها الطبيعي”، لافتاً الى أن “الجاليات في الخارج يمكن أن تلجأ بدورها الى خلق نوع من الفوضى اذا كانت نتائج التصويت لصالح طرف معين وبفارق كبير، وهذا حصل سابقاً، وبالتالي يمكن أن تطير الانتخابات في ظل الشرخ الكبير بين القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر الذي حاول الغاء انتخاب المغتربين لـ 128 نائباً اضافة الى الكثير من العرقلة والخزعبلات وفي كل الدول الأجنبية والعربية”.

وأشار الى أن “الطرّازين الدستوريين لدى التيار الوطني الحر يمكن أن يجدوا مخرجاً لتطيير الانتخابات في الخارج مع استمرارها في الداخل، وربما هذا السيناريو من بين السيناريوهات التي يحضّر لها”.

شارك المقال