مرحلة جديدة بعد الانتخابات… والخدمات إلى الفدرلة در

محمد شمس الدين

الانتخابات حُسم أمرها، اليوم تنطلق انتخابات المغتربين، والأسبوع المقبل ينتخب لبنان، وكل الفرقاء بدأوا بحجز مقاعدهم لمرحلة ما بعد الانتخابات. في الشأن السياسي العام يبدو أن لبنان مقبل على مرحلة جديدة، الكل يتقاتل على أن يُحفظ مكانه فيها، إلا ما ندر من قوى سياسية، وطبعاً تيار “المستقبل” على الرغم من غيابه، لن يكون بعيداً عن المشهد، فهو ليس بحاجة إلى مقاعد نيابية، كي يحفظ مكانه في الساحة اللبنانية، فتمثيله وحجمه الشعبي، كمكون أول للطائفة السنية أمر معروف عند الجميع، إن كان إقليمياً أو محلياً، أما القوى الأخرى، تلك التي يحتاج وجودها إلى كراس نيابية، كي تثبت أنها موجودة، فتقاتل على المقاعد مقعداً مقعداً. ويلاحظ اشتداد المنافسة بين القوى المسيحية خاصة، ولكن المواطن اليوم لا يهمه إن فاز هذا الفريق أو ذاك، فقد سئم من لغة المحاور، وهو يبحث عن الكهرباء، الماء، الدواء، الغذاء…، يبحث عن أمواله التي تبخرت خلال الأزمة، يبحث عن الأمن والأمان، اجتماعياً وغذائياً وصحياً، وجل ما يريده أن يعيش كإنسان يحصل على بديهيات حقوقه، فهل هناك حلول من هذه الناحية بعيداً من حلول الأزمات السياسية والمحاور؟

الحكم في لبنان ظاهره السلطة التنفيذية، التي يفترض أن تراقب من السلطة التشريعية، ولكن فعلياً الأمور تدار في البلد خلال لقاءات القوى السياسية واتصالاتها، العلنية منها والسرية. وفي هذا الاطار، أشارت مصادر مطلعة لموقع “لبنان الكبير” الى أن طرح رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل اللامركزية الادارية والمالية مرفوض لدى غالبية القوى، وتحديداً عند “الثنائي الشيعي”، الذي يرفض أي نوع من التقسيم في لبنان.

وقالت: “بعيداً من الايديولوجية عند الثنائي التي ترفض التقسيم، وشعار (أكبر من أن يبلع أصغر من أن يقسم)، فإن الأمر اقتصادياً ليس لمصلحة الثنائي، ولكن قد يقبل بفدرلة الخدمات، الطاقة، المياه، الاتصالات، وغيرها. ولكن أي أمر يتعلق بتقسيم سيادة الدولة ووحدتها لن يمر، أما الخدمات، فقد يقبل الثنائي مثلاً، أن تسن قوانين تعطي صلاحيات للبلديات لمعالجة أزمات الخدمات في المناطق، اذ يمكن عندها أن يقوم اتحاد بلديات ما بعقد اتفاق مع شركة طاقة خاصة لتأمين الكهرباء في نطاق بلداته، أو أن يتفق مع شركات خاصة على عقد خاص بمعالجة النفايات في مجال عمله. هذه الخدمات وغيرها، قد يقبل بها الثنائي الشيعي، كونه فعلياً يعطي صلاحيات أكبر للبلديات من دون أن يتحول الأمر إلى كانتونات، ويمكن وضعه تحت إطار اللامركزية الإدارية، ولكن أي أمر يشبه الانفصال بين المناطق اللبنانية، لن يمر بتاتاً. يبدو أن هذا الطرح يلقى موافقة لدى غالبية القوى السياسية، وعندها لن يستطيع أن يقول فريق ما أن السبب في قلة الانماء أو انعدامه هو فريق آخر، فالبلديات واقعاً تتحكم بها الأحزاب، التي منها من يحب الشرق وذاك يحب الغرب، عبر تشريع قوانين تعطي صلاحيات واسعة للبلديات، فيمكن مثلاً أن تعقد بلدية معراب اتفاقاً مع شركة جنرال الكتريك الأميركية من أجل أن تؤمن لبلدتها الكهرباء، وفي الوقت نفسه يمكن لحارة حريك أن تعقد اتفاقا مع شركة سي جي أن الصينية كي تؤمن الطاقة للبلدة، والهدف من هذه الأفكار هو توزيع الخدمات التي من المفترض أن تقدمها الدولة الى البلديات، كون مركزية هذه الخدمات فشلت عبر السنين، إن كان لأسباب إدارية أو سياسية”.

من جهة أخرى، لفتت المصادر الى أن “الموضوع الاقتصادي العام لا يزال يؤرق جميع القوى السياسية، فلا حل جذرياً في الأفق حتى بعد الانتخابات”، موضحة أن “هناك تخوفاً عند بعض القوى السياسية أنه في حال صحت الأرقام، وفازت قوى الممانعة بالأكثرية النيابية، فقد يتسبب ذلك بعزلة أكبر للبنان، وقد يحرم من تقديمات صندوق النقد، أو مساعدة المجتمع الدولي، عدا عن أمور تقنية داخلية لبنانية، تعوق برامج الإصلاح الاقتصادي”.

يبدو أنه بات بحكم المؤكد أن لبنان بعد مرحلة الانتخابات سيدخل مرحلة جديدة، قد تكون فعلاً مؤتمراً تأسيسياً، ولكن أجواء الأطراف السياسية تعتبره أقل من طائف جديد إنما أكبر من دوحة، هذا على الصعيد السياسي أما على الصعيد الحقوقي، أي حقوق المواطن، فيبدو أن الاتفاق هو على الافتراق، لامركزية إدارية موسعة، مع بقاء وحدة الدولة، ويمكن تسميتها فدرلة الخدمات، وعندها كل حزب سياسي سيكون مسؤولاً أمام جمهوره، في حال كان هناك تقصير خدماتي، في الكهرباء والمياه والنفايات وغيرها.

شارك المقال