جراح 7 أيار لم تندمل بعد

تالا الحريري

7 أيار 2008، في هذا اليوم، استخدم حزب الله سلاحه في الداخل واجتاح العاصمة بيروت، تحت شعار “السلاح لحماية السلاح”. ممارسات حزب الله لم تكن جديدة لكنّ في 7 أيار كانت “الأولى” في الداخل، وذلك إثر قرارات الحكومة حينها بمصادرة شبكة الاتصالات التابعة للحزب وإقالة قائد جهاز أمن مطار الرئيس الشهيد رفيق الحريري الدولي، العميد وفيق شقير.

في 7 أيار انكشفت حقيقة حزب الله وتحوّله من مقاومة إلى ميليشيا إرهابية تجرأت على إغتصاب السلطة بقوّة سلاحها. هذا الهجوم لم يستمر طويلاً لكنّه أعاد إلى الأذهان شبح الحرب الأهلية، إذ تحول سلاح حزب الله إلى سلاح إيراني موجه لزعزعة الأمن الداخلي وزرع الفتنة.

في مثل هذا اليوم، لم تكتفِ ميليشيا حزب الله باغتيال الشخصيات المعارضة لها، بل نفذت سلسلة اعتداءات على أهل بيروت وأقفلت مطار رفيق الحريري الدولي وقطعت الطرقات واستولت على مراكز تيار المستقبل. “تمجيد 7 أيار”، في ذلك الوقت لم يكن هدفه سوى التنكيل ببيروت والرقص على جراحها.

الجرّاح: 7 أيار وصمة عار على جبين فاعليها

في الذكرى الـ14 لـ 7 أيار، يرى الوزير والنائب السابق جمال جراح، في حديث لـ “لبنان الكبير”، أنّ ما حصل ليس سوى “انتهاك لكرامة بيروت والبيروتيين وهذا جرح لن يندمل على مدى التاريخ. هو بالتأكيد وصمة عار على جبين الذين قاموا بهذا العمل”.

ويضيف جراح: “هذا الاعتداء هو إساءة للطائفة السنية التي كانت دائماً حريصة على الوحدة الوطنية وما زالت وستبقى. 7 أيار كان يوماً أسوداً في تاريخ لبنان. فالممارسات التي نفذتها ميليشيا حزب الله من احتلال لبيروت واعتداء على كرامات الناس وقتل الأبرياء لن تخرج من وجدان السنّة وضميرهم”.

ويعتبر جراح قوله هذا “ليس بمنطق الانتقام أو الثأر، إنّما بمنطق التعدّي على كرامة بيروت وأهلها، بضمير كل اللبنانيين والعرب والشرفاء، نعرف أنّ بيروت هي حاضنة العروبة وحاضنة الثورة الفلسطينية وهي التي رفعت قضية فلسطين والتي لا تزال لم تخرج من عروبتها وقضاياها”.

ويختم جراح: “بعد الممارسات التي قام بها حزب الله صار العيش المشترك مهددا، وزادت النعرات الطائفية. ليس هناك من رادع لحزب الله للقيام بأي عمل مشابه لـ7 أيار، فتاريخ حزب الله وممارساته على مدى سنوات واغتياله لشهدائنا يثبت ذلك. وإنّ أي أعمال من هذا النوع تهدد العيش المشترك وتطلق شرخا كبيرا بين فئات اللبنانيين، على الرغم من إصرار الطائفة السنية على ان تكون الطائفة الموحدة للبنانيين وأن تكون رائدة بالعيش المشترك والسلم الاهلي”.

دياب: مقومات 7 ايار موجودة في أي لحظة

يستذكر الصحافي والمحلل السياسي يوسف دياب، لـ”لبنان الكبير” مشهد 7 أيار: “حزب الله عندما يكون محشورا في أي واقع داخلي أو خارجي، فهو مستعد أن يقوم بأي شيء وأن ينقلب على كل شيء”.

ويتابع: “نحن نسأل اليوم ما هي مبررات حزب الله حتى يجتاح بيروت وجبل لبنان حينها، هل بسبب مقررات الحكومة التي صدرت بـ5 أيار؟ وهو اليوم يضرب عرض الحائط كل مقررات مجلس الأمن والأمم المتحدة والاجماع العربي، ويقاتل في سوريا والعراق واليمن من دون إذن الدولة اللبنانية، يعني كان بإمكانه تجاهل قرارات الحكومة حينها من دون القيام باجتياح عسكري لبيروت”.

يوضح دياب بشأن احتمالات تكرار 7 أيار أنّ “مقومات 7 ايار موجودة في أي لحظة، وعندما يستشعر حزب الله بأنّه في خطر أو أنّ الواقع السياسي لم يعد يخدمه، فإنّه سيقوم بأي شيء حينها. وبالتالي هو ليس خاضعاً لظروف سياسية ولا لتوازنات داخلية، عندما يريد يستطيع أن يفرض “أجندة” معينة أو ينفذ مخططا معينا، فهو لن يتوقف عند أي حدود. لنفترض أنّ الأكثرية في هذه الانتخابات النيابية كانت لغير حزب الله وحلفائه، وهذه الأكثرية ربما تفرض واقعا داخليا في البلد، هل نتوقع أن يبقى حزب الله مكتوف الأيدي؟”.

ويتابع: “حزب الله يقدّر ظروفه، أينما تقتضي مصلحته أن ينفذ 7 أيار وما هو أكبر من 7 أيار فلا شيء يردعه، طالما يعتبر نفسه الحاكم المطلق في البلد وأقوى من الدولة ومن كل الأطراف اللبنانية. حتى أنّه يعتبر نفسه قوة إقليمية كبرى وعظمى”.

أمّا سلاح حزب الله حسب دياب فهو “سلاح إيراني وليس لبنانيا، فحزب الله يعترف بأنّه ذراع إيران لكن يملك الهوية اللبنانية، وبالتالي كل خياراته تخضع لرغبة الحرس الثوري والولي الفقيه أكثر مما تخضع لمعايير الدولة اللبنانية والشعب اللبناني. سلاح حزب الله حاجة داخلية له أكثر مما هي حاجة لمواجهة إسرائيل، ومهما كبر حجم الدولة اللبنانية ومهما كبر الضغط الاقليمي على حزب الله والضغط الدولي، مستحيل أن يتنازل عن سلاحه حتى لو أدّى الأمر لدمار البلد. اليوم الحرس الثوري يعترف بأنّه يملك 6 جيوش في المنطقة من بينها حزب الله والذي يعتبر من أقوى الجيوش. فعندما تنتفي الحاجة لهذه الجيوش تنهيها إيران وعندما يصدر الولي الفقيه أمراً لحزب الله بتسليم سلاحه حينها ينتهي هذا السلاح. أمّا بخلاف ذلك، مستحيل أن يفكر الحزب بتسليم سلاحه”.

لن ننسى

يقول أحد المواطنين البيارتة الذين عاشوا هذه التجربة المرة لـ”لبنان الكبير”: “بالنسبة لأبناء بيروت، نحن نعتبر أن العاصمة اجتيحت مرتين، في المرة الاولى من العدو الصهيوني سنة الـ82 والمرة الثانية من حزب إيران في 7 أيار. علما أن أمين عام حزب الله حسن نصر الله كان يردد دائما أنّ سلاح الحزب للعدو الصهيوني ولليس للداخل، لكن تبيّن العكس!”.

ويضيف: “برأي نصر الله كان 7 أيار يوما مجيدا لكنّه ليس كذلك أبداً، هو وصمة عار عليه للتاريخ وإهانة لأهل بيروت. الهجوم كان كاملا على الطائفة السنية بالأخص، وجرى إقفال المؤسسات الاعلامية لتيار المستقبل (الاذاعة والجريدة والتلفزيون). ولن ننسى تعذيبهم لأبناء بيروت في الشوارع”.

شارك المقال