لبنان يشهر سيف النازحين… البحر أمامكم وسوريا خلفكم

ليندا مشلب
ليندا مشلب

“طفح الكيل” والتوجه العام لدى القيادات السياسية والمسؤولين من دون استثناء هو لحسم ملف النازحين، حتى من لا يجاهر بالأمر خوفاً من غضب الخارج التزم الصمت قبولاً… البلد فقد القدرة على الاحتمال “تفضلوا خدوهن” يقول مصدر وزاري لـ “لبنان الكبير”، أو أعطونا مساعدات مثلنا مثل كل البلدان التي تأوي النازحين وفكوا الحصار عنا. ويضيف المصدر: “بالمنطق وبالأرقام وبعيداً من الحسابات السياسية والانتماءات، من يستطيع تحمل ثقل النازحين بعد؟ هناك أمر غير طبيعي، فقد أصبحوا يشكلون ثلث سكان لبنان الذي يتكبد عليهم مصاريف باهظة وهو يحتضر. ونحن لن نلعب بعد اليوم دور الشرطة لحمايتهم لغاية في نفس المجتمع الدولي، يشاركوننا في الكهرباء والماء والدعم وكل شيء، أقله اذا كانوا لا يريدون دفع المساعدات المالية نقداً للدولة اللبنانية فليساعدوا بالكهرباء والماء أو بمشاريع صحية كالبطاقة مثلاً، هناك وسائل عدة يستطيعون دعم لبنان فيها وإعانته لتجنب السقوط والمحافظة على الاستقرار والأمان الاجتماعي”.

ويستشهد المصدر بما قامت به تركيا التي حذر رئيسها رجب طيب أردوغان الدول الأوروبية من فتح البحر أمام المهاجرين فأجبرهم على دفع المساعدات، “أما نحن فللأسف (حيطنا واطي) لكننا قررنا أن نرفعه في ملف النازحين”، مؤكداً أن الرئيس نجيب ميقاتي أصبح على رأس من يريد حسم هذا الملف مع رئيس الجمهورية ميشال عون “وليس طلبه من وزير حزب الله رفع السقف وإذاعة المقررات الا دليلاً واضحاً على أنه يريد ضرب عصفورين بحجر واحد، من جهة حزب الله متحرر أكثر في المطالبة ووزراؤه ظهرهم مسنود، وفي الوقت نفسه أوصل الرسالة وحمى نفسه من المعاتبة”.

فإلى أي مدى ستكون آذان الغرب والأمم المتحدة صاغية الى هذا التحول في الموقف اللبناني؟

الأكيد أن أوروبا تخشى هز عصا النازحين، وتحسب حساب أن القرار اللبناني السيادي المشرذم في كل شيء توحد على هذا المطلب لأن الجميع “مخنوق” وهامش الاختلاف والابتزاز في هذا الملف أصبح ضيقاً حتى عند الخصوم، فالناس وصلت قدرة احتمالها الى رأس أنفها، وجماهير القوى السياسية على اختلافها متعبة، من هنا علت الصرخة، وزادها أن أعداداً كبيرة منهم تذهب إلى سوريا وتعود الى لبنان، وهي تعمل في الاتجاهين وتقبض من لبنان ومن سوريا ومن بطاقات النازحين ولا أحد يستطيع منعها ونزع صفة النازح عنها بسبب الضغوط الدولية حتى ترحيلها ممنوع، ونذكر كيف قامت الدنيا ولم تقعد عندما رحّل الأمن العام أربعة من الموقوفين!…

ومن المعروف أن صفة النازح تسقط عندما يعود الشخص الى بلده، فإلى متى هذا التراخي والتغاضي؟ يقول مصدر أمني: “ان المفاوضات مع الأمم المتحدة عندما طرحت الخطة الأميركية – الروسية لعودة النازحين استطاعت تأمين حماية لمن ليسوا مع النظام وفق ضمانات دولية. صحيح أن الخطة لم تعد موجودة والمعركة على أشدها بين روسيا وأميركا، لكن هذه الضمانات لا تزال موجودة تحت سقف الأمم المتحدة”.

ويضيف المصدر: “المجتمع الدولي لا يريد هذه العودة ويترك هذه الورقة للابتزاز في كل الاتجاهات لمزيد من الارباكات والحصار، وربط هذا الأمر بالحل السياسي ليس إلا ورقة ضغط لحسابات لم تعد مفهومة. ثم لماذا لبنان بالتحديد لا يحق له أن يحاسب المرتكب وينظم أمور النازحين ويرحّل على غرار الدول الأخرى المستضيفة كالأردن وتركيا مثلاً؟”.

ويشير الى أن “هذا التراخي زاد من نسبة الجريمة لدى السوريين، والبعض منهم يشترك في مخططات فوضى وينفذ أمر عمليات، ووجودهم بغض النظر عن الخلفية الإنسانية لا ايجابيات فيه مقارنة مع التأثير السلبي. هناك تقارير أسبوعية عن الجرائم غالبيتها ينفذها سوريون، لذلك نحن نضغط لتنظيم وجودهم اذا أردنا التعاون مع المجتمع الدولي الذي ينتظر الحل السياسي الشامل شرط اعطائنا المساعدات والحق بترحيل المرتكبين وتنفيذ اجراءات صارمة لجهة فرزهم بين نازح حقيقي، ومستفيد على ظهور الكل ذهاباً واياباً”.

ويلفت المصدر الى أن “الملف مفتوح للنقاش لكن الأمور لم تعد كالسابق، اللبناني يختنق وعلينا تجنب حساسية المواجهة مع السوريين الذين يقبضون بالفريش ويأخذون بدل كل شيء ويستفيدون من القطاعات والدعم وفوقها فتشوا دائماً عن السوري في تنفيذ الجرائم والمخالفات”. المسألة بسيطة يختم المصدر: “اما عودة النازحين الى المناطق الآمنة واعطاؤهم في بلادهم الأموال التي تعطى لهم في لبنان، وإذا كان هذا الأمر صعباً وهو كذلك حالياً فليعطونا مساعدات للصمود بمقدار ما يتكلفه لبنان من أموال عليهم”.

والى حين الانتهاء من همّ الانتخابات والتفرغ لهذا الملف ستبقى الأمور مفتوحة على المواجهة، إذ يغمز مصدر حكومي رفيع من قناة مفوضية اللاجئين ورئيس المنظمة، فالمعروف أن مبلغ دعم اللاجئين السوريين في لبنان هو مليار و٢٠٠ مليون دولار، أين هي؟. ويلفت الى الهندسة التي تقوم بها المفوضية في توزيع المصاريف، بين إدارية واجتماعية ومساعدات وتنفيذ مشاريع ونسب الـover head ، وكل الوزراء المعنيين يدركون هذا الأمر، لكنهم لا يتجرأون على المواجهة، إذ يفترض مع المليار ومئتي مليون دولار أن تكون أوضاع النازحين مختلفة عما هي عليه الآن. ويقول المصدر: “أنظروا الى المخيمات أين هي المشاريع؟ من هنا الافادة في كل الاتجاهات، ومن يطلب منا الشفافية فلينشر جداول الصرف وطرقها لمليار و٢٠٠ مليون في بلد صغير مثل لبنان ويتكبد أعباء طائلة على النازحين”.

هذه الورقة تأخرت كثيراً وحان وقتها، فهل يتجرأ لبنان هذه المرة على أن يشهر هذا السيف في وجه المجتمع الدولي والأميركيين والأوروبيين ويقول لهم: المساعدات والا! البحر من أمامهم وسوريا من خلفهم؟… ولكم الخيار.

شارك المقال