اغتيال شيرين مقدمة لاجتياح جنين؟

زاهر أبو حمدة

نقلت شيرين نصري أنطون أبو عاقلة، القصص والأخبار طوال ربع قرن فأصبحت خبراً عاجلاً. وفي اليوم التالي، تتحول الجريمة إلى الأرشيف والذاكرة الشعبية ونستحضر اسمها في المناسبات الحزينة فقط. انتقلت شيرين إلى لائحة الشهداء الذين يصعب نسيانهم، هي من سليلة غسان كنفاني وماجد أبو شرار وصحافيين كبار دفعوا ثمن سلاحهم: الكلمة.

ما يثير الغضب أن نقابة الصحافيين الفلسطينيين تثبت أن أكثر من 102 صحافيين فلسطينيين استشهدوا منذ ولادة شيرين، أي منذ بداية السبعينيات حتى الآن ومع ذلك لم تتحرك المؤسسات والدول المدّعية حرية الرأي والتعبير وتنظّر بالديموقراطية والحرية. والمشكلة الأكبر أن الغضب لا يمكن تفريغه كما يجب وتوجيهه نحو القاتل. ويبدو أن هيبة الاستشهاد لحظية، أو بالأحرى أنها صيرورة الحياة عبر تلاحق الأيام، فحدث يغطي على آخر. أما ما يلفت الحذر في استشهاد شيرين، فليس جنسيتها الأميركية أو ديانتها كما يحاول بعض الجهلة تصوير الأمور، إنما قرار الاغتيال وتنفيذه لما سيجري بعده على الأرض.

الحدث جلل، ومكان الاستشهاد دليل على قرار الاغتيال. لا ينسى الاحتلال ما فعلته الشهيدة في العام 2002 أثناء اجتياح مخيم جنين، فهي وثقت الحصار ومشاهد الدمار فصعدت بالرأي العام إلى قمة الوعي والتأثير، لذلك كان قرار القتل. ويحاول الاحتلال عبر اغتيال شيرين، تهيئة مسرح العمليات لما يخطط له وهو اجتياح جنين من دون ضجيج أي بلا وسائل اعلام أو صنع رأي عام كما حصل قبل 20 عاماً.

يتضح بعد العمليات الفدائية وآخرها عملية إلعاد، أن الاحتلال مشتت استخبارياً وأمنياً، وكل ما يعرفه جهاز “الشاباك” بعد تنفيذ العمليات أن المنفذين من جنين ومخيمها. ولا بد من اجراء ما كعمل استباقي لما يتوقعه من استمرار العمليات. وعليه يجد “الكابينت” أن الحل هو باجتياح واسع لمحافظة جنين ولو أدى ذلك الى تطور على جبهة غزة. استطاع نفتالي بينيت، أن يؤخر مخططاته في القدس لما بعد شهر رمضان، لكنه لم يتراجع عنها. وبالتالي أي تصرف في المسجد الأقصى من ذبح قرابين أو مسيرة الأعلام أو تقسيم المسجد زمانياً ومكانياً، سيكون الرد عليه لا سيما من جنين. وهكذا تمهيد للاجتياح الشامل بعد اقتحامات “كاسر الأمواج”، يجب ألا تكون فيه كاميرات ومراسلون وتغطية صحافية. فكانت الرسالة واضحة باغتيال شيرين أبو عاقلة. فالاحتلال لا يفرّق بين الفلسطينيين حسب مهنهم، إنما بقدرة الفعل وتأثيره.

شارك المقال