الحرب الأوكرانية والمجاعة في القرن الأفريقي

حسناء بو حرفوش

تهدد الحرب الأوكرانية إلى جانب أسوأ موجة جفاف عرفها العالم منذ 40 عاماً، بارتفاع تكاليف القمح والوقود والأسمدة وتدق ناقوس خطر الجوع الجماعي وعدم الاستقرار في جميع أنحاء القرن الأفريقي. وهذا ما دفع الأمم المتحدة الى التأكيد على أهمية إعادة الإنتاج الزراعي لأوكرانيا وإنتاج الأغذية والأسمدة لروسيا وبيلاروسيا إلى الأسواق العالمية على الرغم من الحرب، والدعوة الى إعادة فتح موانئ البحر الأسود المحاصرة، للسماح بوصول الحبوب من أوكرانيا إلى اثيوبيا وجنوب السودان وسوريا واليمن وأفغانستان.

ونقل موقع مجلة “فورين بوليسي” عن برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة، التحذير من أن “يؤدي التأثير غير المباشر للغزو الروسي لأوكرانيا إلى تفاقم أزمة الغذاء والأمن المستمرة في أجزاء من شرق أفريقيا، مع توقع أن تكون اثيوبيا وكينيا والصومال والسودان وجنوب السودان الأكثر تضرراً. وأثر الجفاف على مدى ثلاثة مواسم مطيرة متتالية على 3.4 ملايين شخص وبشّر بسرب من الجراد التهم المزيد من المحاصيل. كما ارتفعت درجات الحرارة في أجزاء من المنطقة إلى مستويات قياسية مرتبطة بتغير المناخ. ونفق حوالي 3 ملايين رأس من الماشية في جميع أنحاء جنوب اثيوبيا وداخل المناطق القاحلة وشبه القاحلة في كينيا منذ منتصف العام 2021. كما حذرت الأمم المتحدة من أن الجوع يهدد ما يصل إلى 20 مليون شخص في القرن الأفريقي.

وبالتزامن، يكافح القادة الأفارقة للسيطرة على ارتفاع التضخم وهبوط العملات، بحيث أدت العقوبات المفروضة على موسكو إلى الحد من الصادرات ورفع تكاليف السلع مثل القمح والغاز والنفط. وفي غضون ذلك، ارتفعت تكاليف الأسمدة بما يتجاوز قدرة معظم المزارعين على تحملها، مما يهدد محاصيل العام المقبل مع انخفاض الإمكانات الزراعية. وتجدر الإشارة إلى أن اثيوبيا عانت بالفعل من 10 موجات جفاف كبرى منذ العام 1980. وحالياً، في ظل الصراع في تيغراي الشمالية، ارتفع سعر الأسمدة بنسبة 200% في البلاد. ووصل تضخم السلع الغذائية في نيسان إلى مستويات غير مسبوقة قدرت بـ 43% .

وحتى قبل اندلاع الحرب في أوكرانيا، تسبب الجفاف في كينيا بالفعل بانخفاض في إنتاج المحاصيل بنسبة 70%، ووجد أكثر من 3 ملايين شخص في البلاد أنفسهم بمواجهة جوع حاد. وتوفر روسيا 67% من واردات القمح الكيني، بينما توفر أوكرانيا 22%. وإذا لم تسجل معدلات أمطار بحلول حزيران، فقد يواجه حوالي 6 ملايين شخص في الصومال المجاورة، أي 38% من السكان، انعداماً شديداً للأمن الغذائي، حسب ما حذرت المنظمات الإنسانية.

تحول المساعدات

ومع تحول المساعدات والاهتمام إلى أوكرانيا، لم يجمع برنامج الأغذية العالمي لمنع المجاعة في القرن الأفريقي سوى 4% من المبلغ المطلوب. وأسف مدير مكتب حالات الطوارئ والقدرة على الصمود في منظمة الفاو، رين بولسن، لهذا الوضع، محذراً في شباط من أن المنطقة بالتأكيد على شفا كارثة ومن أن الوقت ينفد.

وحسب المديرة التنفيذية لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة، كاثرين راسل، “يحتاج عشرة ملايين طفل في جيبوتي واثيوبيا والصومال وكينيا الى مساعدة أساسية، كما يعاني أكثر من 1,7 مليون طفل من سوء تغذية حاد في المنطقة، كما يضاعف نقص مياه الشرب خطر الإصابة بأمراض لدى الأطفال. تضاف إلى ذلك أزمات أخرى مرتبطة مثل ارتفاع نسب التسرب المدرسي مع اضطرار الآلاف الى المشي طيلة ساعات طويلة لإيجاد المياه والطعام.

أفريقيا وكورونا المستمر

إضافة إلى هذه الكوارث، ترزح الدول في جنوب أفريقيا، تحت نير المعاناة مع الاتجاه نحو الموجة الخامسة من إصابات كورونا، في ظل التردد والتضليل. وبلغ متوسط ​​عدد الحالات اليومية في جنوب أفريقيا حوالي 8000 حالة وفقاً لأحدث الأرقام الصادرة عن المعهد الوطني للأمراض المعدية. ومع ذلك، تباطأت عملية التلقيح فلم يحصل سوى 35% من السكان على جرعة واحدة على الأقل من اللقاح. وفي القارة ككل، تنخفض هذه النسبة إلى 22%.

شارك المقال