انتخابات 2022… اقتراع منخفض وصمت سني

هيام طوق
هيام طوق

على مسافة ساعات من فتح صناديق الاقتراع، وعلى الرغم من الصمت الانتخابي، فإن المرشحين كما الماكينات الانتخابية يعملون كخلية نحل لا تهدأ ليل نهار على مستوى 15 دائرة انتخابية، لأن الندم في 16 أيار لا ينفع، فيكون “اللي ضرب ضرب واللي هرب هرب” في انتخابات اعتبرت الأكثر اثارة وتشويقاً في تاريخ الجمهورية، وتحولت الى محطة فاصلة باعتبار أن ما قبل 15 أيار على مستوى الحياة السياسية في البلد ليس كما بعده. من هذا المنطلق، اتفق المتخاصمون والمتنافسون في حلبة الاستحقاق الدستوري على وصفها بـ “المصيرية” و”المعركة الوجودية” انطلاقاً من الحسابات الخاصة لكل جهة، وهذا ما يفسر التصريحات النارية والمواقف الحادة التي وصلت الى حد الاتهامات بالخيانة ونبش القبور في ملفات طواها الزمن. ففي حين يصف “الثنائي الشيعي” الاستحقاق النيابي بأنه “أمر جهادي أساس للحفاظ على واقع لبنان ومقاومته ووحدته في وجه كل المتآمرين، وأنه فرصة عبادية”، يخوض الفريق الآخر على تعدد لوائحه الاستحقاق “ليس للحصول على مقعد بالزائد أو بالناقص انما لانهاء الهيمنة على الدولة واسترداد سيادتها ومؤسساتها”.

السباق الانتخابي الى الندوة البرلمانية هو “واحد من أهم الاستحقاقات الانتخابية وأخطرها منذ اتفاق الطائف حتى الآن” حسب ما وصفه رئيس المجلس النيابي نبيه بري، لأنه وفق الخبراء سيحدد مستقبل لبنان بين خيارين، كما أنه الاستفتاء الأول بعد انفجار مرفأ بيروت الذي ترك ندوباً عميقة في نفوس اللبنانيين إضافة الى أنه يأتي في ظل أسوأ أزمة اجتماعية واقتصادية ومعيشية وحياتية عرفها الشعب. ولا بد أيضاً من ذكر محطة أساسية ومهمة تمثلت في ثورة 17 تشرين والتي شكلت في فترة معينة خشبة أمل للبنانيين للتخلص من المنظومة الحاكمة، إذ كانت هناك اندفاعة قوية لمحاسبتها في صناديق الاقتراع إلا أن الرياح جرت بما لا تشتهيه سفن التغيير بسبب الأنانيات والهوس بالسلطة والجلوس في الصفوف الأمامية، فجاءت النتيجة: انقسامات وتعدد لوائح ما يؤدي الى تشتت الأصوات وإضعاف فرص خرق أحزاب وتيارات متماسكة ومتجذرة في دوائرها الانتخابية.

وإذا كانت غالبية الأفرقاء ومن بينها عدد كبير من المرشحين سجلت عدم رضاها عن القانون الانتخابي الذي تجري على أساسه انتخابات 2022 باعتباره نكسة دستورية يجب اصلاحها سريعاً، وأنه جاء مشوهاً للنسبية كما يعزز الطائفية والمناطقية، ويشكل الأرض الخصبة لنشوء الخلافات بين المرشحين على اللائحة نفسها، فإن النكسة الكبرى تجلت في اعتكاف الرئيس سعد الحريري وعدم مشاركته في السباق الانتخابي وما شكله من بلبلة في الشارع السني الذي لا تزال نسبة مشاركته رهن التوقعات والاحصاءات، ولا شيء محسوماً على هذا الصعيد قبل الانتهاء من عملية الفرز على الرغم من تشجيع السفراء العرب على المشاركة في الانتخابات، وتعميم دار الفتوى على خطباء المساجد الدعوة الى مشاركة السنّة الكثيفة في الاقتراع.

ومرّ قطوع الاقتراع في الشق الاغترابي كما في الشق المتعلق بالموظفين المكلفين من رؤساء أقلام وكتبة ومساعدين في الانتخابات التي ستجري غداً الأحد، بمراقبة من البعثة الأوروبية وجمعية LADE وسط اجراءات أمنية حول مراكز الاقتراع مع تسجيل بعض الخروق المقبولة والمتوقعة في المسار الانتخابي إلا أنه وفق المراقبين، وعلى الرغم من كل التطمينات والاجراءات المتخذة لتمرير اليوم الانتخابي بسلاسة، والتعليمات الموجهة الى القوى الأمنية بالتعامل بحزم مع أي إشكال وعدم السماح بتطوره، فإن كل السيناريوهات متوقعة، والجميع متخوف من هذا اليوم “الكبير”. مع العلم أن البعض لجأ الى رمي الاتهامات عشوائياً حول رشاوى انتخابية من هنا والضغط على المقترعين من هناك ما ينذر بأن يوم غد سيكون خطيراً، وأمامه مطبات عدة.

كيف يبدو المشهد الانتخابي وفق المعنيين، وما هي النتائج المتوقعة؟

أشار مدير مكتب الاحصاء والتوثيق كمال فغالي الى أن “الاحصاءات في انتخابات 2022 تواجه صعوبتين: أعداد الناس الكبيرة المترددة والتي لم تأخذ خيارها بعد أو أنها لا تريد الكشف عنه، كما أن العامل الاغترابي يغيّر في النتائج”، لافتاً الى أن “الامتناع عن التصويت سيكون اما بسبب الغضب على المنظومة الحاكمة وعلى أحزاب السلطة أو انسجاماً مع قرار الرئيس سعد الحريري في تعليق العمل السياسي”.

ورأى أن “نسبة الاقتراع في انتخابات 2022 ستكون أقل من انتخابات 2018 وربما تتراوح بين 42 و43 في المئة، لكن الاحصاءات قابلة للتغيير وفق المعطيات المستجدة. والمشاركة لدى الطائفة السنية ستتدنى بنسبة 25 أو 30 في المئة. ووفق بعض الاستطلاعات تبين أن الرئيس الحريري الأكثر تأثيراً على الناخبين في دائرة بيروت الثانية”.

وأوضح أن “القوى التغييرية ربما تحقق 10 مقاعد في المجلس النيابي الجديد، وستسجل خرقاً في دائرة الشمال الثالثة وبيروت الأولى والثانية وجبل لبنان والجنوب الثالثة. ولكن مع اقتراع المنتشرين الذين شاركوا بنسبة كبيرة لا يمكن الحسم. على سبيل المثال في دائرة الشمال الثالثة انتخب 17 ألف منتشر ما يعني أنهم لو صبّوا لصالح فئة معينة لحجزوا مقعدين في الندوة البرلمانية”.

واعتبر أن “حزب القوات اللبنانية سيزيد من حجم كتلته مقابل تراجع كتلة لبنان القوي، والثنائي الشيعي ستتراوح حصته بين 30 و33 مقعداً، واللقاء الديموقراطي 7 مقاعد، والمستقلون 8 مقاعد”.

من جهة أخرى، أعرب أحد الخبراء الانتخابيين عن اعتقاده أن “اليوم الانتخابي سيمر بسلاسة وهدوء، ولا معلومات أو معطيات تشير الى إمكان افتعال مشكلات خلال عملية الاقتراع، ولكن لا يمكن ضمان أي شيء”، متحدثاً عن “الدراسات الاحصائية التي تشير الى أن نسبة الاقتراع لن تتعدى الـ 40 في المئة خصوصاً أن المقاطعة السنية تتجاوز الـ 50 في المئة، وتتفاوت بين منطقة وأخرى. وليس هناك من مفاجآت على صعيد النتائج التي باتت شبه واضحة في مختلف الدوائر”.

وأوضح أن “اقتراع المنتشرين لن يكون له تأثير على النتائج لأن أصواتهم توزعت بين مختلف الأحزاب والقوى التغييرية التي ستحجز 7 مقاعد لها في البرلمان المقبل بحيث ستخرق في دائرة بيروت الثانية وصيدا وجزين وطرابلس وعكار”.

شارك المقال