المساعدات الغربية لأوكرانيا تكبح جماح الصين

حسناء بو حرفوش

لم ينجح الحلفاء الغربيون في ردع روسيا فحسب من خلال الرد على الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بصورة غير متوقعة وغير مقصودة على حد سواء، بل ردعوا الصين عن مهاجمة تايوان، حسب قراءة في موقع “ناشيونال إنترست” الالكتروني الأميركي. ووفقاً للتحليل، “أحبطت روسيا عن غير قصد ولكن ربما بشكل نهائي، حليفتها الصين التي كانت تنوي استكمال الغزو الروسي لأوكرانيا هذا الربيع بالاستيلاء على تايوان. ومع ذلك، من خلال الرد على مغامرة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بالالتفاف حول أوكرانيا، لم يضعف الحلفاء الغربيون روسيا وحسب، بل أجبروا الصين على إعادة حساباتها قبل التفكير في مهاجمة تايوان.

وكان الرئيس شي جين بينغ قد أيد خطة روسيا عند زيارته بوتين خلال دورة الألعاب الأولمبية الشتوية، وتوصل إلى تفاهم بأن كل واحد على التوالي سيحاول الافادة من فهمهم الخاطئ المتبادل لضعف الغرب. ومع ذلك، تعرضت الصين لاستياء شديد مع مشاهدة الولايات المتحدة تقود تحالفاً عالمياً ضد روسيا في الدفاع عن دولة لم تكن ملزمة رسمياً بالدفاع عنها بموجب المعاهدة. وعلى النقيض من ذلك، تدرك الصين جيداً أن الولايات المتحدة تمتلك معاهدة دفاع رسمية مع تايوان.

وغالباً ما يقدم الأكاديميون الصينيون فكرة مبدئية عما يخطط له شي وإدارته، وعن الحسرة التي يعبّر عنها الجنرالات الصينيون في ظل افتقار قواتهم إلى الخبرة في ساحة المعركة، إلى جانب عدم قدرتهم الملحوظة على كسب حرب المعلومات مع الغرب. لقد تراجعت الصين عن دعمها العام الكامل لحرب روسيا على أوكرانيا، لأنه لا يمكنها ببساطة تحمل الانقطاع عن الأسواق الغربية، في ظل اقتصاد تجاري يهيمن عليه التصدير. كما تدرك أنها عانت بسبب دعمها لروسيا، لا سيما على الصعيد الديبلوماسي. وفي الآونة الأخيرة، عارضت العديد من الدول الرئيسة بكين علناً، بدءاً من ليتوانيا وظهرت مؤخراً الخطابات القاسية من جورجيا وسلوفاكيا وبولندا ورومانيا وفنلندا. وقد أدى ذلك إلى ردع الصين أكثر عن مهاجمة تايوان، بحيث حاولت بعد ذلك بصورة ضعيفة إحياء صفقة الاستثمار البائدة بين الاتحاد الأوروبي والصين للعام 2020 من خلال التصديق على اتفاقيتين من اتفاقيات منظمة العمل الدولية بشأن العمل الجبري. وبصرف النظر عن كيم جونغ أون في كوريا الشمالية، للصين القليل من الحلفاء الحقيقيين، وهي تخطو بسرعة في الاتجاه المعاكس بعد أن شاهدت سمعتها تتضرر أكثر عندما أعلنت تحالفاً “بلا حدود” مع روسيا، إلى جانب كونها الدولة القوية الوحيدة التي لم تندد بها بسبب حربها على أوكرانيا الديموقراطية.

وكانت الصين تخطط للانتظار لمهاجمة تايوان، التي تعتبرها من ضمن أراضيها، حتى وقت لاحق من هذا العام بعد سلسلة من اجتماعات الحزب الشيوعي الرئيسة المتعلقة بسعي شي الى أن يصبح حاكم الصين لأطول مدة. ومع ذلك، ارتكبت سلسلة من التعثرات الاضافية التي ساهمت في زوالها العالمي، وزادت من ردعها عن مهاجمة تايوان. ويمكن للصين على الأقل أن تدعي بصدقية أن سمعتها لا تتأثر بشدة مثل سمعة روسيا، لكنها ليست بعيدة عن مثالها. وقد أبلغت جزر سليمان المتواضعة الغرب أنها لن تستضيف منشآت عسكرية صينية. وبالطبع، فإن المجموعة الرباعية المكونة من الولايات المتحدة وأستراليا واليابان والهند تدور حول الصين، من دون أن ننسى الأسطول البحري الغربي الذي أبحر مؤخراً عبر مضيق تايوان (من المملكة المتحدة وفرنسا وألمانيا).

وللصين حسابات كثيرة ليس بإمكانها التغاضي عنها، ولكن خطتها المسبقة للسيطرة على تايوان من غير المرجح أن تكون مدرجة في هذه القائمة. لذلك، يحتاج الغرب وحلفاؤه الى البقاء في تأهب والحفاظ على اليقظة في ما يتعلق بالاستراتيجية العدوانية للصين. وقد لا يحصل شي على فرصة أخرى، لأن قدرة الصين على إبراز قوتها في الخارج بدأت ترزح بالفعل تحت وطأة الانخفاض السريع لعدد السكان في الداخل”.

شارك المقال