شريك مفاجئ يسمح لأوروبا بالاستغناء عن الطاقة الروسية؟

حسناء بو حرفوش

هل تنجح أوروبا في العثور على بديل لإمدادات الطاقة الروسية؟ وفقاً لقراءة في صفحة المنتدى الاقتصادي العالمي الالكترونية، بإمكان القارة العجوز اللجوء إلى شريك مفاجئ ليس سوى أوكرانيا نفسها لحل الأزمة، خصوصاً وأن أمن أوروبا مهدد بحسب ما يظهر خط أنابيب الغاز الألماني “نورد ستريم 2”.

“ويتعرض أمن الطاقة في أوروبا للتهديد باستمرار، وفقاً لما تسلط القراءة الضوء عليه، مما يستدعي اتخاذ إجراءات من أجل أهداف التنمية المستدامة. ولا شك في أن وقف روسيا إمدادات الغاز إلى الاتحاد الأوروبي يؤدي إلى خلق حالة من انعدام الأمن في مجال الطاقة للاتحاد في وضع كان فيه اعتماد مفرط على إمدادات الغاز الروسي.

وبينما تتمتع روسيا بسلطة البائع وقوته، تتميز أوروبا بقوتها الشرائية الأكبر بحيث أن 71٪ من صادرات روسيا تصب في الاتحاد الأوروبي، مع الإشارة إلى أن بناء خطوط أنابيب الغاز قد يستغرق سنوات. ويمكن لأوكرانيا أن تلعب دوراً خلال الفترة الانتقالية لاستبدال موارد الطاقة من روسيا، وبعدها، ربما تصبح شريكاً موثوقاً به في هيكل أمن الطاقة في أوروبا.

(…) ومنذ الحرب الباردة، ازداد الاعتماد على مصادر الطاقة الروسية وأدت العولمة إلى زيادة الاعتماد على الإمدادات المصدرة. ويتطلب هذان العاملان من تلك المصادر المستوردة توخي الحذر حين يتعلق الأمر بأمن الطاقة عندما يكون مكانها في نظام الأمن الأوروبي أكثر أهمية من أي وقت مضى.

وقبل أربعين عاماً، حذرت وكالة المخابرات المركزية الأميركية البيت الأبيض من أن خط أنابيب الغاز الذي يمتد على طول 3500 ميل، من سيبيريا إلى ألمانيا يمثل تهديداً مباشراً لمستقبل أوروبا الغربية، مما يخلق اعتماداً مفرطاً خطيراً على الوقود الروسي. وبينما حذر الرئيس (رونالد) ريغان من خط الأنابيب وعارضه، خسر أمام حملة من الضغوط التي لخصتها صحيفة “نيويورك تايمز” بـ”الدفاع عن المصالح التجارية على حساب الأمن القومي أو حقوق الإنسان أو الاهتمامات البيئية”.

وفي بداية الغزو الشامل لأوكرانيا، صدّرت روسيا ما قيمته 63 مليار يورو من الوقود الأحفوري من خلال الإمدادات البحرية وخطوط الأنابيب. ويقدر المركز الفنلندي لأبحاث الطاقة والهواء النظيف بـ 44 مليار يورو، 71٪ من المبلغ الإجمالي، في الاتحاد الأوروبي. وهذا يزيد عشر مرات عن مساعدات الاتحاد الأوروبي لأوكرانيا. وتحتاج أوروبا إلى إدراك أن الاتحاد الأوروبي يتمتع بقوة شرائية أكبر على الرغم من أن بناء خطوط أنابيب الغاز قد يستغرق سنوات، كما أنه وعلى عكس النفط أو الفحم، لا يمكن تحميل الغاز على متن سفينة وبيعه إلى أي مشترٍ عالمي.

لقد حان وقت العمل، بعد أن وقعت أوروبا في فخ رعاية الآلة العسكرية الروسية نتيجة للسياسات قصيرة النظر. ومع ذلك، فإن هذا السؤال لا يدور حول أوكرانيا وحسب، ولكن أيضاً حول الدول الأخرى المجاورة لروسيا والتي يمكن أن يحل دورها تالياً.

رؤية بعيدة المدى لأمن الطاقة

يجب أن يكون العمل مدروساً جيداً بالطبع، إذ أنه بسبب القرارات المطولة والمتسقة، أصبحت أوروبا تعتمد على موارد الطاقة الروسية. لذلك، يجب النظر في قرارات إعادة تصميم أمن الطاقة في أوروبا والنظر في العواقب طويلة المدى، ليس بالنسبة الى الاتحاد الأوروبي وحسب، ولكن أيضاً على الدول المجاورة، ولا سيما أوكرانيا. علاوة على ذلك، يمكن لأوكرانيا المساهمة في الفترة الانتقالية مع استبدال موارد الطاقة من روسيا، مما يمهد لها كما ذكرنا آنفاً لتصبح شريكاً موثوقاً به في هيكل أمن الطاقة في أوروبا للأسباب التالية:

– لقد فاجأ قطاع الطاقة الأوكراني العالم باستقراره في خضم الحرب. في اليوم الأول من الصراع، فصل نظام الطاقة الأوكراني عن روسيا، في ظل ترجيح عدم توصيله مجدداً. وحالياً، تتزامن أوكرانيا مع شبكة الكهرباء الأوروبية وستثبت قريباً أنها قد تشكل محركاً رئيساً للصفقة الخضراء الأوروبية.

– أكثر من 55٪ من الكهرباء في أوكرانيا هي طاقة نظيفة تنتجها محطات الطاقة النووية. إضافة إلى ذلك، يمكن لأوكرانيا إنتاج 9 جيجاوات كهرباء من الرياح والطاقة الشمسية. وتبلغ إمكانات الطاقة المتجددة الجديدة أكثر من 20 جيجاوات.

– سيتم تحقيق تكامل الكهرباء الأوروبية الخضراء في أوكرانيا بمساعدة الشركاء التجاريين الدوليين، ضمن العديد من مشاريع إزالة الكربون والمشاريع التكنولوجية (مصادر الطاقة المتجددة والهيدروجين وتخزين البطاريات والمفاعلات المعيارية الصغيرة… إلخ).

– تمتلك أوكرانيا أكبر احتياطيات غاز في أوروبا بعد النروج. إضافة إلى ذلك، ستسمح مرافق تخزين الغاز الطبيعي تحت الأرض بتنفيذ خطط الاتحاد الأوروبي لتشكيل احتياطي غاز استراتيجي.

أوكرانيا على استعداد لأخذ زمام المبادرة، وللعب دور الشريك الموثوق به، من خلال ضمان الإمداد بالكهرباء الخضراء وتصديرها إلى أوروبا، بالتوازي مع سعيها بنشاط الى تطوير تقنيات نظيفة. وسيساعد ذلك أوروبا والعالم بأسره على حماية قيم الإنسانية والديموقراطية والأمن ويصحح خطأ تجاهل مخاوف الرئيس الأميركي ريغان، والتي تتحقق بشكل مأساوي كل يوم من خلال مرآة حرب روسيا ضد أوكرانيا”.

شارك المقال