في فوز ضو وخسارة أرسلان

صلاح تقي الدين

من الطبيعي أن يبادر المرشحون الخاسرون في الانتخابات النيابية وخاصة أولئك الذين اعتادوا على الفوز بمقعد نيابي من دون أن يبذلوا جهداً، إلى إطلاق الاتهامات التي يراد منها ذرّ الرماد في العيون لتبرير عدم عودتهم إلى ساحة النجمة وتطييب خاطر أنصارهم. ومن بين هؤلاء النائب السابق طلال أرسلان الذي اتهم الحزب “التقدمي الاشتراكي” بالغدر والخيانة وتجيير ما بين 2000 و2500 صوت لصالح مرشح قوى التغيير مارك ضو الذي فاز بالمقعد الدرزي عن مقعد عاليه الذي كان يشغلة أرسلان.

اتهامات استوجبت التوقف عندها مع قيادي رفيع في الحزب “التقدمي الاشتراكي” الذي تساءل: “هل كان حليفاً أم ترشّح على لائحتنا لكي يتهمنا بالغدر والخيانة؟ اتهامات غير مبنية على واقع ولا مستندة إلى حقائق لن نرد عليها”.

ووفقاً للقيادي الاشتراكي الذي تحدث إلى “لبنان الكبير”، فإن القانون الانتخابي الحالي “القانون المسخ” هو الذي ساهم في إسقاط أرسلان وليس “الاشتراكي”، ولعبة الحواصل والأصوات التفضيلية هي التي تحدد مسار النتائج، ولهذه الأسباب تحديداً يجب إعادة النظر في هذا القانون وصياغة قانون عصري لا يتنافس فيه المرشحون الحلفاء على لائحة واحدة لكسب الأًصوات والفوز بالمقعد، ناهيك بالمتنافسين على لوائح أخرى.

ويذهب في تحليل نتائج الانتخابات على الصعيد الدرزي ويبدأ من دائرة الشوف – عاليه التي رصد فيها القيادي الاشتراكي أن ضو حصل في جميع قرى وبلدات دائرة عاليه على أصوات تفضيلية وأصوات أخرى للائحته، بخلاف مرشح الحزب “الاشتراكي” النائب أكرم شهيب الذي غاب اسمه عن بعض الأقلام في قرى وبلدات القضاء للمرة الأولى منذ العام 1992.

وإذا كانت القاعدة الدرزية في القضاء قد أعطت أصواتاً لضو، فإن في ذلك رسائل يجب الانتباه إليها وتتلخّص استناداً الى القيادي نفسه، في أن هناك “عتباً” اشتراكياً على رئيس الحزب “التقدمي” وليد جنبلاط لأنه ترك مقعداً شاغراً لأرسلان على لائحة “الوحدة والشراكة” في الوقت الذي كانوا يريدون “معاقبة” أرسلان على مواقفه بدءاً من حادثة قبرشمون وعدم ملاقاته جنبلاط في سعيه إلى إنهاء ذيولها، وصولاً إلى مواقفه الاستفزازية من حيث تأييده النظام السوري و”حزب الله”، وهذا ما دفعهم الى التصويت لصالح ضو ومخالفة التعليمات الحزبية الواضحة من حيث توزيع الأصوات التفضيلية.

لكن القيادي استطرد في تفسير نتائج الانتخابات في عاليه بالقول إنه يجب عدم إغفال واقع أن هناك أصواتاً درزية ترغب في التغيير، وربما عبّروا عن ذلك بالاقتراع لصالح لائحة ضو في رسالة بانت نتائجها من خلال الخرق الذي تحقق لصالحه وتقدمه بمجموع الأصوات التفضيلية عن النائب شهيب، وهذه رسالة أخرى يجب التوقف عندها.

وعن تقدّم ضو في الأصوات التي نالها من المغتربين، أوضح القيادي أن سبب ذلك يعود إلى النشاط الكبير الذي بذله ضو في التواصل مع الاغتراب اللبناني سواء في الدول البعيدة أو حتى القريبة وتحديداً في الخليج العربي حيث انتشرت صوره على مواقع التواصل في يوم الانتخاب المخصص للمغتربين وهو يجول على أقلام الاقتراع لدعوة الناخبين الى التصويت لصالح قوى التغيير التي يمثلها، في حين أن التواصل بين نواب الحزب والقاعدة الاغترابية لم يكن على القدر المطلوب.

وأعرب القيادي الاشتراكي عن اعتقاده أن الاعلام ساهم إلى حدّ كبير في ترويج صورة ضو على أنه رمز من رموز التغيير، وهذا الأمر ساهم في تعزيز وضعه الانتخابي على حساب أرسلان الذي يعلم القاصي والداني أنه “اتكالي” إلى أقصى الحدود، فهو فاز بمقعد نيابي منذ العام 1992 لأن جنبلاط أراد أن يحفظ له مقامه فكان يترك له مقعداً شاغراً على لائحته، باستثناء العام 2005 حين وجه اليه رسالة عبر ترشيح النائب فيصل الصايغ إلى جانب النائب شهيب على لائحة واحدة، فكان أن خسر مقعده في انتخابات ذلك العام.

وشرح “اتكالية” أرسلان بأنه اعتمد على الدعم المالي واللوجيستي والاداري بالكامل لماكينة “حزب الله” لادارة معركة لائحته الانتخابية التي فرضها الحزب على “حليفيه” أرسلان و”التيار الوطني الحر” فجمعهما في لائحة واحدة مع حليفه الآخر وئام وهاب في مناورة انتخابية أثبتت فشلها، ولعل ذلك ما دفع أرسلان الى التعليق بعد خسارته بأن “النتيجة تدفعنا الى التفكير في علاقتنا مع الحلفاء قبل الخصوم”.

إذا كان فوز ضو بالمقعد النيابي على حساب أرسلان، وخسارة وهاب معركته في محاولة إقصاء النائب مروان حمادة في الشوف ما ساهم أيضاً في خسارة المرشح ناجي البستاني أمام الدكتورة نجاة عون صليبا، نتيجة أخطاء في الحسابات الانتخابية المرتبطة بالقانون الانتخابي المسخ، فإن ذلك لا ينفي واقع حدوث تغيير حقيقي في مزاج الناخبين في دائرة عاليه – الشوف يدفع المعنيين كافة، وخاصة الخاسرين، إلى دراسته عميقاً والاستعاضة عن إلقاء الاتهامات يميناً ويساراً بالانكباب على فهم الرسائل التي وجهها الناخبون، وتصحيح “أخطائهم” ومواقفهم حيث يجب.

شارك المقال