سيناريوهات جلسة اليوم: العين على التغييريين 

فاطمة حوحو
فاطمة حوحو

من المتوقع أن يعود الرئيس نبيه بري اليوم الى سدة رئاسة المجلس، على الرغم من انخفاض عدد المصوّتين له هذه المرة، وبعدما سعى “حزب الله” الى “تطبيق الطبخة” وايجاد المخرج الملائم حتى لا يصل بعدد هزيل بعد اتفاق مع رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل استراتيجيته تمتد لسنتين وفق مبدأ “مرقلي لمرقلك” المعمول به في دولة المحاصصة منبت الفساد. اذ أن باسيل يريد أكل التفاحة بحصد موقع نائب الرئيس لصالح النائب الياس بو صعب، وقد اتضحت الصورة من خلال الهجوم على المرشح المنافس “الحيادي” كما عرّف عن نفسه النائب سجيع عطية، عندما كان رئيساً لبلدية رحبة العكارية، عبر فتح ملف قضائي بحقه منذ أيام، فيما موقف “القوات” واضح بعدم التجديد لبري.

لا شك أن الاصوات التي علت معترضة على ترشيح بري لا يمكن الرهان عليها جميعاً، والبعض استسلم للواقع بالقول انه منصب للشيعة وليختر هؤلاء مرشحهم وليكن الانتخاب، فيما عارض البعض بالقول لتكن شخصية أخرى من “أمل” حتى يقال إن هناك تغييراً حصل والأمور لن تكون كالسابق، علماً أن اعادة انتخاب بري ستعني استمرار الممارسات التي شهدها اللبنانيون سابقاً، ولا سيما إقفال المجلس حين يشاء “حزب الله”.

والواضح أن بري يريد رفع حاصله الانتخابي باستحقاق ميثاقي حتى لا يتهم بأنه رئيس أقلوي، ويسعى الى تأمين نصاب قانوني في الدورة الأولى، وإن لم يستطع ستكون هناك بالطبع دورة ثانية أو حتى ثالثة، وهذا يعني أن باب الصراع مفتوح على مصراعيه. وبما أنه رئيس السن حتى وإن لم ينتخب فهو سيرأس كل الجلسات وسيكون آمناً بفعل حماية حراس المجلس الذين أطلقوا النار على المتظاهرين في ثورة 17 تشرين الأول ما أدى الى اصابة النائب فراس حمدان الذي رفع دعوى على المجلس وشرطته ووضعها بري في الأدراج.

وتشير مصادر متابعة من قوى التغيير الى أن “التغييريين والسياديين والمستقلين في المجلس سيقولون كلمتهم ولن يؤمّنوا نصاباً كبيراً لجلسة انتخاب بري”، من دون أن تخفي استياءها من موقف وليد جنبلاط “الذي يريد رد الجميل لبري بتمرير أصوات شيعية له في الانتخابات النيابية، من خلال اعادة انتخابه، وهذا يعني أن المعركة باتت في الكتل المسيحية”.

وبرأيهم فان “نجاح حزب الله في هندسة اتفاق مع باسيل على الرغم من اتهامات الاخير لبري بالعمل على إسقاط مرشيحه في جزين بدا واضحاً في اختيار شخصية مثل الياس بو صعب كممثلة للتيار الوطني الحر لمنصب نائب رئيس المجلس، وهو على علاقة جيدة مع بري لا يشوبها توتر، ليكون بوابة انفتاح، لكن الأساس يبقى أن ما يجري يفضح الدعاية الشعبوية لباسيل قبيل الانتخابات المتطرفة ليضمن أصوات المسيحيين في الصندوق”.

اما عن واقع العلاقة بـ “القوات”، فتقرأ هذه المصادر الصورة بأن “الموقف جرى التعبير عنه بالاعلان عن عدم التوافق مع القوات على مفهوم السيادة، فأمل تعتبر نفسها سيادية كونها تطالب ببسط سيطرة الدولة على الأرض، لكنها تتعاطى مع الدولة كونها بقرة حلوب، وكل قراراتها تتخذ وفقاً لمصالح شخصية وحزبية ومذهبية وعقد الصفقات والسمسرة ومن هنا استعدادها الدائم للتعطيل اذا لم يكن ملبياً لمصالحها، وهنا أمرها مختلف عن حزب الله الذي يريد ربط لبنان بمشروع ايران”.

ماذا عن نواب التغيير؟ تجيب هذه المصادر بأن “التغييريين قالوا كلمتهم، لن ينتخبوا بري، وسيدخلون الى المجلس بطريقة مختلفة ككتلة موحدة، يجرون اجتماعات يومية في مكاتبهم، يحاولون تذليل العقبات ويسعون الى توافقات مع الكتل المستقلة”.

وتعتبر أن “ما نراه من ضغط وشائعات وتشويه وفبركة أخبار عن نواب التغيير، من الجيش والذباب الالكترونيين المستخدمين من المنظومة الحاكمة، ما هي الا اعتراف بأنهم بيضة القبان وبيضة التغيير الفعلية، وسيتعاملون مع الآخرىن بالقطعة، ويشكلون الى جانب السياديين والمستقلين الأكثرية النيابية، وهذا ما يطيح بعمل حزب الله الذي بات محاصراً أكثر من أي وقت مضى. والواضح أن كل عمليات التشويه لهؤلاء هي من أجل الضغط عليهم وعرقلة أعمالهم وتصوراتهم، لكنهم استطاعوا ازالة الحواجز التي وضعت من أجل منع دخولهم ودخول الناس الى المجلس، وجاءت المشهدية الكبيرة التي عمت منطقة ساحة النجمة عندما أتت الآليات وبدأت تزيل الحجارة الاسمنتية، مما يعني فشل بري في فرض مستعمرته في هذه المنطقة والتصرف بها هو والمنظومة حسبما يريد، وهي اشارة الى دخولهم المجلس رغماً عن أنوفهم وأنوف شرطة المجلس التي حاولت قتلهم وقلع أعينهم، يدخلون كنواب أحرار جاؤوا من الساحات ويحملون مشاريع التغيير في طريقهم الطويل”.

وتضيف المصادر: “هناك بعض التلميحات بأن التغييريين سيدخلون الى المجلس كتلة واحدة برفقة الناس الذين ضربوا وتشوهوا وأهالي مرفأ بيروت وينطلقون من مكان الانتفاضات التي كانت تحدث للاعتراض على المنظومة، وهذه ستكون نقطة مميزة اذا استطاعوا أن يفعلوها لأنهم سيقولون للجميع بأننا ندخل الى المجلس لنمثل أصوات الناس. هؤلاء الذين يحموننا ونحن مكلفون بأمانة يجب أن نحملها ونرفعها ولن نساوم عليها، وبالتالي هم يقولون إن الأصوات التفضيلية التي حصلوا عليها، على الرغم من التزوير والتكسير ومحاولات خرق اللوائح والأموال السياسية والتخويف والترهيب، ستكون موضع ثقة الناس والفئات الشعبية التي ترافقنا في أول جلسة لافتتاح عهد مجلس النواب الجديد، ومهمتنا ليست المناكفة السياسية بل العمل من أجل تغيير القوانين وتشريعها بطريقة قانونية وليس وفقاً للمحسوبيات والمحاصصة المذهبية والفئوية والشخصية”.

وبحسب هذه المصادر فإن “نواب التغيير سيتعاطون مع الجلسة وفقاً لسيناريوهات معينة، أولاً من الممكن أن يطرحوا شخصية مرشحة اذا تأمن النصاب، البعض يقول هذه مناكفة لبري، لكن أصوات التغيير والسيادة ستكون علنية وتقول للجميع إننا لن نذهب لانتخاب بري والاعتراض لا يكون بالهروب وانما بالمواجهة. وثانياً قد ينتخبون بورقة بيضاء ويعبّرون بذلك عن موقفهم. وثالثاً قد يعترضون في حال لم يتأمن النصاب ولن يدخلوا الى جلسة الانتخاب بل يبقون في قاعة المجلس والمقاطعة”.

اما عن انتخاب نائب الرئيس فهنا المعركة التي ستكون نتيجتها معتمدة على توزيع الأصوات لا سيما بالنسبة الى كتلتي “التيار الوطني الحر” وجنبلاط، بحسب ما تقول المصادر، موضحة أن “التغييريين طرحوا اسم ملحم خلف، والقوات غسان حاصباني، والتيار الحر الياس بو صعب، والمعركة ستكون شرسة اذا نجحت لعبة التصويت الحر في بعثرة حسابات التسوية بين التيار الوطني الحر وأمل، على الرغم من جهود الجوكر أي حزب الله الذي حاول تقريب وجهات النظر من أجل الخروج من هذه المعركة بخسائر بسيطة”.

شارك المقال