بين التشكيل والتعطيل… الحكومة على نار الصفقات والتعيينات

هيام طوق
هيام طوق

تنوعت القراءات والتحليلات وتعددت بين من خلص الى أن جلسة انتخاب رئيس المجلس ونائبه وهيئة مكتبه تؤكد أن لا أكثرية مطلقة في البرلمان وأن التعاطي السياسي سيكون “على القطعة”، وبين من اعتبر أن قوى 8 آذار تعالت عن الخلافات السطحية لصالح إمساكها بزمام اللعبة الدستورية، مستفيدة من تشتت الأحزاب التقليدية المعارضة والقوى التغييرية وتشرذمها.

هذه الصفحة طُويت، والقراءة اليوم في صفحة استحقاق آخر بحيث تتحدث المعلومات عن أن النقاشات حول تشكيل الحكومة وضعت على نار حامية. وكما كل استحقاق تسبقه التحليلات والتوقعات حول امكان اجرائه من عدمه، هكذا هو الاستحقاق الحكومي الذي دخل “البازار” السياسي من بابه العريض بين من يجزم بأن لا امكان لتشكيل حكومة في ظل هذا الخلاف بين التكتلات النيابية، وفي حال تكليف شخصية سنية، فإن التأليف سيكون من سابع المستحيلات خصوصاً وأن “التيار الوطني الحر” يفرض شروطه وحصته في الحكومة، وهذا ما لن تقبل به قوى المعارضة والنواب التغييريين، وبين سيناريو آخر يعتبره المحللون الأقرب الى الواقع ويقضي بأن يُعاد تشكيل الحكومة الحالية برئاسة الرئيس نجيب ميقاتي مع بعض التغيير في الوزارات، وهذا الطرح لن يعارضه فريق 8 آذار باعتبار أن التشكيل حاجة وأن الحكومة الجديدة لن يتعدى عمرها الأشهر القليلة، ويقتصر دورها على بعض الاجراءات الملحة. وفي المقابل، هناك قراءة أخرى لمراقبين محايدين يشددون على ضرورة تشكيل حكومة جديدة وفق الدستور على أن تكون حكومة “قدها وقدود”، ويتسلم حقائبها وزراء مشهود لهم بالكفاءة والنزاهة والشفافية بعيداً من المحاصصات التي ترافق تشكيل الحكومات لأن المسؤولية التي ستلقى على عاتقها ستكون كبيرة وربما تتسلم ادارة الحكم في المرحلة المقبلة المتوقع أن تشهد فراغاً على صعيد رئاسة الجمهورية.

وإذا كانت بورصة الأسماء ترتفع وتنخفض وفق الظروف المرحلية، فهناك أكثر من سيناريو أو رأي يطرح في الكواليس السياسية ومن بينها أن يتم الاتفاق على سلة واحدة لأكثر من استحقاق منتظر أي الحكومة ورئيسها وشكلها ومواصفاتها وتعيين قائد الجيش وحاكم مصرف لبنان وغيرها من التعيينات الأساسية. وهناك من يرى استحالة السير بكل الاستحقاقات دفعة واحدة لأنه اذا كان الاستحقاق الواحد يتطلب أشهراً في ظل الخلافات، فكيف السبيل الى ذلك في سلة استحقاقات كبرى ومهمة وتحدد مستقبل البلد؟

وفي هذا الاطار، أكد مصدر “الثنائي الشيعي” أن ما يُحكى عن طرح للرئيس نبيه بري حول سلة متكاملة للاستحقاقات “ليس سوى فرضيات من نسج خيال مطلقها ولا أساس لها من الصّحّة. فالرئيس برّي يعمل على إتمام جلسة الثلاثاء المقبل للانتهاء من تشكيل اللّجان النّيابيّة مع العلم أنّ رئيس الجمهورية لم يحدّد موعداً للاستشارات النّيابيّة الملزمة لتكليف شخصيّة تأليف الحكومة، ومن المبكر الخوض في تفاصيل الحكومة وشكلها ومضمونها، فضلاً عن التّعيينات وغيرها من الملفّات”.

وفي انتظار دعوة رئيس الجمهورية ميشال عون الى الاستشارات النيابية لتكليف رئيس حكومة، لا بد من الاضاءة على بعض الهواجس والتساؤلات: هل ستشكل الحكومة؟ ما مدى انعكاس نتائج الجلسة الأولى لمجلس النواب على التشكيل والحصص والمواصفات؟ هل اتّعظت قوى المعارضة والتغييريون مما جرى في جلسة الثلاثاء، فتتوافق على الاستحقاق الحكومي؟

أشار النائب السابق علي درويش الى أن “الكرة اليوم في ملعب النواب الذين سيسمّون الشخصية التي يعتبرونها مناسبة لهذه المرحلة، وفي حال رأى الرئيس ميقاتي أن الظروف مؤاتية للانجاز فسيكون موجوداً، واذا وجد أن الظروف لا تساعد في عملية الانجاز، يتمنى الخير للجميع. الرئيس ميقاتي يريد تشكيل حكومة كما يراها هو مناسبة وليس كما يريدها الآخرون كما أنه لن يرضى بشروط لتكليفه رئاسة الحكومة”.

ولفت الى “أننا لسنا في أجواء سلة متكاملة في الاستحقاق والتعيينات، وليست لدينا معطيات حول هذا الأمر. هل هذا الطرح موجود؟ لا يمكننا تأكيده كما لا يمكننا نفيه. لذلك، علينا الانتظار لتتضح الصورة ولكن الأكيد أن الرئيس ميقاتي لن يقبل برئاسة الحكومة بشروط محددة”، معتبراً أنه “كلما كانت الدعوة الى استشارات مبكرة كان ذلك أفضل، لكن الأمر يعود الى رئيس الجمهورية”.

وقال: “في حال تكليف الرئيس ميقاتي، فسيأخذ في الاعتبار كل التغييرات، وعلى أساسها يكوّن رؤية واضحة لتشكيل حكومة، وبالتالي، سنشهد تطوراً واضحاً في الواقع الحكومي، كما يجب الاسراع في تأليفها لأن هناك خمسة أشهر تفصلنا عن انتخاب رئيس الجمهورية وليست لدينا رفاهية الوقت”. وأكد “أننا نريد صيغة تعددية انما تآلفية لا صدامية”.

من جهته، قال النائب وضاح صادق: “نحن واضحون في خياراتنا، ونعتبر أنه لا يمكن إنقاذ البلد الا بحكومة تتمتع بكامل الاستقلالية بمعنى ليس مستقلين تختارهم الأحزاب. حكومة طوارئ لا يمكن أن تعطلها أي جهة ويكون مشروعها اقتصادياً وقضائياً، ولن نوافق الا على هكذا حكومة. وأي كتلة نيابية تلتقي معنا في هذا الطرح ليس لدينا اشكال في التحالف معها”.

ورأى أن “أداء حزب القوات في الجلسة كان ممتازاً، وهناك تواصل معه للتنسيق، ولسنا معزولين، وفي حال وافق على طرحنا نضع يدنا بيده ونحارب سوياً”، موضحاً “أننا نلتقي مع القوى السيادية على كثير من العناوين كما أن التنسيق قائم مع بعض النواب المستقلين الا أن البعض منهم في موقع بعيد عنا”.

وأشار الى “أننا بدأنا نتدارس في تشكيل الحكومة، وسنبقى على موقفنا، ونتمنى من الناس أن يعطونا بعض الوقت لأنهم ينتظرون التغيير بين ليلة وضحاها، ونحن نتفهمهم لأنهم محبطون”، متحدثاً عن نقاط أساسية حصلت في جلسة الثلاثاء “اذ عادت الديموقراطية الى البرلمان ما أربك المجلس ورئيسه، وهذا الارباك يُظهر أنه لم تجر انتخابات فعلية في السابق”.

شارك المقال