جوائز سمير قصير بعد 17 عاماً: الخيار ترسيخ الحرية

فاطمة حوحو
فاطمة حوحو

منذ أوائل هذا الشهر، أعلن عن نتائج الدورة السابعة عشرة من جائزة سمير قصير لحرية الصحافة، التي جرى اطلاقها بعد عام واحد من استشهاده وحظيت باهتمام عالم الصحافة، ودرج على تسليم الجوائز في ذكرى اغتياله في ٢ حزيران 2005 في بيروت، تخليداً لحياته وقيمه وذاكرته.

شارك في دورة هذا العام 261 صحافياً من الجزائر، البحرين، مصر، العراق، الأردن، لبنان، ليبيا، المغرب، فلسطين، سوريا، تونس واليمن. وتنافس 96 مرشّحاً عن فئة مقال الرأي، و116 عن فئة التحقيق الاستقصائي، و49 عن فئة التقرير الإخباري السمعي البصري. ونال الفائز في كلّ من الفئات الثلاث جائزة قدرها 10 آلاف يورو، في حين نال كل من المرشَّحين الآخرين اللذين وصلا إلى المرحلة النهائية في كل فئة جائزة بقيمة ألف يورو.

وتوزعت جوائز هذا العام، وفقاً للآتي:

فئة مقال الرأي: عزت القمحاوي من مصر، من مواليد العام 1961. ونشر مقاله الذي حمل عنوان “عمارة الريبة: هوس البنايات الكبرى والشوارع الواسعة” نشر في موقع “المنصة” في 18 كانون الأول 2021. وهو يبرز العلاقة بين الهندسة المعمارية والتخطيط العمراني ونوع الأنظمة السياسية.

فئة التحقيق الاستقصائي: صفاء خلف من العراق، باحث وصحافيّ استقصائي من مواليد العام 1982. وحمل تحقيقه عنوان “أزمة مياه العراق: تغيّرات المناخ قد تؤدي الى هجرة ونزاعات أهلية”، ونُشر في موقع “العالم الجديد” في 27 تشرين الثاني 2021.

فئة التقرير الإخباري السمعي البصري: إيمان عادل من مصر، من مواليد العام 1986. ونشرت تقريرها بعنوان “رانيا رشوان التي خلعت حجابها في قرية الجهاديين” نشر في موقع “درج ميديا” في 15 حزيران 2021. ورانيا شابة مصرية اختارت التحرُّر من نمط الحياة الذي فرضه عليها مجتمعها الريفي المحافظ، بعد عدة تجارب صعبة جداً، بما في ذلك الاعتداء الجنسي وانتحار شقيقها.

وتولّت اختيار الفائزين لجنة تحكيم مستقلة مؤلّفة من سبعة اختصاصيين في شؤون الإعلام، وباحثين، ومدافعين عن حقوق الإنسان، من جنسيات عربية وأوروبية.

وللسنة الثالثة توالياً، جرى تقديم “جائزة الطلاب” التي مكّنت 21 طالباً من جامعات المغرب، لبنان، تونس، الجزائر واليمن من الحصول على فرصة الاطلاع على الأعمال المتبارية والتفاعل افتراضياً مع المرشّحين الذين وصلوا إلى المرحلة النهائية، والتباحث معهم في مضمون مقالاتهم وتقاريرهم. وبعد النقاش، صوّت الطلاب لعملهم المفضّل، فاختاروا تحقيقاً استقصائياً بعنوان “كشافة المهدي: وقائع تجنيد ميليشيات إيرانية الأطفال في سوريا ولبنان”، الذي نشرته كل من الصحافية السورية رقية العبادي (مواليد 1988) والصحافية اللبنانية فاطمة العثمان (مواليد 1989) في موقع “درج ميديا” في 6 أيار 2021.

وفي حديث لـ “لبنان الكبير” أوضح الفائز العراقي صفاء خلف، أنه “عمل منذ حوالي خمسة أعوام، على تقصي أزمة المياه في العراق والمنطقة العربية، والتغير المناخي وتأثيراته على الدول الهشة التي تعاني من مشكلات في التنمية وتراجع الخدمات واعتلالات اقتصادية في ظل أنظمة حكم غير رشيدة”.

أضاف: “لذا التحقيق الفائز هذا العام بجائزة سمير قصير 2022، يجيء في سياق عمل متواصل من الأبحاث الأكاديمية والتحقيقات الصحافية التي قمت بإنتاجها، ولأن العراق يقع في قلب ظاهرة التغير المناخي ويعاني من اعتلال بيئي مزمن، وجدت أنه من الأهمية لفت نظر السلطات والمجتمع المحلي والفاعليات الاجتماعية في العراق عبر التقدم بالجائزة، ولعل الفوز هو أداة تنبيه الى ضرورة وضع معالجات حقيقية لدرء المخاطر البيئية التي باتت تهدد وحدة البلاد، وستتسبب بهجرات داخلية وخارجية حتمية نتيجة نقص الموارد وشح المياه فضلاً عن تحول البيئة العراقية الى بيئة سامة نتيجة الاستخراج غير النظيف للطاقة وزيادة الانبعاثات وتنامي العواصف الرملية والترابية”.

اما صفاء صالح من مصر وهي عضوة لجنة التحكيم فقالت: “أنا سعيدة جداً أنني فزت مرتين بجائزة سمير قصير والآن شاركت في لجنة التحكيم، لذلك لهذه الجائزة منزلة خاصة جداً، وهي واحدة من 14 جائزة صحافية عالمية الا أنها مختلفة تماماً. وأنا سعيدة جداً بهذه التجربة كونها تكلل مشواري الصحافي المتواصل منذ واحد وعشرين عاماً”. وبرأيها أنه في ظل صحافة البث المباشر والــ “لايف” والبحث عن الفضائح و”التراند” و “اللايك” و”الشير” و”فيو”، المشاركات التي قدمت “شكلت أرشيفاً محترماً، وركزت على ابراز تحقيقات بمحتوى هادف، يدافع عن أقليات، يدافع عن مستضعفين، يبرز حقوق انسان. بينما الغرف الاخبارية تهمل هذه المواضيع، فالصحافي الذي يعمل بشكل هادف ولديه مبدأ يعمل عليها نتيجة شغف في العمل الصحافي لتقديم ما له قيمة ويبذل مجهوداً مضاعفاً لايصاله الى الناس، فالصحافة الحقيقية لم تعد موجودة كما في السابق”.

وأشارت صالح الى أن “هذه الجوائز سوف تشجع الشباب حديثي التخرج على تقديم أعمال مهنية على مستوى، فأحيانا من يعمل في غرف الأخبار يتخيل أن الصحافة الحقيقية هي بالموبايل وينزل الشارع يبدأ ببث مباشر عن حادثة أو فضيحة ويحصل على مليون فيو أو لايك ويأخذ مكافأة، الصحافة الجدية ليست لها وجود بالنسبة اليه، ولكن جائزة مثل جائزة سمير قصير ستحفزه على العمل بطريقة مختلفة وتجعله يأمل في الحصول عليها”.

من جهته، أكد المسؤول الاعلامي في المؤسسة جاد شحرور أن “المؤسسة مستمرة في نصرة أي صحافي يواجه أي طاغ أو محتل من فلسطين لسوريا والأردن ولبنان. وهي لا تكتفي برصد الانتهاكات انما تذهب الى دعم الاعلام في العالم العربي عبر تدريبات ومشاريع تدعم النماذج الاقتصادية لهذه المؤسسات”.

ورأى أن “الحريات تراجعت في لبنان وغيره نتيجة تغييب الذهنية السياسية المنفتحة في ظل الأنظمة القمعية، ويجب محاربة هذه الذهنية وترسيخ فكرة الحرية كحق من حقوق الانسان بغض النظر عن الاختلاف السياسي والثقافي”، معتبراً أن “ليس للنجاح نقطة نهاية، انما هو مسار يكتمل مع انجاز المشاريع، فالنهر يتدفق من دون كلل أو ملل، ورحلتنا طويلة لكنها رحلتنا الوحيدة ولا خيار لنا الا ترسيخ الحرية في كل مكان”.

شارك المقال