عودة هوكشتاين لشراء الوقت… وتعديل المرسوم 6433 قبل التفاوض

هيام طوق
هيام طوق

منذ أن رست سفينة انتاج النفط “انيرجين باور” على حقل “كاريش” المتنازع عليه مع لبنان، جرت اتصالات ولقاءات بعيدة عن الاعلام لاحتواء القضية بهدف منع التصعيد بين اسرائيل ولبنان، إذ توافق رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي على دعوة الوسيط الأميركي آموس هوكشتاين للحضور الى بيروت للبحث في مسألة استكمال المفاوضات لترسيم الحدود البحرية الجنوبية والعمل على انهائها في أسرع وقت ممكن، وذلك لمنع حصول أي تصعيد لن يخدم حالة الاستقرار. وأعلن رئيس مجلس النواب نبيه بري خلال جلسة انتخاب اللجان أمس، أن هوكشتاين سيزور لبنان الأحد أو الاثنين للبحث في ملف ترسيم الحدود البحرية.

وبعيداً عن المواقف الوطنية المتعددة المطلوب ترجمتها بخطوات لضمان حقوق لبنان، وعن السجالات والتحليلات الكثيرة حول السيناريوهات المحتملة في المرحلة المقبلة، تشير مصادر معنية لـ “لبنان الكبير” الى أن الشعب اللبناني بأكمله بانتظار الموقف الرسمي الموحد من المسؤولين والذي يطالب بحقوق لبنان ومصالحه كاملة باعتماد الخط 29 في التفاوض وتعديل المرسوم 6433 وارساله الى الأمم المتحدة كي لا يتحول ملف الحدود الجنوبية إلى مزارع شبعا بحرية، مع التأكيد أن الشعب سيقوم بخطوات اذا لم تأت المفاوضات على قدر التطلعات، وذلك دفاعاً عن لبنان وسيادته.

وفي انتظار وصول الوسيط الأميركي، يسأل اللبنانيون: هل التفاوض سيكون على حساب مصالح لبنان لأنه يأتي تحت الضغط؟ وهل سيتم تعديل المرسوم 6433 لارساله الى الأمم المتحدة باعتباره ورقة قوة في يد لبنان ويحفظ حقوقه؟ ومن هي الجهة التي ستتولى التفاوض؟

في هذا الاطار، قدّم الباحث عصام خليفة مذكرة الى المجلس النيابي طالب فيها بإقرار قانون يجبر السلطة التنفيذية على إرسال التعديل المقترح من قيادة الجيش اللبناني للمرسوم 6433 الى الأمم المتحدة، وتعيين وسيط جديد، والتأكيد على ضرورة استمرار الوفد اللبناني نفسه في التفاوض رئيساً وأعضاء ورفض أي تغيير لأن هذا الوفد أكدّ خبرته ونيته وصلابته في الدفاع عن المصالح العليا للشعب اللبناني.

وفي حديث لـ “لبنان الكبير”، رأى خليفة أن “أميركا تحمي مصالح اسرائيل، وتحول دون إرسال لبنان تعديل المرسوم 6433 الى الأمم المتحدة”، مشيراً الى أن “الوسيط الأميركي يأتي لشراء الوقت بحيث تكون اسرائيل بدأت بالانتاج وحينها لا ينفع التحرك. والأخطر من كل ذلك أن وزيرة الطاقة الاسرائيلية أعلنت منذ أيام دورة التراخيص بما فيها البلوك 72 الذي يضم حقل قانا أي على حدود الخط الوهمي الجهنمي 23”.

وشدد على وجوب “أن يوقع المسؤولون اللبنانيون تعديل الاحداثيات والمرسوم 6433 وارساله الى الأمم المتحدة، والا كيف يمكن أن نثبت وجود منطقة متنازع عليها، ونحن نعترف بأن حدودنا عند الخط 23؟”، مؤكداً أن “المطلوب الحفاظ على حقوق لبنان حسب القانون الدولي وأن يكون الوسيط نزيهاً وعادلاً”. وأمل تصحيح الأمور، متمنياً على النواب التغييريين “القيام بخطوة ما في هذا الاتجاه”.

واستغرب ما قاله وزير الخارجية والمغتربين عبدالله بو حبيب بأن وزارة الخارجية ليست مسؤولة عن ملف الترسيم مباشرة، “فهو المعني الأول بالترسيم وعليه ارسال الملف كاملاً من خرائط ووثائق ومستندات تثبت حق لبنان الى الدول الكبرى والصديقة، كما عليه تشكيل خلية أزمة مؤلفة من اختصاصيين يجمعون الوثائق التي تبرز حقوق لبنان الذي بات على شفير الجوع”، متسائلاً: “كيف يمكن أن نهدر ثروة بمليارات الدولارات والبلد في أزمة اقتصادية غير مسبوقة؟”.

من جهته، أكد رئيس اللجة الوطنية لمتابعة ملف ترسيم الحدود البحرية عمران زهوي أن “الخط 23 ليس خطاً قانونياً، وهو خط اسرائيلي وليس لبنانياً لأن الاسرائيلي هو الذي تبناه ومن بعده تبناه اللبنانيون، كما أن العديد من المؤسسات الدولية أقرت بأن حدود لبنان هي الخط 29 وليس 23″، معتبراً أن “ما يحصل اليوم هرطقة بهرطقة، وعرض الوسيط الأميركي يعطي لبنان حقل قانا وجزء منه يبقى مع العدو، وفي حال أتى الى بيروت ماذا سيزيد على العرض الذي قدمه سابقاً؟ سيعود بطرحه ثم يزور اسرائيل وبعدها أميركا ثم الى لبنان، وبالتالي، في هذا الوقت الضائع يكون بدأ الاستخراج في حقل كاريش”.

وقال: “اذا كان هناك من طرح جدي فيجب على الرئيس بري تحديد مهلة زمنية لا تتخطى الشهر لانهاء الملف والا نذهب الى خيار تعديل المرسوم 6433 وايداعه الأمم المتحدة. لبنان في موقف ضعيف اذا لم يتم تعديل المرسوم الذي هو الورقة القوية في التفاوض”.

ولفت الى “أهمية البلوك رقم 8. أولاً، لا أحد يعلم ما في هذا البلوك سوى الاسرائيلي الذي قام بعملية الاستكشاف. ثانياً، استخدام البلوك يخفف من كلفة نقل الغاز للوصول الى أوروبا. ثالثاً، يكشف الساحل في فلسطين المحتلة وتصبح المنطقة ساقطة عسكرياً. رابعاً، هناك منتجع سياحي بعد رأس الناقورة وهو أهم منتجع عند العدو وفي حال حصل لبنان على الخط 29 يكشف هذا المنتجع بالكامل. اضافة الى اللعبة الأميركية التي تحاول ايصال الغاز الى أوروبا بدل الغاز الروسي وهذه المنطقة تفي بالمطلوب”.

وسأل: “لماذا لا يتم الالتزام بملف الجيش اللبناني خصوصاً أن كل الجهات تضع ثقتها به في التفاوض؟ هل هناك بازار سياسي من أجل رفع العقوبات عن النائب جبران باسيل؟ والخط 29 كان يسمى خلال المفاوضات خط عون، فما الذي حصل لتتغير الأمور؟”.

أضاف: “في 5 أيلول 2020 وقع الرئيس عون تعديل المرسوم 6433 لكن لم يُرسل الى الأمم المتحدة بطلب من باسيل. والمطلوب على وجه السرعة تعديل هذا المرسوم وايداعه الأمم المتحدة مع الاحداثيات والخرائط الموجودة لدى الجيش اللبناني قبل العودة الى المفاوضات لأن القانون الدولي يقول ان أي حقل متنازع عليه لا يحق لأحد الطرفين أن يستخرج منه الى حين حل النزاع. اذاً نثبت حقنا أولاً ثم نتفاوض”.

وأوضح أنه “عندما تقول شركة (انيرجين باور) ان لدينا ضمانات خارجية، فمن أعطاها هذه الضمانات؟ طبعاً الأميركي ولكن هل يعطي الأخير الضمانات اذا لم يحصل عليها من طرف ما في لبنان؟”

شارك المقال