التأليف قبل التكليف… والاستشارات بعد نضوج الطبخة

هيام طوق
هيام طوق

في الأيام القليلة الماضية، انشغل الوسط السياسي بملف ترسيم الحدود البحرية، وتوحيد الموقف اللبناني للرد على الوسيط الأميركي آموس هوكشتاين، إلا أن ذلك لم يوقف حركة الاتصالات والتواصل بين مختلف الجهات للتشاور في الاستحقاق الحكومي، تكليفاً وتأليفاً، على الرغم من أن اسم الرئيس نجيب ميقاتي يبقى متصدراً لكن وفق مصادر معنية، فإن لا شيء محسوم خصوصاً مع تركيبة المجلس النيابي الجديد بحيث أن بعض الكتل يعارض تسمية شخصيات كانت في السلطة ما يعني أن التكليف لن تكون طريقه سهلة الا أن العقدة الأكبر تبقى في التأليف.

على أي حال، ما يمكن تأكيده أن الاستشارات النيابية ستختلف عن سابقاتها لناحية عدم حسم أي اسم سلفاً، والكل بانتظار القصر الجمهوري لتحديد موعدها، الذي ربما يكون، وفق مصدر مواكب، في منتصف الأسبوع المقبل، ولا خوف من المماطلة أو التريث لأن رئيس الجمهورية سيدعو في نهاية المطاف الى الاستشارات خلال أيام على الرغم من المعلومات التي تتحدث عن محاولة التأليف قبل التكليف، وإصرار “التيار الوطني الحر” على بعض الحقائب الوزارية كما ومحاولة تعويم بعض الأسماء للتكليف.

وفي ظل متاريس الاشتباك السياسي على الجبهة الحكومية بين من يريدها حكومة وحدة وطنية وسياسية صافية، وبين من يعتبر أن الملفات تحتاج الى حكومة اختصاصيين وخبراء، فإن بعض الاطراف أكد عدم مشاركته في الحكومة المقبلة اذا كانت كسابقاتها أي حكومة وحدة وطنية، ما يعني أن الحكومة ستكون من لون واحد.

وإذا كان الخلاف بين السياسيين على شكل الحكومة ورئيسها، فإن الاختلاف حول أهميتها قائم بين المحللين الذين يرى بعضهم أنه لا يجوز “تكبير” الأمور والتفتيش عن مشكلة اضافية خصوصاً أن عمر الحكومة لا يتعدى الأشهر القليلة، في حين يشدد آخرون على أهمية الحكومة المنوي تشكيلها باعتبار أن صلاحيات رئيس الجمهورية ستناط بمجلس الوزراء في حال الفراغ على المستوى الرئاسي.

السيناريوهات كثيرة ومتعددة، لكن أين أصبح المسار الحكومي حالياً؟ وهل العوائق لا تزال قائمة أم هناك بوادر خير؟ وهل ستكون على صورة سابقاتها أو انها ستأخذ في الاعتبار التغيير الذي أفرزته الانتخابات النيابية؟

أشار النائب السابق علي درويش الى أن “من المتوقع أن تكون الاستشارات النيابية بعد فترة زمنية قريبة أقصاها الأسبوع المقبل، أي بعد زيارة الوسيط الأميركي ستكون هناك دعوة للاستشارات، وأعتقد أن مرحلة التشكيل ستكون سريعة لأن المرحلة والأوضاع تتطلب ذلك”، لافتاً الى أن “النواب هم من سيختارون الشخصية التي ستشكل الحكومة، وكما حصلت اللعبة الديموقراطية في الانتخابات النيابية، هكذا ستكون في الاستحقاق الحكومي، وبغض النظر عن الأسماء المطروحة، فإن حجم الرئيس ميقاتي وحضوره واضحين ومعروفين لدى الجميع”.

وشدد على أن “الرئيس ميقاتي لا تهمه التسميات إن كانت حكومة سياسية أو تكنوقراط ، انما ما يهمه الانجاز والقيام بالمهمات والانسجام بين العناصر”، مؤكداً أن “الرئيس ميقاتي لن يقبل التأليف تحت ضغط الشروط، وفي حال قُدّر له أن يرأس الحكومة فسيستكمل ما بدأه”. وقال: “في حال كلف الرئيس ميقاتي يكون هو المعني الأساس وصاحب الصلاحية لتشكيل الحكومة بالشكل والمضمون. ونتمنى أن تكون التغييرات في المجلس النيابي لخدمة لبنان وتخلق دينامية ايجابية وليس صدامية تؤدي الى مزيد من الارباك”.

من جهته، رأى المحلل والكاتب السياسي أمين بشير أن “رئيس الجمهورية يحاول أن يلعب ورقة التأليف قبل التكليف، ويريد وفق المعلومات أن يطلع على كل الأمور وعلى الحصص قبل الدعوة الى الاستشارات”، مرجحاً “أن تكون الحكومة الجديدة من لون واحد لأن القوى التغييرية والسيادية لم تتمكن من رص الصفوف وتأليف جبهة موحدة في خوض الاستحقاقات الدستورية، ودخلت من حيث لا تدري في التعامل مع الاستحقاقات على القطعة. وبالتالي، كما خسرت نيابة رئاسة المجلس ليس مستبعداً أن تضيّع الفرصة في الحكومة لتعود حكومة 8 آذار مجدداً”.

وأوضح أن “السيناريو الأقوى حالياً يتحدث عن تكليف الرئيس ميقاتي لكن مع تشكيلة يكون الرئيس عون موافقاً عليها مسبقاً”، لافتاً الى أن “آخر المعطيات تشير الى إمكان دعوة الرئيس عون الى الاستشارات قريباً جداً أو بين يوم وآخر، وهو يدرس المعطيات المتوافرة، لكنه يريد أن تكون الطبخة جاهزة ومكتملة بمعنى أن يكون الرئيس المكلف معروفاً والتشكيلة جاهزة”.

وتحدث عن الظرف الاقليمي الاستثنائي اذ أن “الحكومة لم تعد حكومة وزارات وحقائب بقدر ما هي حكومة توقع الاتفاقات المنتظرة في المنطقة وتسير بمشروع محور الممانعة”، مشيراً الى أنه “في حال استمر الوضع الاقليمي في التأزم ربما يحصل الفراغ على المستوى الرئاسي، وبانتظار نضوج التسويات في المنطقة، ستدير الحكومة التي ستتشكل البلاد، وستتمتع بصلاحيات أكبر واستثنائية. وبالتالي، أجواء القصر الجمهوري تشير الى أن الرئيس لن يسلم صلاحياته الى رئيس حكومة سني بمعنى أنه لن يترك القصر لكي يأخذ صلاحياته رئيس الحكومة ومن الممكن أن يكون يلعب على هذا الوتر الطائفي”.

شارك المقال