دافوس: الأخطار تتربص بالصغار عبر الانترنت والحلول متاحة

حسناء بو حرفوش

حضرت الأخطار التي تهدد سلامة الأطفال عبر الانترنت بقوة على قائمة مناقشات المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس. وسلط موقع المنتدى الضوء على هذا الموضوع من خلال مقال حول أهمية الذكاء الصناعي إلى جانب ضرورة اعتماد منهجيات تضمن حماية الأصغر سناً بالتزامن مع تطور ذكائهم الرقمي.

ووفقاً للمقال، “تتعرض غالبية مستخدمي الانترنت من الأطفال لشكل من أشكال الأذى الجنسي، مما يفرض الحاجة الى نهج أكثر شمولاً. وفي ظل زيادة عدد المستخدمين ممن يبلغون أقل من 18 عاماً، أصبح الاعتداء الجنسي على الأطفال عبر الشبكة مشكلة عالمية تتعلق بالسلامة العامة، وينتج عنها جيل من الضحايا. ويقدر التحالف العالمي WeProtect أن نسبة مذهلة تبلغ 54٪ من أولئك الذين يستخدمون الانترنت بانتظام عندما كانوا أطفالاً (الذين تتراوح أعمارهم الآن بين 18 و20 عاماً) ضحايا لضرر جنسي واحد على الأقل عبر الانترنت. والأسوأ أن وصمة العار التي لا تزال تحيط بالاستغلال الجنسي للأطفال والاعتداء عليهم تصعب الوصول إلى الإحصاءات الدقيقة مما قد يقلل من الأهمية التي تولى لحدة هذه المشكلة.

وعلى الرغم من أن الاستغلال والاعتداء الجنسيين مقلقان للغاية، إلا أنهما مجرد شكل من أشكال المحتوى غير القانوني أو الضار أو السلوك الذي يؤثر على الشباب عبر الانترنت. فإضافة إلى ذلك، تتزايد مشكلات أخطار أخرى كالتنمر وانتحال الهوية والتصيد والمضايقة والتعرض لخطاب الكراهية والتشجيع على إيذاء النفس والتصيد الذي يستهدف الأطفال. وتتراوح العواقب بين الحكايات التحذيرية والمآسي المروعة. على سبيل المثال، أمرت إيطاليا TikTok بحظر أي شخص لا يمكن تأكيد عمره، بعد وفاة طفل يبلغ من العمر 10 سنوات حاول القيام بتحد خطير.

نقطة تحول

ولم يسبق من قبل أن كانت السلامة وانتشار الأخطار عبر الانترنت أكثر وضوحاً وفي الصدارة على المسرح العالمي، بالنسبة الى الحكومات والى صناعة التكنولوجيا ووكالات إنفاذ القانون والمجتمع المدني. من المآسي التي تحل بالشباب والعائلات في جميع أنحاء العالم، إلى القوانين واللوائح الجديدة أو المتوقعة في العديد من الولايات القضائية التي سنّت لتجنب مثل هذه الأحداث، وصل الأمان عبر الانترنت إلى نقطة تحول. وتعمل شركات التكنولوجيا بشكل جماعي في عصر توقعات السلامة المتزايدة من جميع القطاعات وأصحاب المصلحة.

ويحتاج العالم إلى إطار عمل شامل لتنظيم الضرر عبر الانترنت. وتعد أستراليا أول بلد يضم وكالة حكومية خاصة لـ”الأمان الإلكتروني” في العالم، كما اقترحت المملكة المتحدة قانون الأمان عبر الانترنت والاتحاد الأوروبي قانون الخدمات الرقمية وقانون الأسواق الرقمية والتي تعد بالفعل إصلاحات تشريعية شاملة. ويتزايد الزخم في الولايات المتحدة لتقديم مقترحات متنوعة لمزيد من حماية سلامة الأطفال على الانترنت وخصوصيتهم. واعتمدت فرنسا مؤخراً بروتوكولاً مصمماً لحماية القصّر من التعرض لمحتوى إباحي. وطبقت المملكة المتحدة قانون التصميم المناسب للعمر، بحيث تتطلع العديد من الولايات القضائية حول العالم الى محاكاة أجزاء منه على الأقل. بدورهم، أجرى المشرّعون الألمان تغييرات شاملة على قانون حماية الشباب في البلاد، وبفضل العديد من هذه القوانين والمقترحات، تخاطر المنصات غير المتعاونة بغرامات تصل إلى ملايين اليورو، وحتى بعقوبة السجن للمديرين التنفيذيين.

وأجبرت بعض الاجراءات والمبادئ التنظيمية بعض اللاعبين الكبار في السوق مثل Snapchat و YouTube و TikTokعلى تنفيذ ضوابط ملائمة للشباب، مع حذو Instagram و Appleحذوها. هذه خطوات جديرة بالثناء، ولكن لا يزال من السهل على الأطفال التهرب من الضمانات، على سبيل المثال، عن طريق إدخال تاريخ ميلاد مختلف عند التسجيل. ويعد التعلم الآلي واكتشاف الذكاء الاصطناعي، إلى جانب الاعتدال البشري الضروري، أمراً بالغ الأهمية لحماية الشباب من المحتوى الضار والنشاط عبر الانترنت. ومع ذلك، تواجه تصفية تحميل المحتوى والكشف الآلي عن المحتوى تحديات أخلاقية خطيرة، بما في ذلك التهديدات لحرية التعبير. وهذا يعني أن الوقت حان لتصميم نهج أكثر ذكاءً – مع وضع رحلات المستخدمين الصغار عبر الانترنت في صميمه. وحتى الآن، ركز المنظمون وصناعة التكنولوجيا بشكل كبير على المراحل “المتوسطة” لتجارب الشباب عبر الانترنت: تحميل المحتوى والوصول إليه والكشف عنه. ولكن تبقى مشكلة أخرى: ماذا يحدث بعد أن يتعرض الأطفال لمحتوى ضار عبر الانترنت؟

يجب أن ندرك أن مساعدة الشباب الذين وقعوا ضحية للأذى عبر الانترنت هي مسؤولية مشتركة بين مجموعة متنوعة من أصحاب المصلحة، بما في ذلك منصات التكنولوجيا والآباء ومقدمي الرعاية والحكومة وإنفاذ القانون والمعلمين والمجتمع المدني – وكذلك المراهقين والشباب أنفسهم – وتلعب جميع القطاعات أدواراً مميزة، ويمكنها تطوير الانترنت ليصبح بيئة أكثر أماناً من خلال التعاون والشراكة.

يقتضي النهج الأول تزويد الأطفال بالأدوات والموارد لمساعدتهم على الإبلاغ عن التنمر عبر الانترنت أو المحتوى الضار الذي تعرضوا له، مع حماية خصوصيتهم والافادة من المساعدة المناسبة. ويجب أن يمتلك الشباب دراية ومعرفة بكيفية الاتصال بالخطوط الساخنة وخطوط المساعدة في بلدانهم التي يمكن أن تعمل نيابة عنهم لإزالة المحتوى المخالف من المنصات والخدمات، وتزويدهم بالموارد الأخرى (…). ثانياً، يجب أن نضع في اعتبارنا أن المستخدمين الأصغر سناً غالباً ما يستفيدون من دعم عائلاتهم وأولياء أمورهم ومقدمي الرعاية والأوصياء والأصدقاء والمعلمين ومن الضروري أيضاً الاستثمار في تثقيف الشباب لتطوير مهارات التفكير النقدي والتحليل لديهم لمساعدتهم على التقويم الفاعل للمخاطر والفرص عبر الانترنت. ثالثاً، يبقى دور إنفاذ القانون مهم أيضاً أخيراً، مع الإشارة إلى أن محاربة الأضرار عبر الانترنت تتطلب أكثر من أي شيء التواصل البشري الواقعي الذي يساعد الناجين بشكل كبير”.

شارك المقال