زورق الموت ينتظر غواصة أجنبية لانتشاله!

إسراء ديب
إسراء ديب

تستمرّ محاولات بعض “تجار الموت” في إعادة مشهد الهجرة غير الشرعية إلى الواجهة من جديد، حتّى بعد فاجعة غرق الزورق قبالة شواطئ مدينة طرابلس التي باتت منكوبة بعد هذه الحادثة، ولم يتردّدوا في فرض هذا المنهج المرفوض عالمياً نظراً الى خطورته وعدم ضمان نتائجه، في وقتٍ أثبتت القوى الأمنية في الأيّام الأخيرة أنّها قادرة على الحدّ من هذه الظاهرة التي لزمت مختلف الشواطئ اللبنانية هرباً من نار “جهنم” وبئس المصير المحلّي سياسياً، اقتصادياً، اجتماعياً وأمنياً.

يُمكن القول إنّ حادثة غرق الزورق، كانت أظهرت هشاشة الدّولة اللبنانية وعجزها عن مساعدة أبنائها، وفي وقتٍ كان يُمكنها انتشال جميع الضحايا لدفنهم إكراماً لأرواحهم من جهة، وسعياً الى راحة نفوس أهاليهم على الرّغم من شدّة الفاجعة من جهة ثانية، أصدرت بيانات استنكار لم تُؤدّ إلى تحرّك فاعل ميدانياً ولوجيستياً، كما ليس مستغرباً منها القيام بعرقلة أيّ خطوة مساعدة في انتشال الجرحى لأسباب وحجج لا تمتّ الى منطق الدولة بصلة.

في الواقع، اتضح بعد مرور أكثر من شهر على غرق زورق الموت، صحة توجه غواصة هندية تتسع لثلاثة أشخاص إلى مرفأ المدينة عبر إسبانيا للمساعدة في انتشال الضحايا كما الزورق. ومع أكثر من 30 جثة عالقة في عمق يصل إلى 470 متراً، (وفق قيادة الجيش التي حدّدت عمق القارب)، ستكون هذه الغواصة القادرة على الغوص إلى عمق 2500 متر، على موعد مع اكتشاف فشل القوى والقيادات اللبنانية في إدارة الدّولة وانعدام إنسانيتها، وهو لا يُعدّ اكتشافاً حديثاً، فمن يرصد فظاعة انفجار مرفأ بيروت وكيفية تعاطيها مع هذا الملف الحساس، لا يجد في موقفها مع أزمة طرابلس ما يُعتب عليه.

يُعلّق أهالي الضحايا اليوم آمالهم على هذه الغواصة الأجنبية التي كانوا يعلمون بتاريخ انطلاقها ووصولها قبل الإعلان عنها إعلامياً وافتراضياً، وذلك عبر تواصل لجنة المتابعة بشكلٍ دائم معهم على مجموعة خاصّة عبر “الواتس أب” فضلاً عن تواصل معنيين ومغتربين معهم، وبالتالي فانّ هذه الغواصة التي تحتاج إلى أيّام معدودة للوصول إلى طرابلس وأيام أخرى لإنهاء العمل، ستُساعدها القوى البحرية في الجيش اللبناني التي أتمّت استعداداتها للمساعدة في هذه العملية التي سبق أن تمّ التواصل لإتمامها مع غواصة أخرى أوروبية لا تتمكن من الغوص على عمقٍ يتجاوز الـ 400 متر، وذلك تسهيلاً للتفاصيل التقنية واللوجيستية.

ولا يعتب أهالي طرابلس على القوى الرسمية التي يرون أنّها “تفنّنت” في سرقة الأموال والخزينة لسنوات، فهم يُدركون أنّها لن تقوم بأيّة خطوة تُسهم في انتشالهم من حال الغرق في وحول الفساد، الفقر والعوز بل ستقوم كعادتها بإغراقهم أكثر في هذه البقعة المقززة التي روتها الحكومات المتعاقبة في العهود الرئاسية المختلفة وآخرها عهد جهنم، بالإهمال والغبن وعدم الاهتمام بالرفات التي قد تُشعل أيّ دولة بلاداً من أجلها، لذا لم يستغرب أي من أبناء المدينة قيام مغتربين وجمعيات خيرية بدفع ثمن العملية الذي بلغ 250 ألف دولار.

تحقيقات ومعلومات متضاربة

يُشير مرجع طرابلسيّ إلى أنّ التحقيقات لا تزال مستمرّة في قضية محقّة حتّى اللحظة، ويقول لـ “لبنان الكبير”: “وفق المعطيات فإنّ التحقيقات لا تزال سرية في وقتٍ تلتزم بعض الجهات السياسية وحتّى الشعبية بتوجيه أصابع الاتهام الى الضحايا لا إلى الجلادين الذين يقومون بتغطيتهم منذ سنوات وهم تجار الموت الذين لم يتب أيّ منهم عن أفعاله، لكن نتوقّع إقفال هذا الملف كما أُقفل غيره بعد سنوات من المماطلة”.

بعد الحديث عن احتمال إرسال غواصة لانتشال الضحايا، تضاربت معلومات حول اتجاه غواصة اسبانية لا هندية إلى طرابلس، ولفتت أخرى إلى غواصة هندية لا اسبانية، في حين نشر النائب أشرف ريفي الذي كان أكّد متابعته لهذا الملف، أنّ “الغوّاصة ستنطلق من مرفأ جزيرة تنريفي كبرى جزر الكناري في 13 حزيران، وتصل إلى لبنان في 6 تموز”، في ظلّ تأكيد منه كما من شخصيات مغتربة على إطلاع الأهالي على المستجدّات في ظلّ وجود تعاون مشترك معهم. كما أشارت الوكالة “المركزية” إلى أنّ “الغواصة spices 6 ستنطلق من اسبانيا في غضون أيام متجهة نحو لبنان”، مع العلم أنّ المعطيات تلفت إلى أنّ الشركة المصنّعة هندية لكنّها ستنقل الغواصة من إسبانيا إلى لبنان لتصل في أسرع وقتٍ ممكن.

أمّا المعلومة الثانية التي نشرها تلفزيون “الجديد” مع نشر فيديو آخر معها، فتضمّنت وصول هذه الغواصة إلى المرفأ، ما دفع المدير العام لوزارة النقل ومدير مرفأ طرابلس أحمد تامر إلى تأكيد عدم وصولها، موضحاً أن “قيادة الجيش تقوم بالتنسيق مع جهات معنية لاستقدام الغواصة من اسبانيا في مدّة أقصاها أواخر الشهر الحالي”.

شارك المقال