عميل “حزب الله” يوجه صواريخه على الداخل

رواند بو ضرغم

عاد جبران باسيل بنسخته الأصلية بعد أن تلوّن لزوم الانتخابات النيابية. هذا هو جبران باسيل الحقيقي العائد بقوته الاصطناعية، التي منحه اياها “حزب الله” بروحية استضعاف كل الفرقاء، والسعي الى كسرهم، عاملاً على قطع الجسور أمام كل مرشح لرئاسة الجمهورية، ليطرح نفسه المرشح الفعلي على أنقاض عهد عمه.

تجرأ جبران على جميع الفرقاء باستثناء “حزب الله” لا بل دغدغ استراتيجية حليفه بتحديه الأميركيين، وهجومه على من سمّاهم عملاء اسرائيل في الداخل. الا أن الواقع هو تقاسم أدوار بينه وبين رئيس الجمهورية ميشال عون، بحيث يصعّد باسيل في شأن الحدود البحرية الى حد التلويح بالحرب، ويمنح عمه الرئيس الحدود هدية للأميركيين بالانصياع الى اقتراحهم الخط 23 متعرجاً، أي حقل “كاريش” مقابل حقل “قانا”.

تقول مصادر مطلعة على أجواء لقاء الرئيسين عون ونجيب ميقاتي إن القرار اللبناني هو السير في اقتراح الأميركيين وإتمام الاتفاق معهم، و”حزب الله “غير معارض بذريعة التزامه قرار الدولة اللبنانية. لذلك تجزم المصادر بأن لا حرب في أفق الجنوب اللبناني، وخصوصاً أن الوسيط الأميركي آموس هوكشتاين سيحصل على مطلبه من الجانب اللبناني بطمس الخط 29، فيستفيد العدو الاسرائيلي من النفط والغاز، وسيبقى الجانب اللبناني يقاتل على جنس الملائكة والحصص الطائفية والمناطقية وحتى الحزبية لتقسيم الحقول والمكتسبات داخلياً.

وبذريعة الانتهاء من استقبال هوكشتاين وحل الأزمة الحدودية البحرية، تريث رئيس الجمهورية في تحديد موعد للاستشارات النيابية الملزمة، التي ترجح مصادر القصر الجمهوري أن تكون في بداية الأسبوع المقبل، الا أن الواقع الحكومي لا يبشر بالخير، فالأوفر حظاً سنياً للتكليف غير مقبول من رئيس الجمهورية الفعلي، بحيث قطع باسيل الشك باليقين بإعلانه عدم تسمية ميقاتي لتأليف الحكومة.

ووفق معلومات موقع “لبنان الكبير” فإن مرشحي باسيل لرئاسة الحكومة هما وزير الاقتصاد أمين سلام أو رئيس مؤسسة “الدولية للمعلومات” جواد عدرا، الذي تراجع لاحقاً عن ترشيحه. أما ميقاتي فهو مرشح الثنائي الشيعي اضافة الى كتلة “اللقاء الديموقراطي” وكتلة الوزير سليمان فرنجية وقدامى “المستقبل”، ما يضمن فوزه في التكليف ولكنه يستصعب التأليف لعدم رضوخه الى مطالب باسيل. لذلك فإن أغلب ظن الفرقاء السياسيين بأن حكومة تصريف الأعمال ستبقى مستمرة حتى نهاية العهد.

وعن الاستحقاق الرئاسي، وضع باسيل اللبنانيين أمام واقع انتخابه رئيساً للجمهورية، محاولاً قطع طريق الرئاسة أمام سليمان فرنجية بأن أصالته لن ترشحه للرئاسة طالما أن كتلته النيابية مؤلفة من نائب واحد، وأن التقارب المستجد لا يلغي اختلافهما على ملف الفساد وتغطية فرنجية للفاسدين، وكأن باسيل المنغمس في فساده منزّه عن هذه الآفة. كما أن باسيل قارب ملف ترشح الأقوياء لرئاسة الجمهورية على قاعدة الوصول بعضلات “حزب الله” أيضاً، من خلال طرح الانتخابات من قبل الشعب اللبناني مباشرة على مرحلتين، الأولى مسيحياً والثانية للمسلمين، وبهذا الطرح يضمن باسيل استبعاد رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع من السباق الرئاسي بأصوات الشيعة و”حزب الله” تحديداً.

باسيل الذي امتلك جرأة التطاول على الرئيس ميقاتي متهماً اياه بالكذب، وهو نفسه الذي استفز الرئيس نبيه بري باعلانه أن 17 ورقة بيضاء من كتلته صبّت جميعها اعتراضاً على وصوله الى سدة رئاسة المجلس، هو نفسه الذي يحتاج الى المكون السني لإيصاله الى رئاسة الجمهورية والى المكون الشيعي وعلى رأسه الرئيس بري. فهل تكون “القوات اللبنانية” مجدداً فتيل اشتعال لبنان وإطالة عمر جهنم وتعميق انهياره من خلال اتفاق معراب آخر تبرمه قبل الاستحقاق الرئاسي؟ من يرى النائبين جورج عدوان وابراهيم كنعان يتعانقان انتصاراً بلجنتي المال والعدل، يقول إن “القوات” و”التيار الوطني الحر” يحللان التحالف ساعة يشاءان ولمصلحتهما السياسية، ويحرّمانه عندما تقتضي الحاجة شد العصب الحزبي، فلا لبنان سيكون قوياً ولا الجمهورية ستقوى في ظل عقلية مبرمجة على الالغاء والتحرير عالقطعة السياسية.

شارك المقال