ارتفاع متزايد للتضخم حول العالم

حسناء بو حرفوش

يستمر التضخم بالارتفاع في الولايات المتحدة وحول العالم، حسب تقرير في موقع Pew Research Center للأبحاث. ووفقاً للتقرير، “قبل عامين ومع سقوط ملايين الأشخاص بين براثن البطالة ومكافحة محافظي البنوك المركزية والسياسيين لإخراج الاقتصاد الأميركي من الركود الناجم عن الوباء، بدا التضخم وكأنه فكرة عابرة، لكن مع ذلك، وبعد مرور عام وانخفاض معدل البطالة استمرت معدلات التضخم بالارتفاع مقارنة مع ما كانت عليه منذ أوائل الثمانينيات. وهذا ما دفع بمسؤولي إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن الى إعادة حساباتهم.

وحسب آخر تقرير صادر عن مكتب إحصاءات العمل في الولايات المتحدة، بلغ معدل التضخم السنوي في أيار 8.6٪ وهو أعلى مستوى له منذ العام 1981 وفقاً لمؤشر أسعار المستهلك. وأظهرت مقاييس التضخم الأخرى أيضاً زيادات كبيرة خلال العام الماضي أو نحو ذلك، ولكن ليس بالقدر نفسه مثل مؤشر أسعار المستهلك.

وكان التضخم في الولايات المتحدة منخفضاً نسبياً لفترة طويلة لدرجة أن الزيادات السريعة في الأسعار، ربما بدت بالنسبة الى أجيال كاملة من الأميركيين، وكأنها من بقايا الماضي البعيد. وبين بداية العام 1991 ونهاية العام 2019، بلغ معدل التضخم السنوي نحو 2.3٪ شهرياً، وتجاوز 5.0٪ أربع مرات فقط. واليوم، يعتبر الأميركيون أن التضخم يشكل أكبر مشكلة في البلاد، وأعلن بايدن أن معالجة المشكلة هي أولويته المحلية القصوى.

لكن الولايات المتحدة ليست المكان الوحيد الذي يعاني فيه الناس من أزمة تضخمية. فقد خلص التحليل الذي أجراه مركز Pew للأبحاث لبيانات من 44 اقتصاداً متقدماً إلى أن الأسعار في جميع هذه الاقتصادات تقريباً ارتفعت بصورة كبيرة منذ فترات ما قبل الجائحة.

وكان متوسط ​​معدل التضخم السنوي في 37 من هذه الدول الـ 44، في الربع الأول من هذا العام ضعف ما كان عليه في الربع الأول من العام 2020 على الأقل، حين بدأ كورونا انتشاره المميت. وبلغ التضخم في الربع الأول أكثر من أربعة أضعاف مستوى العامين السابقين في 16 دولة. ومن ضمن البلدان التي خضعت للدراسة، سجلت تركيا أعلى معدل تضخم في الربع الأول من العام 2022: بنسبة 54.8٪، وكانت شهدت ارتفاعاً في معدلات التضخم لسنوات، لكنها قفزت في أواخر العام 2021 حين اتبعت الحكومة سياسات اقتصادية غير تقليدية، مثل خفض أسعار الفائدة بدلاً من زيادتها.

وشهدت دول أخرى زيادات كبيرة جداً في التضخم بين العامين 2020 و2022 مثل إيطاليا، التي فاقت الزيادة نحو عشرين ضعفاً في الربع الأول من العام 2022 مقارنة بعامين سابقين (من 0.29٪ إلى 5.67٪)؛ وسويسرا، التي ارتفع فيها التضخم من -0.13٪ في الربع الأول من العام 2020 إلى 2.06٪ في الفترة نفسها من هذا العام؛ واليونان التي تختبر ما يعرف باضطرابات اقتصادية، فبعد الانهيار الوشيك لاقتصادها في منتصف العام 2010، شهدت البلاد عدة سنوات من التضخم، بما في ذلك أكثر من نوبة من الانكماش، بدأت الأخيرة خلال الربيع والصيف الأول من الوباء. ومع ذلك، ارتفعت الأسعار منذ ذلك الحين: بلغ معدل التضخم السنوي في اليونان 7.44٪ في الربع الأول من هذا العام، أي ما يقرب من 21 ضعفاً عما كان عليه قبل عامين.

وبلغ متوسط ​​التضخم السنوي في الولايات المتحدة في الربع الأول من هذا العام أقل بقليل من 8.0٪، وهو أعلى معدل بين 44 دولة تم فحصها، كما بلغ فيها معدل التضخم في الربع الأول أربعة أضعاف مستواه في الربع الأول من العام 2020. وبغض النظر عن المستوى المطلق للتضخم في كل بلد، تظهر معظم الاختلافات النمط الأساسي نفسه: مستويات منخفضة نسبياً قبل انتشار جائحة كورونا في الربع الأول من العام 2020؛ ومعدلات ثابتة أو هابطة لبقية ذلك العام وحتى العام 2021، وقلصت الحكومات بشكل حاد معظم النشاط الاقتصادي مع مكافحة العالم للعودة إلى الطبيعة.

ولكن هناك استثناءات لهذا النمط العام من الانخفاض والاندفاع. ففي روسيا، على سبيل المثال، ارتفعت معدلات التضخم بشكل مطرد طوال فترة الوباء قبل أن ترتفع في أعقاب غزو أوكرانيا. وفي إندونيسيا، انخفض التضخم في وقت مبكر من الوباء وظل عند مستويات منخفضة، بينما واصلت اليابان صراعها المستمر منذ سنوات مع معدلات تضخم منخفضة للغاية”.

شارك المقال