نواب طرابلس في دار الفتوى: دلالات سياسية وطائفية وصدام في قضية الشيخ الحموي!

إسراء ديب
إسراء ديب

استطاع الاجتماع الذي جمع معظم نواب طرابلس مع القائم بمهام مفتي طرابلس والشمال الشيخ محمّد إمام في دار الفتوى في طرابلس، جذب الانتباه ولفت أنظار الأوساط السياسية والشعبية في المدينة، إذْ قد يُخيّل للبعض أن هذا الاجتماع هو عادي وروتيني، لكن في الواقع يُعدّ هذا الاجتماع مهمًا وضروريًا ويعكس دلالات سياسية وطائفية جمعت نواب المدينة على الرّغم من غياب النواب: جهاد الصمد، أحمد الخير، كريم كبارة.

وتُشير معطيات “لبنان الكبير” إلى أنّ هذا الاجتماع الذي جمع نواب الفيحاء، لم يكن الأوّل من نوعه فقد سبق أن اجتمع بعضهم في مسجد السلام، وذلك برسالة واضحة تُذكّر بتفجيريّ التقوى والسلام، في استهداف واضح للنظام السوري حينها. أمّا عن اجتماع دار الفتوى الذي يُعدّ أساسيًا ونقطة فاصلة في مسيرة هؤلاء النواب شعبيًا، فيُمكن القول، أنّهم لن يكتفوا بهذا الاجتماع فحسب، بل ستستمر الاتصالات واللقاءات التي تجمعهم لا سيما في وقتٍ يتحدّث فيه خبراء عن “تشتّت سنيّ” واضح داخل السياسة اللبنانية، في ظلّ غياب أقطاب سياسية بارزة محلّيًا، وفي وقتٍ يرتفع فيه صوت المواطن الطرابلسيّ الذي يُطالب بحقوقه المسلوبة منه، وهذا ما يُفسر تدخل بعض الفئات الطرابلسية لمواجهة بعض النواب الموجودين في الدار، ولا سيما في ما يتعلّق بقضايا ترتبط بمدينتهم، وآخرها قضية توقيف الشيخ بلال الحموي.

وتلفت المعطيات أيضًا إلى أنّ الاجتماعات المتكرّرة التي سيقوم بها النواب، لن تضرّ المدينة أو تنفعها كما يتوقّع البعض، لكنّها تُعدّ خطوة مثمرة في ظلّ وقوع المدينة لسنوات تحت قبضة بعض السياسيين الذين فرّقتهم السياسة وأبعدتهم عن مدينتهم التي كانت تحتاج إليهم. لكن في ظلّ الأزمات المعيشية التي يرزح الطرابلسيون تحت وطأتها، ينتظر المواطنون اليوم ما يُشبه “خلية الأزمة” أو على الأقلّ اجتماعات دورية، أسبوعيًا أو شهريًا، للدراسة والبحث في الأزمات التي يُواجهها الطرابلسيون وترتبط ارتباطًا وثيقًا بأوضاعهم كالمولّدات الكهربائية التي سبق أن قام بعض النواب بتحرّكات أوّلية لهم، لمحاربة “مافيا” المولّدات كلقاء طارئ أجري بين النائبين كريم كبارة ورامي فنج للبحث في أسعار المولّدات، ومع لقاء آخر أجراه النائب إيلي خوري مع المحافظ رمزي نهرا للضغط في تنفيذ قانون المولّدات والعدّادات.

في الواقع، إنّ مشاركة بعض نواب طرابلس في اجتماع دار الفتوى قد تُؤدّي الى أكثر من خيار لجهة: توجيه رسالة واضحة عبر دار الفتوى إلى كلّ ما من شأنه أن يُؤدّي إلى الحديث عن اختلال سنيّ وسياسي طرابلسي، ورسالة أخرى تلفت إلى مواجهة هذه الطبقة الجديدة كلّ “المطبّات” التي واجهتها بعد انتهاء الاستحقاق الانتخابي، أولها قضية النائب السلوم بعد الاحتفالات بفوزه في جبل محسن والحديث عن الضغط لتقديمه الاستقالة حينها، وصولًا إلى الحديث عن الطعن الانتخابيّ الذي أقدم عليه النائب السابق فيصل كرامي الذي لم يتقبّل حتّى اللحظة فكرة خسارته في الانتخابات وحجم التوتر الذي أحدثه هذا الطعن بينه وبين النائبين: رامي فنج وإيهاب مطر اللذين حضرا إلى الاجتماع أيضًا الذي يضمن شرعية ولو “جزئية” سنيًا وسياسيًا لكلّ الحاضرين بعيدًا عن شرعية “القيل والقال”.

كما لا نغفل عن قلق النواب أخيرًا، من انفجار شعبيّ طرابلسي قد يكون “مدوّ” مع شدّة الأزمة وهو انفجار يفتح الأمور على احتمالات عدّة سياسيًا وأمنيًا قد لا تُحمد عقباها، مما يُعطي أهمّية كبيرة لهذا الاجتماع بطابعه السنّي والمناطقي الذي يستفيد منه النواب للتخفيف من حدّة التوترات التي قد تُقبل عليها المدينة التي تعيش فوضى “خلاقة” ولا سيما خلال الأشهر القليلة الماضية. 

الشيخ الحموي وغضب شعبي

لا يُمكن إخفاء أنّ قضية الشيخ الحموي قد أثارت جدلًا واضحًا في الساعات الأخيرة، إذْ يرى الطرابلسيون أنّ توقيفه قرار ظالم ومستهجن، كما تستغرب الجهات الدينية هذا التوقيف الذي “يستهدف دائمًا أهالي طرابلس، بدلًا من التركيز على كيفية مساعدتها وإنمائها، أو على الأقلّ تسويتها بمدن أخرى”.

وكان قد نُشر على صفحة الشيخ الحموي خبرًا صدم متابعيه جاء فيه: “توقيف الشيخ بلال الحموي في المحكمة العسكرية لأسباب مجهولة أسأل الله أن يفكّ أسره وجميع المظلومين”، ووفق المتابعين فإنّ الحموي “لم يُستدع أساسًا إلى التحقيق، وجاء توقيفه صادمًا ومفاجئًا”، الأمر الذي أثار موجة غضب واسعة دفعتهم إلى المشاركة في اعتصام في ساحة النور بعد صلاة الجمعة كدعوة تضامنية دفعتهم إلى التواجد في ما بعد في دار الفتوى تزامنًا مع الاجتماع الذي عقد بعد الظهر.

وكان الشيخ نبيل رحيم أصدر بيانا دان فيه عملية التوقيف “العجيبة الغريبة”، جاء فيه: “الظلم بحق طرابلس مستمر على كافة الأصعدة الصحية والإنمائية والاقتصادية والتربوية وتكلّمنا في ذلك مرارًا وتكرارًا ولكن لا تسمع للمسؤولين همسا… وآخر الظلم توقيفات تطال شباب طرابلس بطريقة عجيبة غريبة، فبينما الشيخ بلال الحموي لم يستدع إلى التحقيق عند أي جهاز ولا أي محكمة وكان يحضر جلسة له في المحكمة العسكرية بقضية قديمة وهو مظلوم فيها أصلا، تم توقيفه بملف جديد لا ناقة له فيه ولا جمل…”.

وختم رحيم: “نشكو إلى الله ضعفنا وتفرقنا وتشرذمنا وظلم الظالمين علينا وتخاذل المتخاذلين وتآمر الزعماء المحسوبين علينا الذين لا همّ لهم إلا مصالحهم وثرواتهم”.

وفي حديث مع “لبنان الكبير”، يُشدّد رحيم على الظلم الذي يلحق بالطرابلسيين وشبانها ولا سيما في الفترة الأخيرة، ويقول تعليقًا على القضية القديمة أو الجديدة التي ذكرها في بيانه: “الموضوع القديم فيكمن في استهداف القوى الأمنية والجيش اللبناني منذ 3 أعوام من قبل عبد الرحمن مبسوط الذي قتل، وألقي القبض على حوالي 40 شخصًا حينها منهم بلال الحموي الذي يُحاكم بهذه القضية، لكن لا علاقة له بالموضوع لا من قريب أو من بعيد، فكان يتوجه إلى المحكمة كّلّ فترة، أمّا القضية الجديدة فتكمن في ذكر شخص موقوف منذ حوالي 4 أو 5 أشهر، اسم الحموي في ملف توجه الشباب الطرابلسيين إلى العراق، لكن وفق المعلومات فإنّ الحموي لم يُستدع لا من أيّ جهاز أمني، قاض أو محكمة، وتمّ توقيفه فجأة”.

شارك المقال