الانتخابات الرئاسية في مهب الرياح الأوكرانية

فاطمة حوحو
فاطمة حوحو

لبنان أمام وضع خطير، فكل المؤشرات توحي بأن الفراغ في الرئاستين الثالثة والأولى تحصيل حاصل، وهناك حديث في الكواليس السياسية عن الوجهة التي يجب السير بها للتوافق على رئيس حكومة، لكن النجاح في التكليف لا يعني النجاح في التأليف، فهناك “حشرة” المدة الزمنية التي ستنهي ولاية “العهد القوي” الذي أحرق اللبنانيين في نار جهنمه، ولم يحقق أي إنجاز.

في أواخر آب من المفترض أن تدخل البلاد في معركة الانتخابات الرئاسية، والتوافق على رئيس جديد وفقاً لتسوية داخلية وإقليمية برعاية دولية كما يحصل دائماً، في ظل فراغ حكومي على الرغم من محاولات البعض إنتاج حكومة، لكن اليوم بحسب مصادر متابعة لا يمكن لهذا السيناريو أن يتحقق، “فالتسوية لا بد من أن تـأخذ في الاعتبار ما يجري في الخارج، حيث باتت خارطة التسويات محكومة بالمعالم الجيوسياسية الجديدة إنطلاقاً من الحرب في أوكرانيا، وربطاً سيكون قطار التسويات متأثراً بنتائجها، فروسيا مستنزفة وهناك سعي من الغرب الى تحجيمها وهو أمر سينعكس سلباً على حلفائها في إيران وسوريا مروراً بالعراق واليمن ولبنان. وسيكون السعي إلى إيجاد مخرج حقيقي لرئاسة الجمهورية مرتبطاً بهذه بالتطورات. فالسياسة والتحالفات التكتيكية والمصالح المالية مترابطة، ويمكن أن تنتج تسوية ويكون هناك مرشح توافقي يدير الأزمة ست سنوات أخرى بما يحفظ وجود هذه الدول ومصالحها كما حصل عندما سمح وضع حزب الله بفرض الرئيس ميشال عون على لبنان، وبالتالي طوال عهده كان اللبنانيون يدفعون الفاتورة، ومن يتذكر تصريح النائب نواف الموسوي آنذاك بأن عون جاء رئيساً بفضل بندقية حزب الله يدرك أنها لم تكن زلة لسان بل رسالة مقصودة”.

لكن هذه المصادر رأت أن “لبنان اليوم أمام معادلات مختلفة، فليست هناك أكثرية لصالح حزب الله، كما كان عليه الحال في برلمان قاسم سليماني، على الرغم من الصورة التي حاول الحزب أن يعطيها للرأي العام من أنه يتحكم بالأكثرية التي ستعمل على إبقاء الرئيس نجيب ميقاتي رئيساً للحكومة، أي هو يقول لا حكومة لا تنفذ شروطه والتفاوض على فرض مرشح جديد يحصل اذا نفذت مطالبه، لكن على الأرض يختلف الموضوع. في السابق حصلت تسوية حول الملف النووي، وفرضت التسوية في لبنان بإختيار ميشال عون رئيساً، وبالتالي كل الذين مشوا في خيار عون أو إعترضوا عليه لم يكن أمامهم سوى التسليم بالأمر الواقع، ولا بد من رؤية كيف تعامل حزب الله مع ترشيح سليمان فرنجية، إذ طلب منه السيد تسويق نفسه دولياً على أن يدعم هو الاتفاق الذي يتوصل إليه. ومن هنا القول بأن الوضع الداخلي اللبناني ووضع حزب الله في لبنان وفي الاقليم في حالة تراجع، وإيران فقدت القدرة على فرض شروطها أو تعطيل أي توافق، فالوضع الخليجي اليوم في المنطقة مختلف وفي لبنان أقوى بكثير، والدور السعودي لم يعد كما كان عليه في الأعوام السابقة، وهم يحصّنون موقفهم السياسي بعدم الإتكال على الآخرين، أو اعتماد أسلوب المقاطعة”.

من هنا، بحسب المصادر “لن يستطيع حزب الله الذهاب في خيار جبران باسيل رئيساً وقام بأقصى ما يمكن أن يقوم به من أجل إبقائه في السلطة وحتى لا ينتهي سياسياً وينتهي وجوده في المجتمع المسيحي خلال الانتخابات النيابية، فجبران يعاني على الرغم من جهود عون لتعبيد الطريق له نحو بعبدا، ومنها عملية الترسيم التي حاول من خلالها فك أسر جبران في المجتمع الدولي وتخليصه من العقوبات. لكن الجميع في الغرب والشرق قالوا كلمة أساسية، انه بإنتهاء ولاية عون سيخرج جبران وفريقه من القصر، وستحصل مساومات وتسويات مع المعنيين، وقد ظهر على الصعيد المسيحي في بورصة الأسماء المقترحة للرئاسة الكثير، وهناك دول تحاول الوقوف وراء مرشحين وتسعى الى إيجاد توافقات كاملة مع اللبنانيين. ومن الأسماء المطروحة نقيب المحامين في بيروت ناضر كسبار وسمير عساف الخبير الاقتصادي والمالي المقرب من الرئيس الفرنسي، وهناك نعمة افرام وشخصية أخرى باتت تهدد باسيل وفرنجية وتحظى بتوافق هي قائد الجيش جوزف عون الذي قام بعمل كبير في موضوع مكافحة عصابات مافيا المخدرات في البقاع وعدم الخضوع لحزب الله ولقراراته في دويلته، اذ تخطى الحدود المرسومة واستطاع أن يقلب الطاولة في وجه الحزب ويمارس مهامه الوطنية وهذا ما يزعج حزب الله وباسيل كثيراً”.

ولفتت المصادر الى تغريدة النائب السابق فارس سعيد عبر “تويتر” منذ يومين وقال فيها: “اذا انتقل لبنان الى الفراغ الرئاسي للمرّة الثالثة كما حصل بعد نهاية عهد الرئيسين إميل لحود وميشال سليمان فسيأتي من يقول فلنستحدث موقع نائب رئيس للجمهوريّة يحلّ مكان الرئيس في حال حصل الفراغ. انتخبوا رئيساً اليوم قبل الغد”.

وفسرت المصادر أن “عدم الانتخاب والمناكفة السياسية اللذين يفرضهما حزب الله بواسطة جبران أو معاونيه من الإعلاميين والسياسيين، سيكونان على حساب الطائفة المارونية التي تفشل مرة ثالثة في عملية إنتخاب رئيس للجمهورية، مما يعني فراغاً رئاسياً، وهذا الفراغ حصل سابقاً بسبب حزب الله وعون نفسه عندما خرج الرئيس ميشال سليمان وجرى القبول بالتوافق مع عون على استمرار العملية الديموقراطية، لكن عون جاء لينفذ أجندة ويدفع الفاتورة لمن حماه. وقد إقتربنا من المرحلة التي تبشر بخروج عون من القصر الرئاسي خلال مدة لا تتجاوز الثلاثة أشهر بحيث عليه بعدها ضبضبة أغراضه من القصر، إلا إذا أراد التمرد وأخذ البلاد من جديد إلى نوع من الإنقسام ووضعها أمام مشكلة جديدة شبيهة بما حصل في العام 1988، لكن عمر عون لا يسمح له بالبهلوانيات والتفرد”.

واعتبرت هذه المصادر أن “تعيين نائب للرئيس معناه أن يكون بأمرة الثنائي وممثلاً له، وسوف تطبخ الطبخات التي يعدها الرئيس ويقول هذه هي الديموقراطية”.

شارك المقال