أوكرانيا: استمرار حرب الاستنزاف والمعنويات أساس النصر

حسناء بو حرفوش

أوكرانيا تربح الحرب على الرغم من أن الرئيسين الأميركي جو بايدن والأوكراني فولوديمير زيلينسكي لا يعترفان بذلك، وعلى الرغم من استحالة تسليم الرئيس فلاديمير بوتين بهذا الاحتمال، حسب قراءة على موقع “نيوزويك” الأميركي.

ووفقا للمقال، “مضى على الحرب الروسية ضد جارتها الأصغر 120 يومًا. وهي كناية عن غزو من الطراز القديم سادت فيه التوقعات بأن تفوز الآلة العسكرية الروسية، المخيفة بأعدادها والمدعومة بقاذفات ذات قوة لا يمكن تصورها وصواريخ حديثة وجميع تجهيزات الحرب الإلكترونية، في غضون 72 ساعة. لكن على الأرض بدا الوحش الضخم سيء القيادة وسيء التدريب، حتى بات التوقع أن تستمر الحرب لسنوات. ومع ذلك ، على الرغم من النكسات، بقيت الفكرة السائدة إلى حد ما أن روسيا القوية ستنتصر حتمًا على أوكرانيا الأضعف.

لكن هذا ما لن يحصل (…) ومع ذلك، نادرًا ما يريد أي كان أن يقول إن روسيا قد خسرت. يتعين على الرئيس الأوكراني زيلينسكي، اليائس للحصول على دعم خارجي وعلى المزيد من الأسلحة أن يبقي التوتر مرتفعًا، خشية من تبدد كل الإلحاح والاهتمام. يتحدث الرئيس بايدن ورفاقه من القادة الغربيين عن الدفاع عن الحرية والديموقراطية، وعن التهديد المتزايد لأوروبا والعالم الحر، وعن حتمية اتباع الصين لمثال بوتين، للحفاظ على روح “القومية”. الأمن “على رأس جدول أعمال الجميع. ومن الواضح أن بوتين لا يستطيع الاعتراف بذلك، فهو مصمم بنفس القدر على البقاء في السلطة وتجنب الإذلال وخطر الهزيمة.

بوتين لا يحفز القوات بل هو يرسلهم. منذ أسابيع، عكفت أوكرانيا على نشر مقتطفات من المحادثات التي تم اعتراضها بين هؤلاء الجنود المتواضعين وأولياء أمورهم وأحبائهم في الوطن. يشكو الجنود من عدم وجود معلومات ولا دعم. يرتبكون في وجهة الحرب وأهدافها. لا يسمح لهم بأخذ استراحة من القتال ولا يمتلكون ما يكفي من الأدوية أو الأطباء.

تقول المخابرات البريطانية إن المعنويات سيئة للغاية وأن روسيا تعاني من “خسائر فادحة في الأرواح وضغوط قتالية واستمرار لسوء الخدمات اللوجيستية ومشاكل في الأجور”. ومن المحتمل أن تحد المشاكل المعنوية في القوة الروسية من قدرة روسيا على تحقيق أهداف عملياتية. وكان الأدميرال توني راداكين، قائد القوات المسلحة البريطانية أكثر صراحة. وقال إن “روسيا لن تسيطر على أوكرانيا أبدا (…) بل ربما تفشل. ربما تكون قد حصدت بعض النجاحات التكتيكية خلال الأسابيع القليلة الماضية. وقد تستمر بالفوز في الأسابيع القليلة المقبلة. لكنها تخسر.”

وقال الرئيس زيلينسكي الأحد الماضي بعد زيارة أخرى للجبهة: “لن نتنازل عن الجنوب لأحد. سنعيد كل ما هو ملكنا وسيكون البحر أوكرانيًا وآمنًا”. وبدوره، كتب وزير الخارجية الأوكراني دميترو كوليبا في مجلة الشؤون الخارجية هذا الأسبوع: “من غير الواقعي أن نقترح أن تضحي أوكرانيا بشعبها وأراضيها وسيادتها مقابل سلام اسمي. هذه التصريحات مبنية على فكرة أن الأوكرانيين عاجزين عن هزيمة قوات موسكو. لكن هذا المفهوم خاطئ.”

وتعرف القوات الروسية الموجودة على الأرض هذا الواقع وهم يدركون أن الأوكرانيين لن يتوقفوا عن القتال. ويصر زيلينسكي على أن كل ما تحتاجه أوكرانيا هو المزيد من الأسلحة الثقيلة، وخصوصا بنادق المدفعية والصواريخ بعيدة المدى، علما أن وزارة الدفاع أعلنت أن أوكرانيا تلقت 10 % فقط من الأسلحة التي تم التعهد بها حتى الآن. كما أكدت لجنة الأمن القومي والدفاع والاستخبارات في البرلمان الأوكراني أن البلاد تملك “ذخائر من النوع الجديد، لكننا ما زلنا نفتقر إلى الأسلحة”.

(…) الحقيقة هي أنه في الحرب الفعلية، كان عدد القوات الروسية على الأرض يفوق بكثير عدد القوات الأوكرانية، محليًا وإجماليًا. لكن الأوكرانيين أكثر حماسةً وأفضل تدريبًا وتجهيزًا، ولا سيما منذ بدأت البنادق والمعدات الغربية الوصول إلى الميدان في أيار الماضي، من المدفعية إلى الأسلحة الحديثة التي يمكنها إسقاط المسيرات. ولا شك أن هناك نكسات في أوكرانيا. فالمعارك تحولت لحرب استنزاف أكثر من أي شيء آخر.

وفي غضون ذلك، نجح بوتين في إخفاء الإخفاقات الجسيمة لغزوه عن الجمهور. لكن من الصعب إخفاء حقيقة أن روسيا تفقد أعدادًا هائلة من القتلى والجرحى. وهذا الأسبوع، وضع وزير الدفاع الأوكراني أوليكسي ريزنيكوف في مقابلة مع “سي أن أن” استراتيجية كييف ذات المراحل الثلاث لهزيمة روسيا والتي تقوم على تحقيق الاستقرار في الجبهة لمنع المزيد من الخسائر للمدفعية الروسية والصمود حتى وصول أسلحة غربية كافية لتحويل المد بشكل حاسم في اتجاه أوكرانيا. ثم، دفع القوات الروسية إلى مواقعها قبل الغزو، والسيطرة موقتًا على أوكرانيا بأكملها. ثم تأتي المرحلة الثالثة، حيث تنضم أوكرانيا إلى المحادثات مع موسكو. قد تستغرق الحرب سنوات، لكن الفوز سيكون حليف أوكرانيا”.

شارك المقال