المقاطعة المسيحية… هل تنعكس على انتخابات الرئاسة؟

هيام طوق
هيام طوق

طويت صفحة التكليف لتفتح على مصراعيها معركة التأليف التي بحسب الخبراء والمراقبين ستكون متعثرة ومكبّلة بالشروط والشروط المضادة، ما يعني أن حكومة تصريف الأعمال مستمرة الى ما بعد نهاية العهد الحالي على الرغم من أن أوساط الرئيس المكلف نجيب ميقاتي تؤكد لـ “لبنان الكبير” أن هناك جهوداً فعلية وحقيقية نحو التأليف خصوصاً أن كتلاً كبرى لم تسمّ ميقاتي وعدت بعدم العرقلة كما أن الأجواء ايجابية مع رئيس الجمهورية .

وحدّد موعد الاستشارات لتشكيل الحكومة التي يجريها الرئيس المكلف مع الكتل والنواب يومي الاثنين والثلاثاء المقبلين مع ترجيح أن يقدم تشكيلته الى الرئيس ميشال عون خلال أسبوع على أبعد حد، وتأخذ في الاعتبار متطلبات المرحلة المعقدة والتغيير على مستوى المجلس النيابي.

وبغض النظر عن التحليلات الكثيرة حول مشهد الاستشارات النيابية أول من أمس والتي أوحت بأن زمن الأكثريات الوازنة قد ولّى مع عدم قدرة الأكثرية الرابحة في الانتخابات النيابية على توحيد صفوفها في الاستحقاقات من رئاسة المجلس الى نائب الرئيس الى أعضاء اللجان وصولاً الى عدم التوافق على اسم واحد للتكليف، بدا لافتاً خيار “اللاتسمية” من القوى المسيحية خصوصاً الكتلتان الكبريان “لبنان القوي” و”الجمهورية القوية” بحيث حصل ميقاتي على تسمية 13 نائباً مسيحياً، 15 نائباً من السنّة (من أصل 27) و26 نائباً من الشيعة (من أصل 27)، في حين أن الصوت الدرزي ذهب لصالح السفير السابق نواف سلام (6 من كتلة “اللقاء الديموقراطي”).

إذاً، تستكمل مسيرة الاستحقاقات الدستورية الواحدة تلو الأخرى، فبعد أن جرى انتخاب رئيس المجلس النيابي من دون أن يحظى بأصوات كتلتي “القوات” و”التيار الوطني الحر”، تكرر السيناريو نفسه في الاستشارات النيابية بحيث أن نواب الكتلتين لم يسمّوا شخصية للتكليف ليس لأنهم يلتقون عند مقاربة واحدة للاستحقاق بل انطلقوا من خلفيات وأهداف متباعدة، أوصلتهم الى الخيار عينه. وبالتالي، مقاطعة مسيحية على مستوى رئاسة المجلس وعلى مستوى رئاسة الحكومة ما دفع الكثيرين الى التساؤل: ألم يجد المسيحيون شخصية سنية لديها الكفاءات اللازمة لتسميتها لتشكيل الحكومة؟ وماذا لو طبّق النواب السنّة والشيعة خيار المقاطعة على انتخابات رئاسة الجمهورية؟ وما هي الرسالة التي أراد إيصالها الرئيس ميقاتي حين قال: “اذا لم تؤلف حكومة جديدة فالحكومة الموجودة مكتملة المواصفات”؟

رأى نائب رئيس مجلس النواب السابق إيلي الفرزلي أن ما قاله رئيس الحكومة المكلف في الشأن الحكومي يعني به “بث الطمأنينة في النفوس وعدم التخوف من الفراغ”، لافتاً الى أن “ميقاتي سيحاول تشكيل حكومة لكن في حال لم تتألف بسبب العقبات المعروفة كاشتراط النائب جبران باسيل الحصول على وزارتي الطاقة والخارجية، كيف يمكن أن يلبي الرئيس المكلف ذلك؟ وبالتالي، في حال حصلت هذه العقبات أمام التشكيل، يحاول ميقاتي أًن يخلق نوعاً من الطمأنينة في البلد”.

واعتبر أن “تسمية شخصية للتكليف من عدمها حق لأي طرف، لكن عدم التسمية يعتبر خطوة ايجابية باتجاه الرئيس ميقاتي وباتجاه اعلان الاستعداد للمشاركة في الحكومة”، مؤكداً “أنا مع التسمية وضد عدم التسمية”.

ولفت الى أن “من حق النواب السنّة مقاطعة أو عدم تسمية أي اسم لموقع رئاسة الجمهورية، لكن هذا ان دلّ على شيء فانما يدل على أن المعنيين يلعبون بالصحة الوطنية . الحالة الصحية على المستوى الوطني غير موجودة خصوصاً أن الزعامة السنية المتمثلة بالرئيس سعد الحريري الذي يمثل النسبة الأكبر من السنّة في لبنان غير متوافرة. وبالتالي، هناك حالة تفتت وتشتت وتناقض”.

وقال الفرزلي: “الثورة لم تقدم ولم تؤخر في شيء. انه الفشل الكبير، اذ أنها نجحت في الاتيان بوجوه جديدة ما كانت لتظهر لو كان الرئيس الحريري خاض معركة انتخابية، لكن نأمل أن يقوم هؤلاء بشيء لأنهم حتى الآن لم ينجحوا في رئاسة المجلس واللجان ولا في موضوع رئيس الحكومة”.

أما الوزير السابق فارس بويز، فأوضح أن “حكومة تصريف الأعمال حددها الطائف بالمعنى الضيق الا أنها تبقى مطاطة طبقاً لحاجة البلاد، فاذا اقتضت الحاجة أن تتخذ هذه الحكومة قرارات انقاذية ضرورية فهي ستقوم بذلك. وكلام الرئيس المكلف يعني أنه اذا استحال تأليف الحكومة، فستبقى حكومة تصريف الأعمال مكتملة الصلاحيات”، معتبراً أن “هذا الكلام موجه الى الفريق الذي يظن الرئيس المكلف أنه سيعرقل تأليف الحكومة اعتقاداً منه بأنه يبقي البلاد في فراغ. وهذا ما يؤثر على موضوع الرئاسة وتسليم رئاسة الجمهورية لاحقاً. كلام الرئيس المكلف في هذا الاتجاه”.

وأشار الى أن “تصريف الأعمال حسب اتفاق الطائف هو تصريف أعمال بالمعنى الضيق. والضيق يعني تلبية حاجات البلاد الضرورية أي أنه في حال كان من الضروري اتخاذ أي قرار، فالحكومة يمكن أن تتخذه، ما يعني أن الضرورات تبيح المحظورات”.

وقال: “رئيس الحكومة المكلف يطرح هذا الموضوع رداً على كلام البعض المعرقل تأليف الحكومة لكن في كل الأحوال اذا تعرقل التأليف، فتبقى حكومة تصريف أعمال ولا يمكن القول إن هناك فراغاً. هذا هو الهدف من الكلام”.

أضاف: “عدم انتخاب رئيس مجلس نيابي كما عدم تسمية رئيس حكومة أمر غير طبيعي لأن في السياسة هناك مبدأ يقول إن الحلول ولو كانت ناقصة أفضل من لا حلول. عدم التسمية يعني أننا لا نريد حكومة؟ هذا أمر مستحيل. لا بد أن يكون أحد أفضل من غيره حتى لو لم يكن الرئيس المكلف عظيم”.

شارك المقال