الترسيم والاستحقاقات… وعودة التفاوض ثالثهما

هيام طوق
هيام طوق

أسبوعان حاسمان في التأليف الحكومي وفي الترسيم البحري الحدودي بحيث من المتوقع أن يرد الوسيط الأميركي آموس هوكشتاين قريباً على الطرح اللبناني بعد أن اجتمع مع طاقم المفاوضات الاسرائيلي عبر الفيديو في هذا الشأن، والمسؤولون اللبنانيون في هذه الأجواء، وينتظرون الجواب السلبي أو الايجابي لاتخاذ الموقف المناسب وسط تساؤلات عما إذا كان لبنان جاهزاً لأي تحدّ في المرحلة المقبلة الصعبة. وتشير بعض المعطيات الى أن الجواب من الجانب الاسرائيلي ليس مؤكداً حتى الساعة بعد التعقيدات التي استجدت على المستوى السياسي.

أما مسار التأليف الذي يواجه عراقيل كثيرة منها شروط الحصص الوزارية، وشكل الحكومة ان كان سياسياً أو غير سياسي، ومن سيشارك فيها من القوى والأطياف بحيث أن بعض الكتل يفضل عدم الدخول في آخر حكومات العهد، فتشير مصادر رئيس الحكومة المكلف لـ “لبنان الكبير” الى أنه يسعى الى أن تتمثل كل الأطياف في التشكيلة الجديدة لأنه في حال حصل الشغور الرئاسي، فإن صلاحيات الرئيس ستناط بالحكومة إذا كتبت لها الولادة .

وإذا كانت الدفة تميل لصالح عدم التشكيل لاعتبارات عدة منها الشروط التي يضعها النائب جبران باسيل على الرئيس المكلف في الحصول على وزارات وازنة كالخارجية والطاقة وسط شروط مضادة من قبل قوى أخرى بعدم إسناد هاتين الحقيبتين خصوصاً الى “التيار الوطني الحر” وفق ما قاله مصدر نيابي لـ “لبنان الكبير”، فان خيار عدم التشكيل والاستمرار بحكومة تصريف الأعمال، يبقى أهون الشرّين مع تعديلات في بعض الوزارات في الفترة القليلة المتبقية قبل الاستحقاق الرئاسي وسط تخوف الرئيس ميقاتي من الوقوع في فخ التعديلات التي قد لا تنتهي. وفي المحصلة، فإن الرئيس المكلف سيستخدم القطار السريع في تشكيلته الحكومية لعرضها على رئيس الجمهورية في أقصى سرعة مع توقع عدم قبولها لأن ميقاتي لا يزال على موقفه من عدم تلبية مطالب باسيل، ليعود الى حكومة تصريف الأعمال ومحاولة إنجاز بعض الملفات الملحة.

وسط هذه الضبابية الحكومية التي من المتوقع أن تنكشف خلال أسبوع أي بعد عرض لائحة ميقاتي الوزارية على رئيس الجمهورية، تتحدث معلومات عن أن كل الاستحقاقات إن كان على صعيد تأليف الحكومة أو انتخاب رئيس جديد للجمهورية مرتبطة بملف الترسيم البحري، بحيث أنه على الرغم من أن هذه الملفات تبدو من حيث الشكل داخلية ولبنانية مئة في المئة إلا أن مسار التفاوض يشكل عامل ضغط على المسؤولين لناحية التعاطي الدولي مع لبنان والمساعدات المنتظرة لبدء التعافي، وبالتالي، في حال تعقد ملف الترسيم ستتعقد الاستحقاقات.

أشار الوزير السابق مروان شربل الى أنه “لا يجوز ربط ملف الترسيم بالاستحقاقات الدستورية لأنه ملف لوحده. والسؤال اليوم، هل يحصل الترسيم في الفترة المتبقية من عهد الرئيس عون؟”.

ورأى النائب السابق وهبي قاطيشا أن “الترسيم قضية وطنية كبيرة ولا علاقة لها بالاستحقاقات إلا اذا كان من يعرقل الترسيم يريد بيعه مقابل شيء، والترسيم اليوم في يد رئيس الجمهورية وحزب الله، لذلك نرى تأخيراً في الملف اذ أن لكل طرف أجندته ومطالبه من الجانب الأميركي”.

وأوضح أن “الدول التي ستعطي المساعدات لم تربطها بملف الترسيم انما بالاصلاحات وببناء الدولة، والترسيم يمكن اعتباره جزءاً من الدولة، ويسهل المهمة أمام الدول المساعدة أو صندوق النقد الدولي الذي سيضمن استرجاع أمواله في حال رسمت الحدود البحرية، وأصبح لبنان منتجاً للنفط والغاز. الترسيم يسهل الأمور أكثر مما هو أساس في اللعبة السياسية”.

أما رئيس “مركز الشرق الأوسط للدراسات والأبحاث” العميد الركن هشام جابر، فلفت الى أن “لبنان ينتظر خلال اليومين المقبلين جواباً من الوسيط الأميركي”، معتبراً أن “لبنان ملفه قوي ولأول مرة يتفق اللبنانيون على موقف واحد في الترسيم، ولا نريد أن نصاب بخيبة أمل ونعود الى الدائرة الأولى”. ورأى أن “من المبكر الحديث عن أن رد الوسيط الأميركي ايجاباً أو سلباً، سيؤثر على مسار الانتخابات الرئاسية لأن لبنان سيدرس خياراته، وأمامه شهران في المسار التفاوضي اذا كان الرد سلبياً بحيث أن ذلك لا يعني اليأس والوصول الى حائط مسدود، لكن في حال طالت مرحلة التفاوض يمكن عرقلة الاستحقاق الرئاسي لفترة معينة، واذا حصل توتر، فندخل في الفراغ الرئاسي”.

وقال: “الوسيط الأميركي لم يحصل حتى الساعة على جواب من الجانب الاسرائيلي والا كان أبلغه للمسؤولين في لبنان. أنتظر عدم موافقة اسرائيل على الاقتراح اللبناني لأن تجربتنا مع الجانب الاسرائيلي لا تبشر بالخير اذ أنه يطلب الماكسيموم للحصول على الأقل ولا يطلب المينيموم ليأخذ أقل منه”. وأكد أن “اسرائيل مستعجلة على التنقيب ولا تريد حرباً لكن في الوقت نفسه الشياطين تكمن في التفاصيل”.

أضاف: “الأميركيون يقفون الى الجانب الاسرائيلي، ويريدون انهاء الملف، لذلك يضغطون على الحكومة اللبنانية للسير بملف الترسيم مع العلم أن هناك مطالب أميركية كثيرة على لبنان تحقيقها قبل أن تقدم له المساعدة، ولا شك أن أميركا تلعب دوراً في التأليف وفي انتخاب رئيس للجمهورية”.

شارك المقال